شبكة قدس الإخبارية

في ظل المصالحة.. كيف ستخوض المقاومة معركتها القادمة؟

سائد نجم

رام الله - خاص قدس الإخبارية:  في الوقت الذي تخشى فيه قيادات الاحتلال حربًا جديدة في غزة، والتي بدت مهتزة باهتزاز منازل المستوطنين على حدود القطاع بفعل حفر المقاومين أنفاقاً في العمق، بعد أن احتفظت الأخيرة بحق الرد على عملية استهداف نفق للجهاد الإسلامي قرب خانيونس أدى لاستشهاد 12 مقاوماً نهاية شهر أكتوبر، خمسةٌ منهم لا زالت جثامينهم محتجزة لدى الاحتلال.

لم تبلغ تحديات المقاومة في غزة ذروتها بقصف النفق فحسب، ليبقى التحدي الأكبر في الطريقة التي ستتبعها تجاه الاحتلال مستقبلًا، من جهة، وفي التعاطي مع ملف "المصالحة" بين حركتي حماس، وفتح التي تشترط نزع سلاح الأولى، من جهة أخرى.

وكان جيش الاحتلال قد استنفر قواته مؤخراً وأجرى مناورات على حدود قطاع غزة، تزامناً مع تهديد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بضرب غزة في حال ردت المقاومة المتمثلة -بشكل أساسي- في حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بأي عملية، والذي اعتبرته الأخيرة بمثابة إعلان حرب.

المقاومة.. بين تحدي "نزع السلاح" أو "الانتزاع من المصالحة"

بعد استشهاد 10 مقاومين ينتمون إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي واثنين من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في نفق خانيونس، والذي جاء بعد أيامٍ فقط على محاولة اغتيال فاشلة لمدير عام قوى الأمن الداخلي في غزة اللواء توفيق أبو نعيم، بدا إجماع الفصائل الفلسطينية واضح حول محاولة الاحتلال استهداف "المصالحة"، وكان لافتاً تشديد فتح على ضرورة عدم الرد، و"السلاح الواحد".

ويعرف الناطق باسم فتح أسامة القواسمي في حديثٍ لـِ "قدس الإخبارية" بأن "السلاح الواحد" هو السلاح الشرعي الذي يكون عبر السلطة الفلسطينية فقط، موضحاً في سياق الحديث حول رد المقاومة، أن حركته ترفض "التفرد بأي قرار لأي فصيل يخرج لوحده، ويجر معه الكل الفلسطيني إلى مربع الحرب مُجبَراً".

ويعتبر القواسمي أنه من أركان الوحدة الوطنية التي تقوم عليها "المصالحة" بأن يكون القرار تحت مظلة الإجماع الوطني الفلسطيني، سواء كان بالمقاومة أو السلم أو السياسة، وفي جميع القضايا.

ويوضح القواسمي أن القيادة في السلطة تقطع بذلك الطريق على الاحتلال، خاصة وأن الاحتلال يحاول الهروب من أي استحقاق سياسي في المجتمع الدولي بالذهاب إلى "المربع الأمني"، مشيراً بأن التجارب السابقة تؤكد ذلك.

ويرى القيادي في الجهاد الإسلامي خضر حبيب، خلال حديث لـِ "قدس الأخبارية" أن سلاح السلطة ووظيفته حفاظ الأمن وتنظيم الأمور الداخلية، أما سلاح المقاومة فهو لردع الاحتلال فقط، وهو منضبط وشرعي غير منفلت، مشيراً إلى أن محاولة إيجاد تناقض بينهما هي إقصاء لسلاح المقاومة.

وهذا الظرف، بحسب حبيب، يأتي في سياق "حالة الحرب التي تعيشها فلسطين مع كيان يغتصب الأرض، ويتسلح بأحدث الأسلحة من قبل الإدارة الأمريكية".

وعلى نحو قريب، يؤكد القيادي في حماس يحيى موسى لـِ "قدس الأخبارية"، أنه "في حال شُن أي عدوان، فإن المقاومة ليست في بحبوحة من الوقت بأن تأتي بالقيادة في السلطة ويتم تسليمها السلاح لترى ماذا ستفعل".

ويبقى السؤال هنا مفتوحا، بحسب موسى، "أنه في حال تم تسليم السلاح ماذا سيفعلون به؟ وهل سيستخدمونه ضد العدو أم سيسلمونه إياه؟، وبهذا نكون أمام عبثية بلا حدود، فالمقاوم لا يحتاج لإذن من أحد ولا ينتظر لتصريحٍ من أجل الدفاع عن شعبه".

وكان مدير عام الشرطة الفلسطينية اللواء حازم عطاالله صرح مؤخراً "أنه يتوجب على حركة حماس نزع السلاح في غزة، لإنجاح اتفاق المصالحة مع حركة فتح، والموقع الشهر الماضي".

استراتيجية المقاومة في التطوير والمواجهة

يرى الباحث الاستراتيجي البروفيسور عبد الستار قاسم، أنه في حال ورود أي عدوان على غزة، فإن المقاومة سترتكز في استراتيجيتها على عدد من الأسس والأركان الثابتة.

ويُفصل قاسم لـ "قدس الإخبارية" أن أبرز الركائز التي تقوم عليها استراتيجية المقاومة بالإعداد والإستمرار، تتمثل بـِ: ملاحقة الجواسيس من خلال التحصين وتقوية جهاز الأمن الداخلي، توفير السلاح بالشراء والتصنيع المحلي، التمويل من خلال إيران، التحصين العقائدي عن طريق تثقيف المواطنين وخاصة الذين ينخرطون بالمقاومة، وحشد المجتمع الفلسطيني خلفها، مشيراً إلى أن الأخيرة لم تفلح فيه بصورة كافية، بأن تجعل الجماهير تغذي المقاومة بالأشخاص والإمكانات، كذلك لم تستطع حشد الكتاب والمثقفين والأكاديميين.

ويقول القيادي في الجهاد الإسلامي خضر حبيب، إن المقاومة تطور أسلحتها باستمرار عبر تصنيع الصواريخ وغيرها من العتاد في مصانع المقاومة، وهي على تنسيق متكامل فيما بينها في العمل الميداني.

ويؤكد القيادي في حماس يحيى موسى بأنه "لا مؤثر على سلاح المقاومة ومشروعها وهو أولوية، وفيما يخص قرار الرد وكيفيته محكوم بيد المقاومة التي بإمكانيات بسيطة وسعي دؤوب وصلت إلى ما هي عليه".

وعلى الرغم من محاولة جيش الاحتلال ابتكار طرق لمكافحة أنفاق المقاومة من خلال ما برز باستخدامه غازات سامة –لا زالت مجهولة- باستهداف نفق خانيونس، إلا أن سلاح الأنفاق يُعد أكبر التحديات التي يواجهه، والذي يخشى أن تكون إحدى مفاجئات المقاومة التي ينقل من خلالها المعركة القادمة إلى عمق الكيان.

ولفت حبيب إلى أنه يأمل بأن يكون هناك تنسيق متبادل بين المقاومة الفلسطينية بغزة وحزب الله في لبنان في قرار المواجهة بأي معركة قادمة ليكون الدفاع والمقاومة موحد ومشترك على أكثر من جبهة.

ويستبعد المراقبون أن تندلع حرب في وقت قريب لعدم جهوزية جيش الاحتلال، ولكن تبقى ورقة الرد في يد المقاومة بأي لحظة، والتي انتقلت بدورها من خانة "ردة الفعل" إلى مربع الإعداد والتجهيز.