يعيش قطاع غزة حالة من الهدوء النسبي لا سيما بعد توقيع الفصائل الفلسطينية في غزة اتفاق تهدئة مع حكومة الإحتلال، لكن الأمر لا يخلو من "خروقات" هنا وهناك. يبرز هنا السؤال: ما هي المرحلة التي يعيشها القطاع بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير عليه؟ وما هو الدور الذي تلعبه مصر في القضية الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بغزة، خاصة أنها كانت الراعي الرئيسي لاتفاق التهدئة؟ وهل تعتبر الزيارات الرسمية الى قطاع غزة تكريسا للانقسام أم كسراً للحصار الإسرائيلي المفروض عليها؟ أسئلة نطرحها على أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح البروفيسور عبد الستار القاسم .
شبكة قدس: حدثنا عن توقعات المرحلة القادمة فيما يخص غزة خاصة بعد حدوث "خروقات" للتهدئة المتفق عيها واغلاق الأولى لمعبر كرم ابو سالم.
عبد الستار قاسم: هناك ثوابت عدة اولها ان اسرائيل مستمرة في عدوانها على الشعب الفلسطيني سواء بوجود التهدئة او بعدمها، والثابت الثاني ان اسرائيل لا تلتزم بأية تهدئة توقعها، وبالتالي قرارها وفق مصالحها الامنية بحيث اذا تطلبت مصالحها الامنية ضرب اهداف فهي تقوم بذلك، نحن لا نحسم ان اسرائيل ستضرب مواقع او اشخاص ولا نستبعد احتمال الحرب.
شبكة قدس: هل توصف هذه المرحلة بمرحلة اللاسلم أو اللاحرب؟
عبد الستار قاسم: اللا سلم يعني لا يوجد سلم والطرف الفلسطيني ايضا لا زال يستعد يهرب السلاح ويصنع السلاح ويتخندق بالمزيد في غزة والى اخره فالاستعدادات موجودةK وما بين الحرب والحرب هناك فقط استراحات لكن ليست استراحات بمعنى استرخاء وانما استراحات بمعنى ان كل طرف يعد العدة من اجل المواجهة القادمة.
شبكة قدس: هل من الممكن توقيع اتفاق سلام دائم او هدنة دائمة بين اسرائيل وغزة؟
عبد الستار قاسم: لا، أقصى حد يمكن ان تصل اليه حماس هو هدنة طويلة الامد وقد حددت في السابق بعشرة سنوات ومن ثم اصبحت مفتوحة لا يمكن ان يكون هناك اتفاق الى الابد علما ان فئات المقاومة الأخرى مثل الجهاد الاسلامي ولجان المقاومة الشعبية غير معنية بالتهدئة او الهدنة.
شبكة قدس: تناولت وسائل الاعلام الاسرائيلية في الاونة الاخيرة توجيه جيش الاحتلال تهديدا لمصر باغتيال القيادي في حماس صالح العاروري اذا دخل قطاع غزة، هل من المتوقع ان تعيد اسرائيل سيناريو الاغتيالات بحق قادة المقاومة في ظل الهدنة؟
عبد الستار قاسم: مشهد الاغتيالات ما زال قائما وقبل عدة ايام اغتالت اسرائيل أحد القادة، الاغتيالات موجودة وضرب الاهداف الاستراتيجية ما زال قائما، "إسرائيل" تقوم بكل الاعمال التي من شانها ان تحافظ على امنها وفق تفكيرها وبالتالي يجب ان نتوقع هذه الأمور.
شبكة قدس: اذا تكررت الاغتيالات هل من المتوقع ان تنتهي الهدنة ؟
عبد الستار قاسم: اولا هناك تهدئة وليست هدنة، و"إسرائيل" لا تعترف أبداً أنها طرف في التهدئة وهي لا تعترف الان، وقد انتهكت التهدئة عدة مرات، طبعا الجانب الفلسطيني لا يقوم كل مرة باطلاق الصواريخ لان هذا قد يؤدي الى حرب وغزة تريد ان تستعيد انفاسها قليلا وان تعيد بناء مخزونها من السلاح.
شبكة قدس: هل وفقت حماس في ضبط الميدان والتنسيق بين الفصائل والتشكيلات العسكرية بعد توقيع اتفاق الهدنة مع "اسرائيل"؟
عبد الستار قاسم: حتى الان نعم، يوجد الان بعض المناقشات وهناك مناكفات احيانا بين حماس وبعض الفصائل في غزة لكن حتى الان الامور تجري بهدوء. ونذكر هنا أن "إسرائيل" تحمل حماس مسؤولية خرق التهدئة لكن حماس لا تعمل شرطيا لصالح "اسرائيل" وهي ترفض ان تكون شرطيا لها ولأمنها، ولكنني أرى أنها تفضل التنسيق مع مختلف الفصائل الفلسطينية حتى اذا قامت "اسرائيل" بهجوم يكون الجميع مستعداً.
شبكة قدس: مصر بعد الثورة وقعت في ازمات عدة في سيناء كهجوم رفح وقضايا التهريب، كيف تعاملت الادارة المصرية مع هذه المواقف ؟
عبد الستار قاسم: تعاملت كما سمعنا من الاخبار دخول قوات محدودة الى سيناء، لكن مصر لا يوجد لديها قوات قتالية في سيناء واذا كانت تريد ادخال قوات قتالية الى سيناء فهي بحاجة الى اذن من اسرائيل , وهناك نشاط لاطراف مقاومة واسرائيل ربما تسمح واسرائيل تسمح لان هذه الاطراف المقاومة تستهد اسرائيل بالدرجة الاولى لكن هناك من قام بعمليات ضد النظام المصري وضد الجيش المصري والامن المصري لصناعة خلافات بين مصر والمقاومة الفلسطينية في غزة.
شبكة قدس: هل اثرت هذه الاحداث على علاقة مصر مع حماس بعد اتهام الاعلام المصري حماس بالوقوف وراء هجوم رفح ؟
عبد الستار قاسم: هي لم تؤثر حقيقة لان الاعلام الذي اتهم حماس لم يقدم اي دليل او اي اثبات وبالتالي هي كانت ثرثرات اعلامية.
شبكة قدس: هل تعتبر تلك الاحداث مبررا للحكومة المصرية لاغلاق الانفاق في ظل حكم الاخوان المسلمين الحليف الايدولوجي لحماس ؟
عبد الستار قاسم: لم تغلق كل الانفاق، بعض الانفاق لا زالت تعمل، لكن اغلق البعض منها وربما كان الاغلاق بضغط من اسرائيل امريكا ما زال لاسرائيل نفوذ في مصر وما زال لامريكا نفوذ كبير في مصر وتستطيع الضغط على الحكومة المصرية وعلى الرئيس المصري.
شبكة قدس: ألم تخرج مصر من خندق امريكا واسرائيل؟
عبد الستار قاسم: مصر خرجت من خندق الامريكان لكنها لم تدخل الى خندق المقاومة وما زال عليها ضغوط بسبب الوضع الاقتصادي وبالتالي مصر الان بحاجة الى حل مشاكلها الداخلية بعد ذلك يمكن ان نتبه الى القضايا الخارجية.
شبكة قدس: هل من المتوقع اغلاق قضية الانفاق وفتح المعابر؟
عبد الستار قاسم: الان مصر لا تجرؤ على فتح المعابر، فتح المعابر يحتاج الى قوة عسكرية كبيرة تحمي المعابر المفتوحة لأن اسرائيل لا تقبل بذلك الان مصر غير قادرة على حماية المعابر المفتوحة وبالتالي ستبقى الانفاق مدة من الزمن.
شبكة قدس: كيف تقرأ موقف السلطة الفلسطينية الرافض للزيارات الرسمية الى غزة بعد اعلان اردوغان عن زيارته لغزة الشهر المقبل؟
عبد الستار قاسم: لأن السلطة الفلسطينية تريد ان تحتكر تمثيل الشعب الفلسطيني هي تقول انها مصدر الشرعية وان اي زيارة لغزة من قبل رؤساء الحكومات يعزز من شرعية حماس وهذا ما ترفضه السلطة الفلسطينية. لكن في النهاية الشرعية تفرض فرضا هي لا تستجدى وبالتالي كثير من الناس زاروا غزة على الرغم من معارضة السلطة الفلسطينية.
شبكة قدس: هل تعتبر تلك الزيارت تكريسا للانقسام وكسرا لوحد التمثيل الفلسطيني؟
عبد الستار قاسم: لا لا الانقسام حاصل منذ عام 1969 نحن اطلقنا النار على بعضنا البعض عام 1968وعام 1969وعام 1970 وعام 1971، وعام 1983 صارت حرب في لبنان فهي ليست الأولى، يوجد خلل فينا نحن ان لم نصححه يجب ان لا نلوم الاخرين.
شبكة قدس: تلقينا قبل أيام نبأ قيام الطائرات الاسرائيلية بشن عدة غارات على مواقع للجيش السوري في مدينة دمشق وريفها، كيف تقرأ ذلك؟
عبد الستار قاسم: هذه ليست اول مرة، لكن هذه أكثر مرة كثافة منذ سنوات طويلة، وضربت مواقع يبدو حيوية ومنها مخازن ذخيرة ومواقع صواريخ ضد الطائرات والى اخره، ما الذي تريده اسرائيل ؟ كانت تقول في السابق انها تضرب مواقع او اماكن تستخدم لتصدير السلاح الى حزب الله هذه الاماكن التي ضربت هي في الغالب ذخيرة او مضادات للطائرات وبالتالي ليست مرشحة للتصدير الى حزب الله ’اذن ما الاستنتاج ؟ اسرائيل تعمل على اضعاف الجيش السوري واستخفاف قدراته القتالية , مضادات الطائرات لا تستعمل ضد الثوار ولكن تستعمل ضد الطائرات الاسرائيلية , اسرائيل دخلت بقوة على خط المواجهة ضد النظام السوري.
شبكة قدس: هل من الممكن ان تطور هذه المرحلة الى حرب على جبهة سوريا واسرائيل؟
عبد الستار قاسم: هذا احتمال، الاحتمال وارد ان تتطور الحالة الى حرب وربما اسرائيل تقوم بهذه العمليات الاستفزازية من اجل ان تكون هناك حرب.
شبكة قدس: هل تتوقع ان يكون هناك رد من الجانب السوري؟
عبد الستار قاسم: نحن اعتدنا على الجانب السوري ان لا يرد، الجانب السوري كان يرد في السابق عبر جهات اخرى، عبر حزب الله او عبر الفلسطينين لكن لا يرد مباشرة، لكن ما هي حسابات النظام السوري وما الذي تهدف اليه اسرائيل ما هو التحليل؟، هل اسرائيل تحاول ان تجر سوريا للرد عليها ومن ثم اشعال المنطقة وتدخل ايران ويدخل حزب الله وتدخل امريكا والحلف الاطلسي الخ. وبالتالي تحصل هناك معركة او حرب اقليمية، انا تقديري لو كان النظام السوري شجاعا لرد في السابق ردودا محدودة اما الان فهو مطالب برد قوي لأن الغارات التي حدثت قوية، هل يجرؤ على ذلك ؟ تاريخيا وحسب معرفتنا بالنظام السوري هو لا يجرؤ.