غزة - خاص قدس الإخبارية: جدلٌ واسعٌ أثير عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعد أن نشر أكاديمي فلسطيني معلومات عن عمليات تجريف تجري بأحد المناطق الأثرية في قطاع غزة، وتحديداً مدينة الزهرة الواقعة جنوبي مدينة غزة، وتوزيعها على موظفي حكومة غزة السابقة، بدلاً من مستحقات مالية متراكمة على الحكومة.
وكان قد كتب الباحث والأكاديمي في التاريخ المعاصر بالجامعة الإسلامية بغزة نهاد الشيخ خليل، رسالة عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، طالب خلالها كل من اللجنة الإدارية بالقطاع، وسلطة الأراضي، ووزارة السياحة والآثار، بالتوقف عن تجريف منطقة "تل السكن" الواقعة شرق جامعة فلسطين، معللا ذلك أن المنطقة عبارة عن موقع أثري.
وأكد الشيخ خليل لمراسلة "قدس الإخبارية" ما جاء في الرسالة التي كتبها، "تحدثت مع رئيس المجلس التشريعي الدكتور أحمد بحر شخصياً، والذي وعدني بمتابعة الأمر، كما أنه أوفى بذلك، ولقد قمت بالتأكيد على اللجنة الإدارية، من خلال الذهاب إلى مكتب رئيسها، وتركت له رسالة بخط اليد مع مدير مكتبه، وأعدت التأكيد على ضرورة وقف التجريف، وتم اخباري أن الأمر قيد الدراسة".
وبين الشيخ خليل أنه قد فوجئ بأن الموضوع قد تم تناوله على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أحد الموظفين، والتأكيد من قبل الموظف على أن هذه المنطقة ليست موقعاً أثرياً، وطالب الموظف باستمرار عمليات الجرف، رافضًا استبدال قطعة الأرض بغيرها.
وأوضح الشيخ خليل لـ "قدس الإخبارية"، تفهمه لرأي الموظف وخشيته أن تُؤخذ قطعة الأرض هذه للآثار، ومن ثم يضيع حقه بالتعويض عن مستحقاته المالية.
وتابع، "لكنني أنصح جميع الإخوة الموظفين الذين خُصصت لهم قطعة الأرض هذه أن يعلموا أن هذه القطعة فيها أقدم مدينة كنعانية جنوب فلسطين، وهذا يعني أن هذه الأرض أحد الشواهد على حقنا التاريخي في فلسطين، وأن هذه الأرض هي واحدة من ثلاث مناطق يمكن إدراجها على لائحة التراث العالمي في اليونسكو كمواقع فلسطينية، أي أننا، إذا حافظنا على هذا المكان نُسجل نقاطاً لصالحنا في معركة طويلة وممتدة مع الاحتلال، وإذا هدمناها نكون قد أضعنا أحد الشواهد على حقنا التاريخي".
وأرفق الشيخ خليل تقريرًا يوضح أن موقع "تل السكن" هو موقع أثري يوازي في تاريخه وقدمه مدينة أريحا، وجاء ذلك ردًا منه على ما سمعه في وزارة السياحة والآثار والتي قالت إن الموقع ليس بالأثري.
بدوره قال رئيس سلطة الاراضي في قطاع غزة كمال أبو ماضي لـ "قدس الإخبارية"، "إن لجنة قد شكلت للبحث بموضوع الموقع الكنعاني الأثري في منطقة تل السكن، ضمت اللجنة كل من وزارة الأشغال والحكم المحلي وسلطة الأراضي، وكذلك وزارة السياحة والآثار، بالاضافة إلى الأمانه العامة لمجلس الوزراء وتم دراسة الوضع فيما بينهم، وصدر عنه تقرير مفاده أن تلك الأرض ليست أرضًا أثرية".
وأكد أبو ماضي أنه قبل صدور القرار تم تشكيل لجنتين تحدثتا في ذات الموضوع وتوصلتا أيضا لنفس النتيجة، مضيفا "عندما كَثُر الحديث بالقضية وأصبح هناك لغط بالأمر صدر قرار من مجلس الوزراء عبر الأمانه العامة بوقف التجريف وتشكيل لجنة أخرى والآن نحن بانتظار صدور القرار والحكم هل هي أراضي أثار أم لا".
ولفت أبو ماضي خلال حديثه لمراسلة "قدس الإخبارية"، أن الجهة المسؤولة يجب أن تكون مؤهله لكي تفتي بالمسألة وأن تُعطي رأيًا سديدًا، مشيرا إلى إنهم كسلطة أراضي لم يقفوا في وجه وزارة السياحة والأثار بأن تحضر اللجنة وأن تدافع عن حقها.
واستدرك بالقول: "نحن ملتزمون بقرار أي لجنة رسمية مهنية عملت في ذلك الإطار، أما في حال إثبات أن المنطقة أرض أثار فقد ونؤكد أنه سيتم التوقف فورا عن تقسيمها على المواطنين في حال ثبت ذلك".
وبين أبو ماضي لـ "قدس الإخبارية"، "أن حديث الجميع يُحترم لكن نستنكر أن يتم اعتماد سلطة الأراضي على أحاديث خارجية كالذي نشره نهاد الشيخ خليل على صفحته الشخصية، فالأصل أن يكون الاعتماد على قرارات صادرة من لجنة حكومية معتمدة تستطيع أن تُثبت أو تنفي مدى صحة ما يُشاع من حديث متداول".
وعقب بقوله: "لم يتم عقد أي لجنة متعلقة في ذلك الشأن إلا وتم إشراك وزارة السياحة والآثار فيها، إضافة إلى ذلك ذهب رئيس اللجنة الإدارية - وهو مختص بالتاريخ -، إلى الميدان مع أشخاص من وزارة السياحة وطلب منهم إثبات صحة قولهم بأن الموقع يضم أراضي أثرية، ومع ذلك لم يتم ثبوت صحة القول".
وأكد أبو ماضي أنه في حال استطاعت وزارة الآثار والسياحة إثبات أن الاراضي هي أرض أثار فهم مستعدون للتراجع عن أي قرار حكومي تم أخذه من قبلهم.
من جهته قال مدير دائرة الآثار في وزارة السياحة أحمد البرش لـ "قدس الإخبارية"، "أن وزارة السياحة تعتبر موقع حي السكن هو موقع تاريخي وأثري يعود لحقب تاريخية مختلفة ، حيث قامت الوزارة السابقة في عام 2002باستخراج العديد من القطع الأثرية ، لكن خلال الفترة السابقة قام الأخوة في سلطة الأراضي بتخصيص جزء يبلغ مساحته أكثر من 90 دونم لإسكان جزء من الموظفين دون موافقة وزارة السياحة والآثار".
رافضا وبشكل قاطع استخدام المكان كسكن وتوزيع الأراضي على السكان دون أدنى اعتبار لأهمية ومكانة الأراض التاريخية.
وطالب البرش الجهات المختصة بحماية ذلك الموقع ليبقى شاهدًا على حضارة وتاريخ الشعب الفلسطيني، ومراقبة العديد من الجهات الحكومية والخاصة للوقوف عند مسؤوليتها تجاه الموقع التاريخي الأثري.
وأكد أن التجريف مازال مستمرا رغم الجهود الحثيثة والكبيرة المبذولة من أجل ايقاف ذلك الأمر، متابعا، "هناك جهود قد تنجح في إيقاف ذلك التجريف، كما أن الأمور الآن قيد الدراسة من قبل اللجنة الإدارية في حكومة غزة وهناك إنجاز واضح فيما يتعلق بذلك الموضوع والوزارة تشد على أيدي المؤسسات والأشخاص الذين يعملون على ذلك".
أما فيما يتعلق بكيفية تعويض أصحاب الأراضي في حال ثبوت أنها أراضي أثار بين البرش لـ "قدس الإخبارية"، "هذه الأراضي حكومية وتابعة للأثار ، وهناك أراضي حكومية عديدة في القطاع ، حيث تستطيع لجنة تخصيص الأراض بإيجار قطع بديلة وتعويض المتضررين وعلى الجهات المعنية تحمل مسؤوليتها تجاه ذلك الأمر ".
ولفت إلى أن المنطقة مخصصة منذ العهد العثماني باعتبارها منطقة أثرية ومن ارتكب الخطأ في تخصيص تلك المنطقة عليه تحمل المسؤولية، موكدا أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات المسؤولة عن توزيع وتخصيص الأراضي على الموظفين، موضحا أنهم ومنذ بداية الأمر وهم على تواصل ورصد ذلك المكان وتخصيصه، مستدركا بقوله: "لكن دون جدوى وهناك وعود لإيجاد حل، وهي حتى اللحظة مجرد وعود ولا يوجد شيء على أرض الواقع".