فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: كعك العيد محضر على الطاولة وقد رش عليه الكثير من السكر الناعم، القهوة ساخنة، الشوكلاتا تنتظر الأطفال، والمنزل المعبق برائحة البخور ما زال فارغا ينتظر الضيوف المهنئين بالعيد.
اليوم الأول من أيام العيد، وفور انتهاء الصلاة وقفوا طابورا على الحاجز العسكري المقام على مدخل قرية النبي صموئيل، الرجال مرتدين البدلات الرسمية السوداء الأنيقة بينما يتقافز الأطفال بينهم ببنادقهم البلاستيكة، ليطل أحد جنود الاحتلال يلوح بيده، ويقول، "لن يدخل أحد إلى النبي صموئيل اليوم".
أكثر من ثلاثين فلسطينيا كانوا يحملون علب الحلوى، وقد فخخت جيوبهم بالعيديات التي سيقدموها لبناتهم وأخواتهم المتزوجات في قرية النبي صموئيل، كما أحضروا الألعاب ليفاجئوا بها أحفادهم، الذين حضروا أنفسهم وجلسوا ينتطرون حضور جدهم.
فمنذ اليوم الأول من رمضان والأطفال ينتظرون هذا اليوم لرؤية جدهم في منزلهم، لتقول الأم والدموع على وجنتيها، "الجنود أعادوا جدكم"، وتمتم في ذاتها، "كل عام وأنت بخير يا أبي.. مرة أخرى لن أقبل يديك في يوم العيد".
إلى الشمال الغربي من مدينة القدس تقع قرية النبي صموئيل التي لا يتجاوز سكانها 250 نسمة، يحاصرها الاحتلال من جهاتها الأربعة، وقد نصب حاجزا عسكريا على مدخلها، ليمنع أي من خارج القرية من دخولها، إلا بوجود تنسيق مسبق، وهو نادرا جدا ما يمنح لضيوف أهالي القرية.
ضياء بركات أحد أهالي القرية يروي لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال صعدت من إجراءاتها على الحاجز العسكري المقام على مدخل القرية منذ صباح اليوم الأول لعيد الفطر، إذ لم يتم السماح للضيوف المهنئين من دخول القرية.
وأضاف أن أهالي القرية بذلوا الكثير من الجهود لإدخال ضيوفهم إلا أن قوات الاحتلال واصلت الرفض بإدعاء عدم وجود تنسيق للزيارة، "أكثر من ثلاثين شخص أرجعه جنود الاحتلال عن الحاجز العسكري، كلهم جاؤوا لزيارة بناتهم المتزوجات في القرية، وآخرين هم من السكان الأصلين الذين اضطروا العيش خارج النبي صموئيل".
ضياء الأب لخمسة أطفال اضطر الخروج من القرية لعدم اتساع منزله، في ظل منعه من قبل الاحتلال من البناء على المنزل، إلا أنه يزور باستمرار أفراد عائلته، كما يقضي وأطفاله العيد في القرية، يعلق،" هذا الإجراء ليس في يوم العيد فقط، بل في كل يوم، فلا يسمحوا لضيوفنا بدخول القرية، كما يمنعونا من إدخال مستلزمات واحتياجات الحياة الضرورية.
ويضيف، "لا خدمات في القرية، ولا سمحون لنا البناء والتوسع على أراضينا، ويمنعونا من إدخال الاحتياجات الضرورية وقد حددوها بكميات قليلة جدا وضعت بقائمة على الحاجز"، مشيرا إلى أنه لا يسمح للعائلة الواحدة إلا إدخال دجاجتين وكيلو من اللحم وطبق واحد من البيض، وكميات محدودة من الخضار والفواكه.
وهو ما يؤكد عليه رمزي بركات أحد سكان القرية، فيقول لـ قدس الإخبارية، إن منع ضيوف العيد من دخول القرية ليس بإجراء جديد، بل إجراء روتيني يمارسه جنود الاحتلال في كل عيد، كما يمارسونه في كل يوم.
وبين أن أهالي القرية لم يعتادوا على ما يحاول الاحتلال فرضه عليهم، من تحويل القرية إلى سجن محكم الاغلاق، "نحترق ألما في يوم العيد تحديدا لحرمان ضيوفنا وأقاربنا من الوصول إلينا ومعايدتنا".
وأضاف أن الاحتلال يفرض على أهالي قرية شروط قاسية في إدخال مستلزماتهم اليومية، وهو ما صعب شراءهم احتياجات العيد من حلوى وألعاب وملابس للأطفال، "ممنوع ندخل جرة الغاز، كما ممنوع أن ندخل الفواكه والخضار واللحوم إلا بكميات محدودة جدا لا تكفي حاجة الأسر اليومية".
ولفت إلى أن أهالي القرية لم يسلموا يوميا لإجراءات وشروط جنود الاحتلال، ويحاولون التصدي لها بكافة السبل، "حتى حاجياتنا الأساسية نضطر لتهريبها إلى داخل القرية، فيما أصبح الأهالي لا يعبرون الحاجز إلا بالتأكد من وجود جنود الاحتلال الذي لا يمارسون إجراءات أقل تشددا من غيرهم".
ليست النبي صموئيل وحدها التي حرم ضيوفها من الوصول إليها في أول أيام عيد الفطر، فالاحتلال تعمد نشر الحواجز العسكرية على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، واحتجز المركبات ومئات الأهالي لساعات طويلة قبل أن يجبرهم على العودة أدراجهم، دون أن يعايدوا باقي أفراد العائلة