الخليل - خاص قدس الإخبارية: لم تفح رائحة كعك العيد من منزل اياد البو في بلدة حلحول شمال الخليل، وكيف لسميرة أن تصنع الكعك ونصف أسرتها داخل سجون الاحتلال؟
فمنذ ست سنوات، واياد باجس البو (43 عاماً) في سجون الاحتلال بعيداً عن أسرته، حيث يقضي حكماً بالسجن 20 عاماً، بينما زوجته سميرة البو تدفع العيد لداخل منزلها، مصرة أن يفرح به أبنائها رغم سلبهم والدهم، رافضة أن تنحني وأسرتها للعاصفة.
إلا أنها هذه المرة، تدفع الباب بوجه العيد رافضة استقباله، فثلاثة من أبنائها إضافة لزوجها في سجون الاحتلال، فيما بات بيتها فارغاً هادئاً لا يوجد فيه سواها وابنتها شمس وطفلها عبد الله.
"لمن أصنع كعك العيد؟" تتساءل سميرة، فأي عيد يدخل منزلاً أصحابه ليسوا فيه؟ ليسوا مسافرين في رحلة عائلية، وإنما معتقلين رغماً عنهم في سجون الاحتلال، كل واحد فيهم في سجن بعيداً عن الآخر.
تقول سميرة لـ قدس الإخبارية، "العيد لا يكون إلا برفقة الأحباب والأبناء، كلهم في السجن الآن، فكيف نستقبل العيد دونهم"، لتمر أيام العيد كما مرت باقي أيام السنة.. صعبة، مرة، استقبلت بها سميرة وطفليها الضيوف وقد وعدوهم أن يقدموا لهم الحلوى في العيد القادم، وقد تحررت العائلة من الاعتقال.
"العيد كان مميزاً برفقة زوجي وأبنائي، أما العيد الآن فلا طعم له ولا سعادة فيه" تضيف سميرة، مبينة أنها بعد ثلاث سنوات من اعتقال زوجها، اعتقلت قوات الاحتلال ابنها الكبير إسلام (22 عاماً) وأصدرت حكماً بحقه مدة أربعة سنوات.
وتتحضر سميرة لاستقبال ابنها محمد (21عاما) بعد شهرين، بعد أن قضى في سجون الاحتلال عامين وشهرين، فيما يبقى خلفه طفلها حمزة (15 عاما) المعتقل مذ أكثر من شهر، ولم تصدر محاكم الاحتلال حكماً بحقه حتى الآن.
وكما هو العيد الأول الذي يمر على سميرة وأبنائها الثلاثة وزوجها في سجون الاحتلال، مر رمضان بأيامه ثقيلاً عليها، فزوجها إياد، وأبناؤها اسلام ومحمد وحمزة ليسوا حولها يتسابقوا على شراء القطايف ومساعدتها بتحضير الفطور، فيما مقاعدهم فارغة، وصحونهم نظيفة ما زالت مكانها تنتظر عودتهم.
"استفقدهم كثيراً، وأدعو دائماً ألا تتذوق أي عائلة هذا الألم"، وتضيف سميرة، "كنا عائلة كبيرة في البيت، كنت أطبخ بطناجر كبيرة، اليوم صحن واحد يكفيني وعبدالله وشمس (..) فحتى الطعام لم يعد له أي طعم في غيابهم".
وتتابع، "عندما أشرب كأس الماء أفكر بهم، لا يغيبون عن بالي لحظة واحدة وخاصة حمزة الذي زاد الوجع في قلبي (..) الباقي هم كبار يستطيعون تحمل ظروف السجن أما حمزة فهو طفل"، مشيرة إلى أن حمزة كان "دناميت البيت" في ظل غياب أشقائه، وقد حاول أن يحمل مسؤولية غيابهم وأن يكون هو رب العائلة.
وعن ظروف اعتقال حمزة، تروي لـ قدس الإخبارية، أن قوات الاحتلال اعتقلت طفلها خلال تواجده من الشارع الاستيطاني القريب لبلدة حلحول، وذلك بعد أن لحق به أحد المستوطنين وأطلق عليه النار، دون أن يصيبه.
ورغم أن نصف العائلة داخل سجون الاحتلال، إلا أنها لم يلتقون بعض، فالأسير اياد ونجله اسلام في سجن النقب، بينما ابنه محمد في سجن ريمون، وطفله حمزة في سجن عوفر، "منذ عام وإسلام برفقة والده، بينما محمد لم يلتق بوالده سوى ثلاثة شهور، فيما تمنع إدارة السجون لقاء حمزة بوالده بحجة أنه طفله يجب أن يبقى في قسم الأشبال".
سميرة ومذ اعتقال زوجها وأصبحت الأم والأب لأبنائها، "كان اعتقال اياد صعبا جدا علينا، فابنائه متعلقين به كثيرا، هو لم يكن مجرد أب، بل كان صديقا قريبا لهم جميعا"، لافتة إلى أن ظروف اعتقال زوجها أمام أبنائها ترك جرحاً كبيراً داخلهم جميعا، لم يتخطوه بسهولة.
فيما تروي شمس (19 عاما) لـ قدس الإخبارية، أنها ومذ اعتقال والدها كان عليها أن تبذل جهوداً مضاعفة في دراستها وصولاً لتخرجها من الثانوية العامة العام الماضي، وإلتحاقها بالجامعة حيث تدرس الآن الصحافة.
"سعيت جاهدة لأدخل الفرح لقلب والدي وأشقائي في سجون الاحتلال،ليفرحوا بنجاحي وتفوقي" علقت شمس، مشيرة إلى أنه وفور وصول خبر نجاحها لوالدها، قام بتوزيع الحلوى على كافة الأسرى في السجن.
وأضافت، "كل يوم يمر بغيابي والدي وأشقائي يكون أصعب من الذي سبقه، ولكنه يستوجب علينا أن نكون أقوياء نتحدى الظروف التي فرضت عليها، ونكون على قدر هذه المسؤولية".