شركة زين للاتصالات الأكبر بالشرق الأوسط تُنتج إعلانا تلفزيونيا بمناسبة شهر رمضان, الإعلان الذي تبثه باقة قنوات MBC هو إعلان فيديو كليب يشجع على محاربة "الإرهاب" والحد منه لاسيما "إرهاب التفجيرات الانتحارية".
إذا نظرنا إلى نص الإعلان وكلمات الأغنية فإننا نجدها كلمات صادقة ومعبرة تشجع على السلم وترفض التعصب سيما الديني منه "اعبد ربك حبا لا رعبا, كن في دينك سهلا لا صعبا".
ولكن اللافت بالفيديو كليب أنه يختزل الإرهاب بالتفجيرات الانتحارية وبصورة أوضح يحاكي إرهاب التطرف السني, بدليل قول الذي يحمل الحزام الناسف "أشهد أن لا إله ألا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"، فهل هذا الإرهاب الحصري والوحيد الذي يعاني منه العالم العربي والإسلامي؟.
عندما نتحدث عن الإرهاب الذي نتعرض له ويسلب حياة المئات يوميا فإننا نقصد به إرهاب الدول والأنظمة القمعية والسلطوية والشمولية وبشكل هامشي نواجه إرهاب التطرف الديني الشيعي والسني (المنظمات الجهادية التكفيرية), وعند حديثنا عن آلة القتل اليومية نستذكر البراميل المتفجرة والقذائف المدفعية وأعواد المشانق التي تعلق بالسجون والقناصة والذبح, كما يسقط العديد من الضحايا جراء التفجيرات الانتحارية التي تضرب بين الحين والأخر الأسواق والتجمعات السكانية, فلماذا اختزل إعلان شركة زين الإرهاب بإرهاب التطرف السني؟، ولماذا أختزل آلة القتل بالحزام الناسف بينما يموت الآلاف بالبراميل المتفجرة؟.
قد يظن البعض أن الإعلان يحاول أن يضع حدا للأفكار المسمومة التي بدأت تنخر في مجتمعاتنا والمقصود هنا أيضا المنظمات الإسلامية المتطرفة, ولكن هل علاج الأفكار المتطرفة يكون بعيدا عن علاج فكر الاستبداد والقتل والقهر الذي يمارس علينا ليل نهار؟ وهل للأفكار المتطرفة سببا نعزوها إليه سوى استبداد الأنظمة؟.
هل تناسى إعلان زين أن أمريكا قتلت 20 مليون إنسان في 37 دولة منذ العام 1945 ولم تستخدم تفجيريا انتحاريا واحدا على الأقل، والاحتلال الإسرائيلي الذي قتل ما يقارب 30 ألف فلسطيني وعربي منذ بداية الصراع ولم يستخدم الاحتلال أي حزام ناسف, وليس بعيدا عن الأنظمة العربية التي قتلت مئات الألوف قصفا وذبحا وشنقا بالسجون, فأين هذا الإرهاب من إعلاناتكم يا شركة زين؟.
هذا الإعلان يُعتبر مادة إعلامية مثالية وثمينة ويصلح للبث في الإعلام الغربي فقط, لأن الإنسان الغربي الذي يعيش برفاهية في دولته الديموقراطية الذي يختار نظام الحكم فيها لا يتعرض لأي نوع من الإرهاب سوى التفجيرات الانتحارية التي ينفذها مسلمون متطرفون.
أما نحن العرب فلماذا نُصر على تشبيه الإرهاب بالإنسان المسلم الذي يريد تفجير نفسه بين حشد من الناس ويردد الشهادتين قبل التفجير؟.
ربما كان من الأفضل لزين أن تنتج إعلانا يحاكي جميع أنواع الإرهاب دون حصره بالإرهاب الإسلامي وربما كان من الأجمل استبدال من يحمل الحزام الناسف بقائد طائرة حربية ينوي إلقاء قنابل فوق مناطق سكنية ويتفاجأ بأطفال يحملون له الورود.
إن إعلانا تلفزيونيا واحدا يحاكي القضايا العربية دون تزوير أو تشويه ويبث على قنوات المسلسلات لهو أفضل من ألف ساعة إخبارية على القنوات الإخبارية، ذلك لأن المشاهدات في الدول العربية تتجه نحو المسلسلات والأغاني وهو ما تقوم به بعض القنوات الخليجية لتخدير المواطن العربي وإبعاده عن قضاياه وهمومه.