شبكة قدس الإخبارية

أحمد خضور.. طفولة ومرض لم يشفعان له من الاعتقال

ديالا الريماوي

رام الله- خاص قُدس الإخبارية: في غرفة جدرانها باردة يغلق بابها الحديدي سجان إسرائيلي، لا تبعد عن منزله سوى عشرات الأمتار يقبع الأسير المريض أحمد خضور (16 عاما)، يلتفت يمنة ويسارا لا يجد والديه من حوله وإنما مجموعة أسرى قاصرين، يحاول أن يستوعب واقعه كطفل فلسطيني لم يشفع له مرضه من اعتقال وتحقيق.

في عمر الثامنة أصيب أحمد بمرض سرطان الدم، وبدأ يتلقى العلاج وهو ما أدى إلى تأخره عن المدرسة عامين، وفي أواخر عام 2011 أصيب بجلطة دماغية أدت لإصابته بشلل نصفي في يده اليمنى ورجله، تلقى بعدها علاجا طبيعيا أدى إلى تحسن في رجله بينما لم يطرأ تحسن على يده.

شُفي أحمد من مرض السرطان قبل بضعة أعوام، لكن والديه يحرصان على إجراء فحص طبي له كل أربعة أشهر ليطمئنا على صحته، إلا أنهما قلقان عليه لأنه يعاني من صرع جزئي وعليه أن يتناول دواء للأعصاب في موعده وإلا سيدخل في نوبة ويقع أرضا ويفقد الوعي، إذ كان في صغره يتناول ثلاث حبات دواء يوميا، أما حديثا بدأ يتناول خمس حبات.

تقول شقيقته حنين لـ"قدس الإخبارية": "كان أحمد في بعض الأيام ينسى تناول الدواء ما يؤدي لدخوله في نوبة، يحتاج إلى نصف ساعة لاستعادة هدوئه، كما كان غير قادر على الصوم لأنه بحاجة الدواء".

عقب مغادرته المدرسة في الثاني من الشهر الجاري، توجه أحمد إلى منزل عائلته الكائن في بلدة بيتونيا، وقبل أن يبدأ بدراسة امتحانه التالي، خرج ليلعب مع أصدقائه لكن أمه وشقيقته علموا أن عددا من الجنود ينتشرون في محيط حاجز "عوفر" القريب من منزلهم، فذهبت والدته لإحضاره، فهي تحرص على ألا يغيب عن ناظريها نظرا لوضعه الصحي.

جلس أحمد قليلا بجانب والدته، وطلب منها أن يخرج ليلعب في ساحة بجانب منزلهم فوافقت، لتأتي جارتهم بعد وقت قصير لتخبرهم أن الجنود اعتقلوا أحمد، وعلى الفور خرجت والدته لانتزاع نجلها الأصغر من أيدي الجنود، وحاولت أن تشرح لهم وضعه الصحي، لكنّ الجنود هددوها في حال اقترابها بإطلاق النار عليها.

بعد أن تلقى محمود خضور خبر اعتقال نجله من عائلته، غادر مدينة رام الله على الفور متوجها لمنزله، ليتلقى اتصالا من ضابط إسرائيلي يطلب منه التوجه إلى معسكر "عوفر" لحضور تحقيق نجله كونه قاصرا، وعندما وصل هناك تم نقله إلى مركز تحقيق "عطروت".

عندما وصل محمود وجد نجله يجلس في غرفة التحقيق والقيود مشدودة على يديه وكان واضحا عليه أنه يتألم، وأخبره المحقق أنه هنا فقط ليستمع ويُمنع من الحديث، وبدأ المحقق بتوجيه أسئلة لأحمد "هل كنت تلقي الحجارة صوب جنودنا قرب حاجز عوفر؟"، أنكر أحمد في البداية لكن المحقق اتهمه بأن الجنود اعتقلوه أثناء إلقاء الحجارة، وهناك ستة جنود يشهدون على ذلك، وسيدلون بشهادتهم للقاضي.

والد أحمد الذي جلب معه أوراقا تثبت حالته الصحية، وأنه بحاجة لرعاية خاصة ودواء، إلا أن المحقق لم يكترث للتقارير الطبية وقال له: "أنا لست طبيبا"، وحاول والده أن يترك لنجله علبة دواء الأعصاب، إلا أن الجنود أخذوها فيما بعد.

في أول محكمة له، كانت ملامح أحمد تظهر مدى خوفه، وكان يخشى من الجنود المحيطين به فتجنب الحديث مع والديه، لكنه كان كل دقيقة ينظر صوبهما وكأنه يريد أن يقول لهما: "أريد العودة معكما إلى المنزل".

قدم والد أحمد تقارير طبية عن حالته الصحية لمحاميه تثبت أنه يعاني من عدة أمراض، إضافة لكونه كان مصابا بمرض السرطان، لكن المحكمة لم تأخذ بها.

خضع أحمد لخمس جلسات محاكمة وجهت له فيها تهمة إلقاء حجارة وفي كل مرة تؤجل، ويوم الأربعاء المقبل سيخضع لجلسة محاكمة أخرى، عائلته علمت أنه يأخذ دواء لكنها لا تعلم إذا ما كان هو ذاته الذي كان يتناوله، وطلب من والديه إرسال ملابس له نظرا لشدة البرودة في سجن عوفر، لكن إدارة السجون لا تسمح لهم بإدخال الملابس إلا عندما يسمح بزيارته.

أبدت عائلة أحمد قلقها على مصير نجلها المعتقل، لا سيما أنه بحاجة لرعاية خاصة وهذا لا يتوفر في السجن نظرا لظروفه الصعبة، إضافة إلى أنه يتواجد في قسم الأشبال وهو بحاجة لمن يبقى معه طيلة الوقت، مشيرة إلى أنه في حال لم يتناول دواءه سيتفاقم وضعه الصحي، وناشدت الجهات الحقوقية للتدخل من أجل الإفراج عنه.