شبكة قدس الإخبارية

حسين أبو غوش يلبي نداء صديقه الشهيد

شذى حمّاد

رام الله – خاص قدس الإخبارية: مجددا يراود حسين ذات الحلم فها هو يلوم ابن عمه حسين لرحيله، ليستيقظ صباحا ويحدث والدته عن اشتياقه لصديقة وهو يبكي، "قال لي أنه سيأتي ويأخذني".

عام ثقيل مر على حسين سالم أبو غوش الملقب بـ "عبود" منذ استشهاد ابن عمه حسين محمد أبو غوش بعد تنفيذه عملية طعن فدائية في ٢٥ كانون ثاني، ليقرر الأول اللحاق بصديقه الشهيد في الذكرى الأولى على رحيله، بعد أن ينفذ عملية دهس فدائية شرق مدينة رام الله.

زيارة في الحلم

صديقان مقربان كانا حسين وحسين، لا يمر يوم دون أن يلتقيا سويا، ليسقط خبر استشهاد الأول مدويا على الثاني حتى أقعده مريضا في الفراش أياما طويلة، يبكي صديقه الشهيد، يناديه، يلومه على الرحيل المفاجئ.

"تعبت يا أمي من هذه الدنيا، أريد عن أسافر لمكان آخر.. كان يكرر حسين منذ استشهاد ابن عمه، كان حزينا جدا ولم يعد على طبيعته" تقول خالة الشهيد خديجة أبو غوش لـ "قدس الإخبارية".

العائلة ومنذ استشهاد حسينها الأول، وهي تعيش حالة من الخوف والقلق على حسينها الثاني، بعدما لمست ما طرأ عليه من تأثر كبير على غياب ابن عمه وصديقه.

هادئا كان حسين، كتوما لا يبوح بسره، تصفه خالته، وتضيف، "كان طفوليا، وله وجه ملائكي، حتى قبل استشهاده اشترى مجموعة ألعاب وقال لأمه أريد أن أعيش طفولتي".

بصمت وهدوء تجلس والدة حسين تستقبل المواسين باستشهاد نجلها الذي كانت تخشى عليه من نسمة الهواء، ثم تذكر نفسها وتردد بصوت مرتفع ودموعها على خديها، "كان يقول لي حسين دموعك أغلى من كل اشي يما".

قلب الأم

يروي سالم والد الشهيد لـ"قدس الإخبارية"، أن زوجته كانت شديدة الحرص على ابنهم حسين الأكبر بين أبنائهم السبعة، فما أن تمر ربع ساعة على خروجه من المنزل، حتى تركض والدته إلى خزانته، بحثا عن رائحته التي تركها خلفه، وإن طال غيابه قليلا على غير العادة، تبدأ بالاتصال مرة تلو الأخرى حتى يعود.

وقال: "لم تكن سعيدة كباقي الأمهات عندما دخل حسين الروضة، أتذكرها في ذاك اليوم كيف بقيت تبكي على ابتعاده عنها".

قبل ساعات قليلة من استشهاده، التقى حسين "عبود" على درج المنزل بوالده وهو عائد من العمل، يقول والد حسين، "سلم علي كعادته، مقبلا رأسي ويدي، ثم طلب مني السيارة، أخبرته أني أخشى عليه أن يسوقها وحده، وطلبت منه إلا يتأخر".

سالم لم تكن تغفى عيناه قبل أن يعود حسين، ويغلق باب المنزل بالمفتاح ويضعه تحت وسادته مطمئنا أن أبنائه عادوا جميعا إلى المنزل، "لم يكن يتأخر حسين خارج المنزل، واذا اضطر يوما وتأخر قليلا كان يهاتف والدته يتوسل إليها أن لا تدعني أغضب".

ويبين سالم أن نجله الشهيد كان طيب القلب يغرق العائلة بحنانه، "إذا مرضت إحدى شقيقاته كان يجلس يبكي عليها، وعندما كان يمرض أحد من العائلة لم يكن يفارقه".

حفلة عيد ميلاده

في التاسع من شباط، يكمل حسين "عبود"  عامه التاسع عشر، ليخط قبل رحيله بأيام على لوحة من عمله تاريخ ميلاده الذي اقترب، وقال لزملائه ممازحا: "سجلت تاريخ ميلادي حتى لا تنسوه، أريد حفلة عيد ميلاد مرتبة".

حسين يعمل في شركة لصيانة الأجهزة الخلوية بعد تلقيه دراسة مهنية في الاتصالات، وقبل استشهاده سجل في كلية تقنية للحصول على شهادة بصيانة الهواتف، "كان حسين ذكيا جدا ولديه شغف كبير بصيانة الأجهزة" تقول أية أبو غوش، قريبته والتي تعمل معه في ذات الشركة.

وتضيف آية لـ"قدس الإخبارية"، "كان كتوما وهادئا قليلا ما يتحدث، كل العاملين بالشركة كانوا معجبين بشخصيته وأخلاقه العالية"، مشيرة إلى أنه كان متأثر جدا بالشهداء وخاصة ابن عمه، فيما كل منشوراته على صفحته على الفيسبوك عن الشهداء والشهادة.

في ذات اليوم الذي ارتقى فيه حسين سالم أبو غوش شهيدا، دخلت والدة الشهيد حسين محمد أبو غوش المشفى لتضع مولدا جديدا أطلقت عليه اسم "حسين".

ميس شقيقة الشهيد حسين محمد قالت لـ"قدس الإخبارية": "بعد استشهاد شقيقي حسين، أصبحنا نعتمد على ابن عمي حسين في كل شيء، فهو بات يقوم بالأعمال المنزلية الصعبة التي كان يقوم بها شقيقي".

وتضيف، "مر علينا عام كامل على استشهاد حسين ثم هدم الاحتلال منزلنا، والآن باستشهاد ابن عمي حسين يتفتح الآلم في قلوبنا من جديد".