شبكة قدس الإخبارية

بعد رحيل الخروبي.. من سيحشد للمواجهات؟

شذى حمّاد

رام الله – خاص قدس الإخبارية: رحل الجميع، وبقي خمسة أطفال لم يتعدوا ١٢ عاما من عمرهم يحيطون قبره، نكز أحدهم الآخر "يلا إلى المواجهات كما كان يفعل أحمد".

"بالأمس التقينا بأحمد أمام مقهى الانترنت، لعب معنا ومازحنا... بالأمس كان حي بيننا" يقول أحدهم وما زال يحمل صورة الشهيد أحمد خروبي (١٩) عاما، صعدوا اتجاه سياج مستوطنة بسغوت وما هي دقائق حتى أطلق حراس المستوطنة اتجاههم القنبلة الغازية الأولى.

أحد أصدقاء الشهيد الذي وقف يراقب ما يدور، قال "أين ذهبت يا أحمد؟ .. لقد كان حريصا على الأطفال ويعيدهم إلى منازلهم كلما التقى بهم بالمواجهات".

فإلى منطقة كفر عقب شمال القدس، هب أحمد متوجها من منزله في حي سطح مرحبا، ليشارك في التصدي لاقتحام قوات الاحتلال الساعية لهدم منزل الشهيد مصباح أبو صبيح، منفذ عملية إطلاق النار الفدائية في القدس، في تشرين أول الماضي.

هاتفته والدته وطلبت منه العودة إلى المنزل، وقد أخبرها أنه في مدينة رام الله بعيدا عن المواجهات، وما أن دقت الساعة الرابعة فجرا، طرق أصدقاء أحمد باب منزل صديقهم، ليقولوا لوالدته "أحمد استشهد". على الأكتاف رفعوه وهتفوا، "يا أحمد ولا تهتم .. والله لنبكيهم دم"، وقد أصروا أن يجولوا بجثمانه وسط مدينة رام الله مرتين، ويشيروا "هذا هو أحمد الذي وقف متصديا لاقتحامات الاحتلال.. هذا هو أحمد الذي أعلن رام الله منطقة حرام لا يقتحمها محتل بسهولة.. هذا هو أحمد الذي وقف بصدره يحمي هذه المدينة". أحمد المريض بالتلاسيميا منذ صغره، حرص أن يكون دائما في طليعة المنتفضين في المواجهات التي تشهدها مدينة رام الله ومحيطها، لم يغب يوما عن المواجهات التي شهدها محيط مستوطنة بيت أيل ابان انتفاضة القدس، كما كان دائما من المنتفضين أمام بوابة سجن عوفر الاحتلالي.

"كان دائما أول من يكون في المواجهات وأجدع من يكون... كان دائما في المقدمة ولم يكن يهتم أن يختبئ تحت اللثام" يقول صديقه أوس أسعد لـ قدس الإخبارية، مشيرا إلى أنه كان يخاف على أصدقائه وهم بالموجهات ويطمئن عليهم دائما، وعندما كان يرى أطفال في المنطقة يعيدهم إلى منازلهم. ويروي أن أحمد هاتفه بالليل قبل ساعات من استشهاده، ووبخه بسبب مشكلة افتعلها في المدرسة، ووجهه للاهتمام بدروسه والابتعاد عن المشاكل، "كان ينصحنا دائما ويوجهنا، وكنا نسمع كلامه.. فهو قدوتنا ونموذجنا وكنا نحرص على تقليده بكل شيء".

إصابتان بالرصاص الحي أصيب أحمد خلال مشاركته بالمواجهات، فيما منعه الاحتلال من السفر قبل أيام واعتقله ليومين قبل أن يفرج عنه. "أحمد لا مثيل له، كان دائما في الصف الأول بالمواجهات، وكان يشجعنا دائما على المشاركة والتصدي لقوات الاحتلال" يقول إيهاب فواز من بيتونيا، أحد أصدقاء الشهيد أحمد.

أحمد بات وجها مألوفا لمعظم أهالي بيتونيا، بسبب تواجده المستمر في المنطقة خلال مشاركته بالمواجهات التي تشهدها بوابة سجن عوفر الاحتلالي، "كل أهالي بيتونيا يحبون أحمد ويحترمونه، كان دائما هو أقرب شاب على البوابة ولم يكن يخاف جنود الاحتلال" يعلق إيهاب، ويتابع "الله يحميه .. أقصد الله يرحمه".

وكما أصدقائه الشبان، لم تغب ايمان أبو شلبك عن المشاركة في كافة مراسم تشييع جثمان أخيها الذي ترتب واياه في ذات الحي، لعبا فيه وحفظا أزقته، قبل أن يكبرا معا "كان هادي جدا، صاحب ابتسامة لا تغيب، إلا أنه كان مشاكسا لا يغيب عن المواجهات أبدا"، تقول ايمان لـ قدس الإخبارية.

وتضيف، "أحمد سندنا في الحي، عندما نحتاج شيء نهاتفه ويأتي سريعا إلينا، يحرص دائما عن السؤال والاطمئنان علينا .. كيف لا وقد تربينا معا طيلة السنوات الماضية".

ولا تنس ايمان العملية الجراحية الأولى التي خضع لها أحمد وغاب عن اللعب في الحي، "أذكر ذاك اليوم جيدا حيث بقي أحمد في حجر صحي ومنع من الخروج من غرفته، إلا أننا كنا نذهب إليه ونلعب معا من النافذة بعد أن يرتدي كمامته". وما إن شارفت جنازة الشهيد أحمد خروبي الاقتراب من مقبرة البيرة المحاذية لمستوطنة "بسغوت"، حتى انحرف المسلحون وسلكوا طريقا آخرا، والأصوات تنادي خلفهم "ابقوا معنا .. ابقوا في الجنازة"، فيما واصل أصدقاء الشهيد هتافاتهم، "بالروح بالدم نفديك يا شهيد"!