شبكة قدس الإخبارية

الحزن سيطر على بيت ريما عندما غادرها أحمد مستشهدًا

شذى حمّاد
رام الله – خاص قدس الإخبارية: لعبا النرد معا في المقهى، ثم تناولا فنجان القهوة الأخير معا، قبل أن يعطي أحمد صديقه أسعد، مسبحته وسماعات هاتفه، دون أن يودعه. الساعة الثامنة مساء، كانت الساعة الأخيرة التي جمعت أحمد الريماوي وصديقه أسعد زيداني، وما إن افترقا حتى اندلعت مواجهات عنيفة في قرية بيت ريما شمال رام الله، ليوقظ أسعد الاتصال الأول بعد ساعات، "أحمد أصيب"، ثم الاتصال الثاني "أحمد استشهد". منذ أيام وبعد عملية إطلاق نار فدائية وقوات الاحتلال تقتحم يوميا قرية بيت ريما بحثا عن المنفذين، فيما يتصدى الشبان بالحجارة وإغلاق مداخل القرية. يقول أحد المتظاهرين لـ قدس الإخبارية، "كان أحمد في الطليعة، حاولنا إرجاعه عدة مرات، إلا أنه كان يرفض ويصر على مواصلة إلقاء الحجارة من مسافة قريبة". وما هي إلا لحظات قليلة حتى وقف أحمد وجها لوجه أمام أحد جنود الاحتلال، وقبل أن يلقي حجره الأخير، أصيب برصاصتين في القلب، "لم يغب يوما عن مواجهات القرية، كان دائما حاضرا ويتصدى معنا"، يعلق أحد المتظاهرين، الذي نحتفظ على ذكر اسمه خوفا من ملاحقته من الاحتلال. "كان زلمة ومات زلمة" يختصر أسعد الكلمات واصفا صديقه الشهيد الذي كان يبلغ من عمره عاما واحدا عندما اعتقال والده، حازم الريماوي، قبل أن يفرج الاحتلال عنه منذ شهور قليلة عقب قضائه ١٥ عاما في سجون الاحتلال. أما خالد الزيداني، فسرقه امتحانه من الاجتماع مع صديقه أحمد قبل استشهاده، يقول خالد لـ قدس الإخبارية، "التقينا صدفة في الشارع، مازحني وبدأ لعبه ومزاحه المعتاد معي .. واتفقنا أن نذهب صباح اليوم التالي إلى البرية". ويتابع خالد، "كانت شخصيته قوية لا يبالي بكلام أحد، ولكن كان طيبا جدا ومعطاء يساعد ويخدم الجميع". خالد وأحمد اعتادا دائما الذهاب معا إلى البرية للتنزه والتجول، وأحيانا الاصطياد، إلا أن أحمد رحل شهيدا قبل أن يشارك صديقه بجولته الأخيرة، "أذكر مرة خرجنا معا، وبمنتصف الطريق قال لي أنه سيتركني ويصعد أعلى الجبل .. تركته يعمل ما يريد، وبعد أن طال الغياب بدأت بالاتصال عليه دون أن يجيبني". ليرد أحمد على صديقه فيما بعد، ويخبره أنه نام وحيدا في الخلاء، إلا أن أحمد لن يستيقظ مجددا ويطمئن صديقه خالد القلق عليه دائما، "كان يخطط أحمد أن يذهب ووالده في جولة بالبرية فور أن يتحرر ... إلا أنه استشهد قبل أن يحقق ما تمنى طيلة السنوات الماضية". "يا غالي" "يا عيني"، هكذا كان الشهيد أحمد يخاطب أصدقائه وأقاربه الذين لم يعتادوا أن يسمعوا منه أسمائهم، "كان صاحب قلب طفل وشجاعة رجل، كان شابا مميزا في القرية والكل يحبه، لقد كان صديق الجميع"، يقول بلال الريماوي أحد أقارب الشهيد أحمد. ويبين بلال لـ قدس الإخبارية، أن رحيل أحمد شهيدا ترك جرحا عميقا في قرية بيت ريما التي لا يوجد أحد فيها لا يعرفه، "كل بيت ريما اهتزت لرحيله .. نحن غير قادرين على تخيل شوارع القرية وأحمد ليس فيها، يمازح هذا، ويساند ذاك". على قبر الشهيد أحمد، وقف عمه جاسم يراقب من يغلقون القبر بالتراب تحت مظلة نايلون نصبت مؤقتا لتحمي القبر من الأمطار المتساقطة، "لست عمه فقط، فهو ابني ربيته طيلة سنوات غياب والده في سجون الاحتلال .. كنت أخوه وأبوه وعمه وصديقه". ويضيف جاسم، "منذ صغره وكان أحمد يردد أريد أن استشهد.. وهو حلم، حققه اليوم".