شبكة قدس الإخبارية

"تنوين" علامة الحركة الفارقة لتعميق الوعي بـ"اقرأ"

هدى عامر

القدس المحتلة - قُدس الإخبارية: "الأرض كلها مكتبة، والقارئ ليس غريبا".. تبدو العبارة كحكمةٍ أو قولٍ مأثور وربما سرح بنا الخيال لاعتبارها عنوانًا لورشة عمل ثقافية لكنها تبدو أكثر بهجة وشمولية إن عرفنا أنها تصل إلى كل بيتٍ لمتصفحٍ إلكتروني معني بها.

"تنوين" جعلت هذه العبارة عنوانًا لها، وهي مجموعة الكترونية على موقع فيسبوك، أطلقت قبل 3 أعوام، تُعنى بالقراءة وتداول الكتب بين قراء العالم، ليتبادلوا آراءهم وأحاديثهم حول ما يقرأون من كتب متوجهين بالنصح والإرشاد والإشادة وحتى النقد لغيرهم من القراء.

وتأتي فكرة المجموعة تواصلا لفكرة سلسلة تنوين الموجودة على أرض الواقع وفي الفضاء الالكتروني بحيث تعمل على تجميع القراء من جميع أنحاء العالم، فيقول مسؤول المجموعة مجدي إبراهيم من القدس المحتلة "قررنا منذ انطلاق المجموعة ألا تكون حشوا بالأعضاء والأسماء، وإنما أن يكون الانضمام لها ضمن اختيار".

لم تقتصر المجموعة على فلسطين، كما لم تفعل تنوين "المجموعة الواقعية" من البداية، حيث وصلت المبادرة لأكثر من 18 دولة والمجموعة تصل لأكثر من ذلك ولن نبالغ إن قلنا إنها تصل إلى أرضنا العربية كاملة، وفقًا لمجدي إبراهيم.

[caption id="attachment_88213" align="aligncenter" width="600"]تنوين "مجموعة تنوين على الفيسبوك"[/caption]

وكأي مبادرة وأي فكرة، امتلكت المجموعة كأثر ممتد لتنوين هدفًا واحدًا نشأ منه عدة أهداف وفوائد مع الاحتكاك بأرض العمل والتنفيذ، ففي بداية الانطلاق كان الهدف الوحيد هو الإجابة على تساؤل "ماذا تقرأ؟ "، لكنها اتسعت لاحقًا لأهداف أخرى.

وبحسب مجدي فان المجموعة استطاعت خلق أهداف وفوائد جانبية منها أنها عملت على خلق أواصر ترابط بين القراء في العالم العربي، ليتبادلوا أخبار الكتب والقراءة وإصدارات الكتاب ودور النشر.

كما سهلت تواصل الناشرين الفلسطينيين والمكتبات مع شريحة قارئة تستطيع أن تستشف طلبات الكتب الخاصة بها والمطلوبة في أوساطها، تعمل كحلقة وصل إخبارية عن معارض الكتاب وفعاليات الإطلاق والكتاب وتجارب القراءة.

أما عن نجاحاتها، فيقول المسئول فيها "لا أجد أن هناك مقياس معين أستطيع أن أضع المجموعة عليه لأحكم بنجاحها أو فشلها، إذ أنها حققت ما أنشئت من أجله وخرجت لفضاء أرحب من ذلك في رسالتها، لربما قد نشير إلى إنسان أحب الكتب والقراءة من خلال المجموعة بحيث تم كسر الحاجز بينه وبين الكتاب، وكما نقول دائما فإن القراءة عدوى".

تنوين2

ولأن التحديات أساس النجاحات، فان المجموعة واجهت عددًا من المشكلات، كان أهمها بحسب مسؤولها هي "مسألة الوعي بأمر اقرأ والرسالة التي نخوض من أجلها، الوعي الخاص بـ"اقرأ" نقصد

وأضاف مجدي لـ قُدس الإخبارية، "في تعريفنا الخاص بمبادرة تنوين نذكر التالي في رسالتنا: لا خير في اقرأ لا تغير ولا تبدل، اقرأ التي نعنيها هي من انطلقت من ظلمة الغار فأنارت الدنيا، وتختمها بالنزول إلى ميدان العمل بعد ميدان القراءة والموازنة بينهما"

ويعتبر الفارق الوحيد بين المجموعات الشبابية التي تحث على التوعية بأهمية الكتب في السنوات الأخيرة الماضية، هو الوعي الحقيقي بـ "اقرأ" وكيفية التعامل معها، ويبدو ذلك جليا في الاختيار والطريقة والعمق لكل منها.

وأشار مجدي إلى أن هذا الأمر يصبح تحديا أكبر في فضاء إلكتروني سهل الوصول، بحيث تكتب ما تريد ببضع ضغطات على لوحة المفاتيح، مضيفًا "بما أن الانترنت متاح للجميع فإن المهمة تصبح أصعب، إذ أننا نواجه مشكلة الذوق في تقبل كتاب دون كتاب أو طرح فكري دون آخر".

ففي الوقت الذي قد يعجبك كاتب ما قد يسمى بأديب ستجد إنسان ينتقده بشدة، ويمكنك القياس على أكثر من صعيد فيما يخص هذا الأمر، بحيث يمكن أن تنشأ مشكلة حقًا في المجموعة جراء هذا الأمر، أضف إلى خيالك أن تمتلك المجموعة في وقتها الحالي ما يزيد على 12000 عضو من بلاد شتى، فكيف يمكن أن تتفاقم هذه القضية؟ يتساءل مجدي.

وأوضح أن إدارة المجموعة استطاعت الضبط بعض الشيء فيما يخص ذلك بوضع قوانين عامة يتم الاخذ بها بيننا وبين الأعضاء، منها ما يخص أدب الحوار وتقبل الاخر فيما يطرح ويريد علاوة على رد الحجة بالحجة والرهان والبرهان، ما دفع القراء بالالتزام بذلك مما يخفف عنا.

وببساطة، احتواء مجموعة على 13 ألف عضو، فإن هذا سبب مثير لتعتبر سوقا إعلانية أو سلة من اللايكات يمكنك أن تعرض فيها سلعتك، منها ما برز من كتاب شباب يجدون المجموعة قاعدة تأسيسية فيما يخص رأي القراء والناس بكتاباتهم، إذ يجد الأعضاء أن من حقهم أن يعرضوا كتاباتهم بدعوى أن القراءة والكتابة لا تنفصلان.

تنوين3

كما لا تسمح قوانين المجموعة باستعراض الأعضاء لما يكتبون كنوع من تسويق الذات، وجعله مرفوضا لعدة أسباب، كان أولها بحسب مجدي "أن الكتابة سهلة بالمعنى التقني، وصعبة لمن يجدونها صلاة للأصابع، ورسالة في الحياة تحتاج لإعمال الفكر والعقل والتأمل، فللذين يجدون سهولتها فهم لا يحتاجون إلا للضغط على لوحة المفاتيح أمامك ليكون لديك منشور تعرضه للناس لتتم قراءته وهذه المفارقة الصعبة بين الأذواق والعمق تنتج حالة من الفوضى في المجموعة، إذ لا يمكنك أن تعطي صلاحيات بالنشر لعضو دون آخر".

وفيما يتعلق بسبب الرفض الثاني، فان المجموعة ستحيد عن الهدف الذي أنشئت من أجله، ببسيط فقط أن يكتب كل عضو منهم منشورا واحدا كل فترة سيجعل هدف المجموعة من الصعوبات إن لم يكن المستحيلات، لذا منع الأعضاء من نشر الكتابات مع أننا نقدر ونؤمن بأن لدينا فيها من يستحقون لقب كاتب، يعطي الكتابة رهبتها وقيمتها.

تبقى "تنوين" علامة الحركة الفارقة فوق الكلمات، لها قوانينها التي تحكم أعضائها لمجموعة أكثر التزامًا بالهدف الذي قامت من أجله وهو الوعي الحقيقي بكلمة "اقرأ" كامتداد للفكر الثقافي الذي تحتاجه مجتمعاتنا، مع الدعوة إلى امتداد الفكرة وتنميتها ليسمو هدف القراءة دومًا.