خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الاجتياح البري على قطاع غزة قبل عام، انتشرت معلومات حول استدعاء جيش الاحتلال لمرتزقة قتالية من حول العالم، تشاركه جرائمه ضد الفلسطينيين هناك، في حين كشف بعض وسائل الإعلام العبري ومنها صحيفة "يديعوت أحرنوت" الستار عن الآلاف من المهاجرين الجدد من أوكرانيا وروسيا الذين لديهم قدرات عسكرية تمكنهم من القتال مع جيش الاحتلال في قطاع غزة.
إضافة إلى ذلك وجود المئات من جنود الجيش الأوكراني الذين قدموا إلى دولة الاحتلال للعلاج جراء الحرب في أوكرانيا، ومكثوا في دولة الاحتلال، مع تأكيد انضمامهم إلى فرق المرتزقة في جيش الاحتلال، والمشاركة في حرب الإبادة.
بالتزامن مع ذلك، هددت وزاة الخارجية لجنوب أفريقيا مواطنيها الذين يعيشون في دولة الاحتلال، وحذرتهم من الانضمام لجيش الاحتلال بالحرب على غزة، وأكدت أن ذلك يعرضهم لخطر الملاحقة القضائية في البلاد بتهمة انتهاك القانون الدولي.
وأكدت هذه المعطيات استخدام الاحتلال للمرتزقة بشكلٍ واسع في الحرب، فما هي المرتزقة العسكرية، وكيف اعتمد عليها جيش الاحتلال بعد خسارته جنوده بين قتلى وجرحى في عمليات المقاومة؟
المرتزقة.. ارتباط إسرائيلي قديم
يوصف الجنود المستأجرون للحرب من أجل دولة أخرى غير دولتهم، لتلبية مصالحهم الخاصة بهم بعيداً عن المصالح السياسية أو الإنسانية أو الأخلاقية، بالمرتزقة وفق القانون الدولي واتفاقية جينيف الرابعة عام 1949، وقد استُخدمت أمريكياً في حرب فيتنام بسبعينيات القرن الماضي، وحرب العراق عام 2003.
ومنذ تشكيل العصابات الصهيونية واشتداد قوتها قبل حرب النكبة، جندت هذه العصابات مرتزقة من اليهود حول العالم للقتال في فلسطين، من خلال منظمة "ماحل" أو "متطوعون من الخارج إلى إسرائيل"، وتمكنت "ماحل" عام 1947 من تجنيد أكثر من 3 آلاف متطوع من 37 دولة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، غالبيتهم من اليهود الذين تم تدريبهم على القتال في معسكرات أشرفت عليها الصهيونية بفرنسا، أو الذين اشتركوا بالقتال في الحروب العالمية، وجاؤوا إلى فلسطين خلال عام 1948 للقتال إلى جانب العصابات الصهيونية، ومساعدتها في إقامة الكيان الصهيوني على أراضي فلسطين المحتلة، وتأسيس جيش الاحتلال الإسرائيلي خاصة القوات البحرية.
وفي عام 1952، تم إنشاء حي "نيفي مال" شرق "تل أبيب"، وهو مجمع سكني يضم 100 شقة، كانت تسكنه عائلات من المرتزقة من إنجلترا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
بعد ذلك أسس جيش الاحتلال مشروع "الجندي الوحيد"، وهو مشروع عسكري لرعاية الجنود القادمين إلى دولة الاحتلال دون عائلاتهم، مع توفير امتيازات واسعة لهم كالأجور العالية، مع السماح لهم بالعمل الخاص إلى جانب التجنيد وتوفير الهدايا والنثريات، والإعفاء من الضرائب، فيما أكدت وزارة أمن الاحتلال، ووحدة البحث والمعلومات بالكنيست، أن عدد "الجنود الوحيدين" في جيش الاحتلال قرابة 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة حول العالم ، وتبلغ نسبة اليهود منهم 20% فقط، بينما 80% أتوا بمفردهم ودون عائلاتهم، مما يعني أن النسبة الأكبر من الجنود الوحيدين الأجانب مرتزقة، يشارك هؤلاء بالحرب على قطاع غزة.
جيش مزدوج الجنسية وشركات أمنية خاصة
إضافة إلى ذلك، توجد شريحة واسعة داخل جيش الاحتلال، من الجنود الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية إلى جانب الجنسيات الأخرى، كالروسية والأوكرانية والفرنسية والبريطانية والإفريقية، تم ضمهم إلى جيش الاحتلال من خلال خدمة التجنيد التي تتبع الحصول على الجنسية، ويبقى أعداد كبيرة من هؤلاء الجنود في قوات الاحتياط، أو في سياق الخدمة المدنية الإسرائيلية.
وتعمل شركات الأمن الخاص الإسرائيلية، على استقطاب مجموعات المرتزقة حول العالم بمقابل مادي، وفي وقتٍ سابق قالت صحيفة "غلوبس" إن المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي، حزموا أمتعتهم وتحركوا للقتال إلى جانب جيش الاحتلال في الحرب على غزة.
وفي حينها قال لاعب كرة القدم السابق "إريك كانتونا" في أحد منشوارته على موقع الانستغرام :"هؤلاء الجنود الأربعة آلاف الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية الفرنسية، والذين غادروا البلاد للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الفلسطينيين، بحجة شن حرب ضد حماس، هل سيتمكنون من العودة إلى فرنسا وكأن شيئا لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟"، في إشارة واضحة على مشاركة الآلاف من الفرنسين في الحرب.
وأكد ذلك النائب الفرنسي "توماس بورتس" عندما أشار إلى مسحٍ أجرته شبكة "أوروبا1" كشف أن 4185 جنديا من الجنسية الفرنسية تم حشدهم إلى جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجبهة في غزة، وكان ذلك في شهر كانون أول/ديسمبر 2023.
وعود وابتزاز
خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، بأن وزارة داخلية الاحتلال بحثت إمكانية تجنيد أبناء الجيل الثاني من طالبي اللجوء، الذين تلقوا تعليمهم في جهاز تعليم الاحتلال مقابل تسوية دائمة لوضعهم القانوني ولأفراد عائلاتهم.
وأضافت "هآرتس" في حينها، إن دولة الاحتلال تدير عمليات تجنيد المرتزقة الأفارقة بشكل منظم وبمرافقة المستشارة القضائية للأجهزة الأمنية، لكن من دون مناقشة البعد الأخلاقي لاستخدام طالبي اللجوء في عمليات عسكرية، علمًا بأنه يعيش في دولة الاحتلال، نحو 30 ألف طالب لجوء، 3500 منهم من السودان.
وبحسب "هآرتس" فإن عملية المساومة تفضي بإغراء طالبي اللجوء بقبول المشاركة في الحرب مقابل وعود بمنحهم الإقامة الدائمة، إضافة لوعود بتسوية أوضاعهم القانونية، إلا أنه رغم تلك الوعود لم يحصل أي مشارك على وضع قانوني دائم حتى الآن حسب ما أورده تحقيق الصحيفة.
وبحسب معلومات نُشرت مؤخراً، فإن حوالي 200 هندي من "بني منشية" يخدمون بجيش الاحتلال، بالإضافة إلى 200 جندي احتياطي تم استدعاؤهم للخدمة بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى، و "بني منشية" هي إحدى القبائل الهندية التي هاجر الآلاف منها إلى فلسطين المحتلة، وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية.
وأكدت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه استُدعي هؤلاء إما لأداء واجبات عسكرية نشطة وإما احتياطية، فضلا عن تطوع بعضهم، وذلك نقلا عن منظمة "شافي إسرائيل"، وهي منظمة مقرها القدس تهتم بـ"تعزيز علاقات إسرائيل مع مجتمعات الشتات اليهودي في جميع أنحاء العالم"، كما تُعرّف نفسها.
ومع إتمام حرب الإبادة على قطاع غزة عامها الأول ودخولها بالعام الثاني، يفتتح جيش الاحتلال بالتزامن مع ذلك حرباً أخرى ضد حزب الله في لبنان، مع عملية توغل بري في لبنان، سقط عشرات القتلى من ضباط وجنود الاحتلال في القتال هناك، مع استمرار عمليات المقاومة في قطاع غزة، والتي توقع الأخرى قتلى وجرحى في صفوف جيش الاحتلال، مع إخفاء الاحتلال لأعداد القتلى من المرتزقة.