غزة – خاص قُدس الإخبارية: على الشريط الحدودي لقطاع غزة وفي نقاط التماس، تحمل كاميراتها ومعداتها وترصد الأحداث وتوثقها، وسيلة حمايتها الوحيدة من زخ الرصاص قدر طعام وكيس بلاستيكي!
يبدوا الأمر غير مألوف للصحافيين أمثالها، إلا إنها بادرت بهذه الخطوة لتكون رسالة مزدوجة، الأولى توجهها لجنود الاحتلال بأقل الإمكانيات لتخبرهم بأنها صحافية، والأخرى للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية وغيرها من الجهات المختصة لتشير إلى تقصيرهم بحق الصحفيين.
سمر أبو العوف قالت لـ قُدس الإخبارية، إنها بدأت العمل منذ ست سنوات كمصورة صحافية، غطت خلالها عدواني عام 2012 و2014 دون أن تحصل على درع صحافة لأنها لم تعمل يوما في مؤسسة إعلامية بشكل ثابت.
وأضافت أبو العوف، بأن عملها هو هوايتها الأولى ومصدر رزقها ولن تتوقف عنه بسبب الدرع أو التأمين الذي تحصل عليه في العمل الثابت، مبينة، أنها لاحظت وصول دعم للكثير من المؤسسات التي يمكنها تزويدها بدرع إلا أنهم يتجاهلونها دائماً.
وأشارت إلى أنها أوصلت الرسالة بارتدائها لـ"درع نايلون" وقدر الطعام بدلاً من الخوذة، مؤكدة أنها حققت هدفها بإيصال الرسالة لجميع المؤسسات لمعنية على المستوى المحلي والدولي، مستنكرة عدم اتخاذ أي إجراء لتوفير الحماية لها ولزملائها.
الاعتداء الإسرائيلي على الصحافيين تجدد خلال الانتفاضة الحالية كما حدث في كل جولات العدوان السابقة، لكن بسلاح أقل دموية، وبحسب التجمع الإعلامي الشبابي الفلسطيني فإن عدد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحافيين وصلت 110 انتهاكا.
لكن اعتداءات الاحتلال، لا تشكل التحدي الوحيد أو حالة الظلم الوحيدة التي يواجهها الصحفيون في القطاع، كما أن "ظلم ذوي القربى" لا يقتصر على انعدام وسائل الحماية، بل يتجسد أيضا في تدني الأجور المدفوعة للصحفيين رغم صعوبة مهنتهم وخطورتها، وذلك مقابل كثرة المهام المناطة بالصحفي بحيث لا يتناسب الجهد مع الأجر، بالإضافة لحرمانه من حق الحصول على إجازاته وفق قانون العمل الفلسطيني.
كما يتجسد هذا الظلم أيضا بالمخاطرة دون تأمين على الصحة أو الحياة، كما يجب أن يحدث في كل المناطق التي تعد مناطق عمل خطيرة على الصحفيين في العالم، بالإضافة للعمل دون عقود ما يهدد الأمن الوظيفي للصحفي ويجعله عرضة للفصل.
ويؤكد تحسين الأسطل نائب نقيب الصحفيين بغزة وجود الانتهاكات السابقة وتحولها إلى ظاهرة، مشددا في الوقت ذاته على أن المؤسسات الإعلامية ملزمة بتوفير مستلزمات الحماية (كأقنعة الغاز والدروع والخوذ وغيرها) للموظفين الذين يعملوا في المؤسسة بشكل ثابت، لكنه أشار إلى أن هذه المؤسسات ليست ملزمة بذلك للصحفيين العاملين وفق "نظام القطعة"، حسب قوله.
وأوضح الأسط لـ قُدس الإخبارية، أن الصحفيين المستجدين في العمل يعانون الاستغلال في المؤسسات الإعلامية من ناحية الأجور والمهام المُناطة بهم، مُشدداً على ضرورة الوقوف أمام هذه الظاهرة من قبل الإعلاميين أنفسهم بالدرجة الأولى برفض الخضوع لهذه المؤسسات، وإبلاغ النقابة عن أي تجاوز لقانون العمل تقوم به تلك المؤسسات.
ومن جانبه، قال مدير وحدة البحث الميداني في مركز الميزان سمير زقوت، إن الصحفيين يتعرضون لاعتداءات إسرائيلية بشكل كبير وتحديداً خلال الانتفاضة الحالية، حيث استهدف جنود الاحتلال المراسلين بشكل واضح من خلال القنص.
وأشار زقوت إلى القانون الدولي يعطي للصحفي حماية مطلقة ضد الاستهداف، وأن الاحتلال يجب عليه ضمان وصول الصحافيين للمعلومة دون تهديد أمنهم، مشدداً على أن الاحتلال لا يطبق القانون إطلاقاً ويتعرض للمدنيين وللصحافيين.
وأضاف لـ قُدس الإخبارية، أن الإعلاميين يتعرضون لانتهاكات من الجانب المحلي ومن الملاحظ على هؤلاء الصحافيين رفضهم للظهور وتوثيق هذه الاعتداءات حفاظاً على مصدر رزقهم بعيداً عن الإشكالات، لافتاً إلى أن المؤسسات الإعلامية تعتدي على حقوق العاملين أيضاً.
وأفاد بأن المراكز الحقوقية ترصد حالات عنف، إلا أن التطبيق القضائي على مستوى المحاكم الإسرائيلية ضئيل، ويبقى الأمر فعال في المحاكم الفلسطينية لرد الحق الإعلامي الفلسطيني.