شبكة قدس الإخبارية

مقعد السجن عوضا عن مقعد الجامعة!

جمان أبوعرفة

لم تكن تعلم أسماء قدح 21 عاما حين غادرت بيتها في نابلس صباح اليوم أن رحالها ستحط في مركبة عسكرية إسرائيلية عوضا عن مقعدها في محاضرة الأدب الإنجليزي. فقد اعتقلتها قوات الاحتلال من مركبة عمومية عند حاجز زعترة جنوب نابلس أثناء توجهها إلى جامعة بيرزيت، التي تدرس فيها وتتولى إلى جانب ذلك مهمة سكرتير اللجنة الثقافية في مجلس الطلبة .

رئيس مجلس الطلبة وسكرتير لجنة التخصصات واثنان من كوادر الكتلة الاسلامية في ذات الجامعة اعتقلوا أيضا أمس الأول، فجر ذات اليوم الذي كان من المقرر إقامة مهرجان في الجامعة في ذكرى انطلاقة حركة حماس.

جو من الصدمة والحزن عم كل من علم بخبر اعتقال أسماء، فهي فتاة في مقتبل عمرها، يقول من عرفها إنها هادئة، لبقة وذات شخصية ناضجة، تمتلك رصيدا عاليا من الابداع والثقافة أهلها لتتبوأ منصب السكرتارية الثقافية، لكن ذلك لم يحل دون اعتقالها، علما أن هذا الاعتقال هو الأول من نوعه لعضوة في مجلس طلبة جامعة بيرزيت، ولكنه ليس الأول في صفوف طالباتها اللواتي كانت آخرهن الأسيرة المحررة لينا خطّاب.

اعتقال أسماء يحمل في طياته معانٍ كثيرة أراد الاحتلال إيصالها للشارع الفلسطيني وتحديدا للطالبات الفلسطينيات اللواتي طرقن باب العمل الطلابي تحت أطر سياسية، فالاحتلال يتوقع من هكذا خطوة أن تنأى بالفتيات بعيدا عن أي عمل سياسي خوفا من تجربة الاعتقال أو السجن، و أن تحفز الرقيب الأسريّ عليهن خوفا من خوض بناتهن تجارب مريرة عايشها معظمهم واكتوى بنارها.

والد "أسماء" عبد الحكيم قدح خاض تجربة الاعتقال في سجون الاحتلال وسجون السلطة الفلسطينية مرارا.  وهو في هذه اللحظات يقبع في أقبية التحقيق الاسرائيلية، وربما يكون اعتقال ابنته البكر نوعا من أنواع الضغط عليه وابتزازه.

الدور الفعّال للفتيات في الحركة الطلابية كان بارزا على مر سنوات، فخرجن إلى نقاط التماس بجانب الشبان وظهرت لمساتهن الابداعية في جل النشاطات التي تدعو إلى المقاومة وتحفل بالروح الوطنية والتي تحفز أيضا بنات جنسهن لتخطي حاجز الخوف وجعله أمرا مقتصرا على الرجال فقط.

وهذا ما جرّأ الاحتلال عليهن، فلم يعدن بمأمن عن اعتداءاته، ثلاث طالبات جامعيات اعتقلن مؤخرا وتم الافراج عنهن؛ لينا خطاب من البيرة ووئام جبري من نابلس وثريا بزار من رام الله، إلى جانب طالبات مدرسيات منهن ملاك الخطيب 14 عاماً.

فعليّا، مضايقات الاحتلال للطالبات الناشطات –في كافة الفصائل السياسية والجامعات المختلفة- ليست جديدة، فقد تعرضت العديد منهن لطلبات التحقيق والتهديد والاعتقال. ودائرة استهداف الاحتلال لم تقتصر قط على تلكم الطالبات، فالأنثى الفلسطينية سواء كانت طفلة، طالبة، امرأة أو عجوزا تطالها هذه الدائرة، وهذا ما بدا جليّا في "لانتفاضة الراهنة، الطفلة رهف والمسنة ثروت والطالبة مرح وهديل والكثيرات لهن أبرز مثال على هذا الاستهداف المتعمد. فوراء كل شهيد أو معتقل أو مطارد أم تدعو له وزوجة ترعى أولاده  وابنة تنتظر طيفه وأخت ترقب ابتسامته مع كل طرقة باب!