شبكة قدس الإخبارية

الفصائل وحقيقة الانتماء

إسلام كمال

إن  أول ما يتصدر الساحة السياسية الفلسطينية في قضاياها الشائكة، مسألة الفصائل، الميزة العرجاء  التي يتميز بها شعبنا الملون بالأخضر والأصفر والأسود وغيرها.

وبعيداً عن سياسيي الأحزاب ومشاكلنا الكثيرة معهم، نأتي إلى الفئة الأهم والأعم ، والتي من المفترض أن تغدو يوما ما جزء من هذه القيادات، فئة الشباب التي تنتمي لهذه الأحزاب وعامة الناس التي لا تكاد تستوعب سبباً حقيقياً لجهره وفخره حين ينفش صدره ويقول "انا ابن كذا" وتقول "أنا من حزب كذا"، وإن نبشت وحفرت محاولاً العثور على جوهر الانتماء عبثاً تجد غير العلب البلاستيكية الجاهزة على السطح .

إذن متى يقرر شاب أو فتاة في مرحلة وعيه ونضوجه ولنفترضها المرحلة الجامعية، تقرير مصيره مع مسمى واحد وحتى مدى العمر – ومدى العمر، ذلك أنك من الصعب أن تجد من يحيد عن آرائه السابقة، فذلك لا يليق به وبما عرفه الناس عنه - وحتى الآخرين فلن يقبلوه بسهولة بلباس آخر غير اللباس الأول الذي اختاره لنفسه وكأنه فعلاً ما الحب إلا للحبيب الأول.

وحتى لا نشت، فإنك إن درست جزئية بسيطة مما يحدث بالفعل في تلك الانتماء ات والمسميات، لا بد وأنك ستلاحظ شيئاً من هذه الامور، فهل أنت عزيزيتي حين تقرر التحزّب يصيب نفسك شيئاً منها؟ وهل تعتبر نفسك بعد ذلك منتميةً بمبادئ حقيقية أم زائفة؟

كيف يبدأ الأمر ؟

معنوياً : يقول فرويد إنه من الاستحالة ان يقوم الإنسان بإنجازٍ ما دون أن يكون أحد أهم أهدافه الحقيقية "شخصياً ونفعياً"، فلربما كان عزيزي- المنتمي حزبياً –تاريخك النفسي يحدثنا عن بداية الأمر حين كان رغبة فيك بعمل قيمة ووزن لشخصك بين أهلك وأصحابك، بأن يكون لك رأي على الأقل، وعلى الأكثر أنت عضو مهم ومشارك في النشاطات العامة لهذا الحزب، وبذلك تعزز ثقتك بنفسك وتجد لها مخرجاً من مأزق سؤال، "ماذا أكون في الحياة؟"، وإن هذه لمن أسوأ الاجابات.

مادياً:  جميعنا يعلم بما يدره عليك الحزب من فوائد حين تكون عضواً معترفاً به من قبله، فأنت على سبيل المثال البسيط و لا الحصر كطالب جامعي أحياناً  تعفى من الرسوم أو من التزام الحضور إلى الجامعة. لعلك تضحك في نفسك من هذه الأسباب لكني وجدتها هدفاً صريحاً لكثير من المنتمين دون خجل او تقية، فلم الخجل من ذكرها وحين تتخرج إلى الحياة فإن الحزب لا يتخلى عنك أو يفعل بحسب ولائك وطواعيتك له، إلا انك إن كنت مرضياً عنك فستكون في خير منه أبداً في مستقبلك وعملك ومعيشتك.

ما قد يوجد في الباطن من أهداف أخرى:

قد ترى عزيزي المنتمي حزبيا، إن نظرت بعين اجتماعية على ما يحدث، أن هناك الكثيرين من المنتمين شباباً أو شابات يفعلون ذلك من اجل الحب والغرام، او الامساك بشريك حياة مناسب، ولست في موقع لتقييم هذا الفعل عموماً أو تحريمه والتعييب عليه، ولكنني في موقع سؤال عنه في هذا المقام، هل تجده في موقعه الصحيح لحزب سياسي؟!

وإن دققت النظر في مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد من كل حدب وصوب صوراً للفتيات من هذا الحزب او ذاك أثناء  المظاهرات والندوات منشورات على صفحات الشباب – المنتمي - مع أعذب الغزل والوله ، ولا حرج في الغزل بقدر ما في الخلط واللغط  بالقضية وحق الانتماء، الذي يستحيل بمثل هذه التصرفات – التي تبدو مزاحاً للوهلة الأولى – ولكنها في الحقيقة تأصل  مدى السطحية التي تفشت في اهتمامات كوادر هذه الاحزاب والمجعجعين بالانتماء سواء  بالرومانسية العالية أم بالبلطجة العاتية.

ولكن هل نختم ونقول أن كلّ المنتمين من هذه النوعية، سنكون بالأكيد مجحفين بحق الشعب والشهداء، كأمثال مهند الحلبي طالب الجامعة المنتمي حزبيا والذي كان حقيقياً حتى صار الشعلة الأولى في الانتفاضة الثالثة، والكثيرين غيره من أصحاب الأفعال والكلام والمواقف الصادقة، ولكن السؤال ما نسبة أولئك، وإن كان من الطبيعي في المجتمعات كثرة التوابع والزبد وقلة القادة والفاعلين، فهل نحن في نسبة مقبولة من هذه الدراسة أم أننا تعدينا الحد الأدنى بكثير؟!