شبكة قدس الإخبارية

المراكز التدريبية في غزة.. حاجة تعليمية أم سوقٌ تجاري؟!

مصطفى البنا

غزة – خاص قُدس الإخبارية: يشهد قطاع غزة تناميًا متزايدًا في أعداد المراكز التدريبية الخاصة التي تستهدف طلبة الجامعات بمختلف تخصصاتهم، ويمكن ملاحظة الطفرة في انتشار هذه المراكز خلال الفترة الماضية عبر كمّ الإعلانات والدورات التي تطرح أمام الطلبة من أجل استقطابهم إليها.

يربط البعض انتشار هذه المراكز في الفترة الماضية بعوامل عديدة، أهمها غياب الرقابة على هذا الانتشار وتفشي البطالة في أوساط الشباب الذين يلجؤون لهذا العمل لتكوين مصدر دخلٍ ولو بسيطٍ لهم، وفي الوقت ذاته ارتفعت الأصوات المشتكية من عدم جودة الدورات المقدمة وموادها العلمية، وعدم كفاءة مدربيها الذين يفتقد أكثرهم إلى الخبرات التي تؤهلهم للتدريب في هذه المجالات.

عشوائية وتنافس في الأسعار!

رئيس اتحاد المدربين الفلسطينيين نبيل اللوح قال لـ قُدس الإخبارية، إنه لا ضير من انتشار المراكز التدريبية طالما أنها حاصلة على الاعتمادات الكاملة وتقدم برامج متخصصة ترفع من كفاءة الموارد البشرية، معتبرا، أن الانتشار العشوائي "المأساوي" لهذه المراكز جاء بسبب غياب الرقابة الرسمية على عملها، مما أتاح لها إطلاق دورات تدريبية بشكلٍ عشوائيٍ وغير مدروس.

ويبين اللوح، أن الاتحاد يسعى مع الجهات المختلفة لضبط عملية منح التراخيص لهذه المراكز، بحيث يصبح عملها قائمًا على اعتمادات تقيّم البرامج والمدربين على حدٍ سواء، مضيفا، "نعمل عن طريق لجنةٍ متخصصة في الاتحاد على تصنيف المدربين من خلال معايير يضعها خبراء ومختصون في هذه المجالات".

وعن المدربين قال اللوح، "عليهم أن يكونوا حاملي أمانة في تقديم المواد التدريبية التي تتحقق الفائدة والهدف المرجو منها"، محذرًا من التعامل مع مدربين ومراكز تقدم حقائب ومواد غير معتمدة وكثيرٌ منها محملة من الانترنت.

وكشف اللوح عن سعي الاتحاد إلى تشكيل نقابة تكون مرجعًا للمدربين، موضحا، أن الانقسام الحاصل بين غزة والضفة حال دون ذلك في الماضي، لكن الجهود مستمرة لإعادة العمل في هذه الفكرة وإنشاء النقابة لتكون مظلةً لكل المدربين".

مدير مركز ميادين للتدريب والتطوير محمد حمّو، رأى أن غياب التعليم الجامعي "الحقيقي" الذي يمكّن الطالب من الانخراط بسوق العمل يسبب انتشار هذه المراكز، واستدرك، "أقصد هنا المراكز التي توفر أفضل المدربين وأحدث أدوات التدريب بأقل الأسعار، وليس المراكز العشوائية التي تغري الطلاب والمتدربين بأسعار الدورات وتؤثر على عملنا دون تقديم محتوىً قوي للمتدربين".

وقال حمو، إن بعض المراكز تتبع لمؤسسات مدعومة تقدم دوراتٍ بأسعار لا تذكر، ويفترض أن تكون مجانية فتؤثر أسعارها المخفضة على الدورات التي يرتفع ثمنها بسبب وجود مدربين ذوي كفاءة ومعدات للتدريب، لتحقيق أهداف فعّالة وحقيقية.

منفذ لجمع المال

طلبة الجامعات الذين استطلعت شبكة قدس الإخبارية آراؤهم تباينت مواقفهم حول إيجابيات انتشار هذه المراكز وسلبياتها، إلا أنهم أجمعوا على أن الكثير منها بات ربحيًا يسعى لجني الأموال فقط.

وعبّر أحمد الشرباصي عن استيائه من ازدياد أعداد المراكز التدريبية والتشابه الكبير بين المواد والدورات المقدمة للطلبة، معتبرًا أن جلّ هذه المراكز بات منفذًا لتحقيق الربح المادي على حساب الطالب مقابل مواد ضعيفة لا تليق بمستوى سوق العمل في كثيرٍ من حالاتها.

ورأت الطالبة صفاء حسين أن المراكز التدريبية عليها إثبات تميزها من خلال شهادات مدربيها في ظل تزاحم وازدياد هذه المراكز، مضيفةً أن الحرج لا يكمن في انتشارها بل في انعدام الفائدة الحقيقة منها.

فيما لفتت أنصاف حبيب إلى أن ازدياد أعداد المركز التدريبية يؤدي لتشجيع المنافسة بينها لتقديم الأفضل للطالب، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنها "باتت تعتمد في نجاحها على استغلال الطالب من خلال رفع أسعار الدورات بالمقارنة مع المستوى الضعيف للمواد المقدمة".

قرارات حازمة

يقول المدير العام للتعليم العام في وزارة التربية بغزة محمد صيام،"نحن نسعى إلى نشر ثقافة التعليم والتنمية في المجتمع، ولا يقلقنا كثرة المراكز التدريبية بل ونتمنى أن تزيد بشرط انضباطها بالمعايير التي وضعتها الوزارة فيما يتعلق بتراخيص هذه المراكز".

ويفوق عدد المراكز التدريبية المرخصة في غزة عن الـ170 مركزًا يتركز معظمها في غرب غزة وفقا لصيام، الذي أضاف، "عقدنا اجتماعًا قبل أسبوعين مع كل المراكز التدريبية لوضع آليات التعامل معها في المرحلة المقبلة، ودراسة البرامج والدورات التدريبية المقدمة، وشكلنا لجنة من 25 شخصًا من مدراء المراكز لوضع تصور مع الوزارة لتنظيم الأمور الإدارية والفنية".

ويوضح صيام لـ قُدس الإخبارية، أن وزارته ستعقد اجتماعًا مع الوزارات والجهات المختصة بهدف تنظيم وضبط منح التراخيص للمراكز، محذرًا كل من يثبتُ تجاوزه للمعايير المتعلقة بالتراخيص والبرامج التدريبية، من اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة بحقّه بالتعاون مع وزارة الداخلية.

وفيما يتعلق بالمدربين يشير صيام إلى أن الوزارة قررت عقد دورات تدريبية وامتحانات للمدربين بحيث يصبح المدرب معتمدًا من الوزارة، مؤكدًا أنه "لن يسمح لأي مدربٍ لا يحمل رخصة تدريب رسمية من العمل في هذا المجال".

وكشف صيام عن بعض الإجراءات التي ستتخذها الوزارة في المرحلة المقبلة، ومنها توحيد امتحانات الدورات وتحديد مواعيدها بإشراف ومراقبة كاملة من الوزارة، إضافةً إلى العمل بالتشريعات السابقة التي تشترط وجود مسافة لا تقل عن 500 متر بين المركز والآخر، بما لا يسمح بوجود أكثر من مركز في مكانٍ واحد.