شبكة قدس الإخبارية

الاحتلال يجعل الإسرائيليين أغبياء!

هيثم فيضي

رام الله – ترجمة قُدس الإخبارية: هناك أشياء لا يخبرك بها حتى أقرب الأصدقاء إليك، ربما لأنهم يخشون عليك أو يخشون أن تكون معلومتهم خاطئة أو مخافة خسارة صداقتك. ولكن ما يدفعني لأكتب هذا هو أني أعيش مع هؤلاء الناس وبينهم فسأخبرهم بالحقيقة حتى لو فقدتهم، والحقيقة هي: أن الاحتلال يجعل من الإسرائيليين أغبياء.

هؤلاء الناس ليسوا أغبياء، بل على العكس فقد أثبتوا دهاءهم في مرات عديدة، وابتكروا واقعية جميلة دفعت الناس للتفكير في المستقبل، لكن الاحتلال يجعلهم أغبياء أكثر من أي شيء آخر.

بالنسبة لمعظم الاسرائيلين فإن الاحتلال غير مرئي لهم، فالجدار بعيد والدولة تعمل على إخفاء أي أثر للاحتلال بضماد سميك لإبعاده عن أعين الناس.

إن الوضع لم يكن هكذا دائماً، لكن الإجراءات كلما نجحت بشكل أو بآخر فإن الاحتلال يصبح أكثر رسوخاً، وبالتالي أكثر اختفاءً من حياة الاسرائيلين، ويصبح بعيداً عن تفاصيل حياتهم اليومية. لكن بكل تأكيد فإن المزيد من إجراءات الاحتلال يجعل الإسرائئيلين في نظر سكان الخارج أغبياء بالمطلق.

الاسرائيليون يحتاجون دائما للدفاع عن احتلالهم للفلسطينيين، خاصة وانهم يمتلكون رئيساً للوزراء كبنيامين نتنياهو الذي يصر أنه يواجه "وحوشاً" فلسطينيين، ويستخدم كل قوته للتحريض عليهم وتأكيد رغبته في إبادتهم. هذه التصريحات والتوجهات الحكومية المتشددة هي المسؤولة الوحيدة عن حوادث الطعن والدهس الأخيرة التي وقت ضد إسرائيلين خلال الشهر الماضي، برأي بورستون.

بطبيعة الحال، فنحن ندرك أن الهجمات الفلسطينية الأخيرة لم تكن نتيجة لأي سبب آخر، وإن كان كذلك، فقد اتخذنا كل إجراء ممكن ضده عن طريق الاحتلال، ما يعني أن وسائلنا وأسبابنا وقعت في الخطأ هنا وبقينا أسرى لحكومة تحرض على الفلسطينيين وتجرهم لمربع العنف، الذي نحن ضحاياه.

الحكومة ومؤيدوها في الخارج يقومون بجهد كبير للدفاع عن الاحتلال وليس الدولة، فيتبعون إجراءات عديدة ضد الفلسطينيين من ضمنها الحرمان الممنهج من الحقوق الأساسية عدا عن التوسع في سلب حقوق الفلسطينيين على إختلاف مناطق تواجدهم.

بدل العمل من أجل المجتمع  على أساس الحرية والعدل والسلام مستهدية بنبوءات أنبياء إسرائيل - حسب إعلان استقلال اسرائيل - تنفق الحكومة جهدها على تعزيز الاحتلال والتسويق له. فجهود الحكومة التي تتركز على حرمان الفلسطينين من حقوقهم في الملكية والعمل، والحد من حريتهم في التعبير والتنقل أو منعها حتى، وحرمانهم من حقهم في التصويت، عدا عن الإجراءات العنصرية في القوانين وإجراءاتها، هذا هو النظام الذي وصلت الدولة إليه لا يمكن تسميته إلا بالاحتلال الأبشع.

وفي اجتماع سابق، تعرضت الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية لهجوم حاد من نتنياهو أعضاء مجلس الوزراء حين كشفت أن هناك 3 أسباباً رئيسية لتصاعد وتيرة الاحداث، والتي كانت حسب الاستخبارات: التوترات في الحرم القدسي الشريف واحراق عائلة الدوابشة من قبل المستوطنين بالإضافة إلى شعور الشباب الفلسطيني بيأس واحباط شديدين.

ويتابع رئيس المخابرات هرتزل هاليفي في حوار مع الصحافي بن كاسبيت، "لجأ الشباب الفلسطيني إلى القيام بهذه الهجمات لأنهم كانوا في حالة من اليأس الكبير من الدولة ومما حولهم وشعروا بأنهم لم يعودوا يتملكون أي شيء ليخسروه."

من جهته، صب الوزير زئيف الكين جام غضبه على هاليفي لوضعه كل اللوم في تصاعد الأحداث الأخيرة على التحريض الممارس ضد الفلسطينيين، ووصفه بأنه ينقل الرواية الفلسطينية عن الأحداث وأنه يصلح أن يكون متحدثاً باسم الفلسطينيين لا الاسرائيليين.

زئيف إلكين ليس رجلاً غبيياً، لكن قوة الاحتلال الذي يمنحه السلطة - الرجل الذي دخل الجيش كشيء خاص وغادره كرجل خاص أيضاً- يدفعه ذلك كله إلى إلقاء محاضرة أمنية عنيفة على رئيس الاستخبارات العسكرية في الدولة.

بالإضافة إلى ذلك فزئيف هذا مستوطن أيضاً، انه مستوطن يدير الاحتلال، والاحتلال هو ما يدير "إسرائيل" فأي مصيبة تلك للاسرائيليين. والاستيطان هو السبب الوحيد القائم حتى الآن لاستمرار الاحتلال، لذا فهذا الرجل يعمل خادماً للمستوطنين ضمن أروقة الحكومة التي يفترض منها أن تمثل صورة اسرائيل.

الاحتلال يجعل الاسرائيليين أغبياء لانهم يعرفون أن الاحتلال يقودهم ويعرفون أنه سيكلفهم الكثير من الأطفال، الأطفال الذين يعيشون الخطر بسبب الاحتلال والأطفال الذين يسقطون ضحايا للاحتلال.

خلال الشهر الماضي حين تحدث نتنياهو وقال، "نحتاج للسيطرة على كل الأراضي في المستقبل المنظور، سنعيش إلى الأبد بالسيف"، لم تكن الدولة هنا تتكلم لقد كان الاحتلال، هذا الأمر بات واضحاً لنا كل يوم.

ما يقدمه نتنياهو إلى العالم هو مزيج من الشرور والعبودية والعنصرية، كل واحدة منهن بدت دائمة وغير منقطعة في وقتها، ولأن الاحتلال يفعل ما يفعل ويحركنا فإن الإسرائيليين يشترون بضاعة نتنياهو هذه ويتميزون بها الآن، إذاً فهم أغبياء.

المصدر: "هآرتس" الإسرائيلية - النسخة الإنجليزية