رام الله – قُدس الإخبارية: بدأ الاتحاد الأوروبي تنفيذ قرار سابق بشأن وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة بما فيها شرق القدس المحتلة، ما أثار غضبا عارما في دولة الاحتلال ودفعها لتعليق جزء من حوارها مع الاتحاد الأوروبي، كرد أولي على الخطوة.
ويأتي القرار في سياق المحاولات الأوروبية للضغط على الاحتلال بسبب سياساته الاستيطانية، التي يعتبرها المجتمع الدولي غير شرعية وعائقا أمام حل الدولتين، وقد صدر القرار عام 2012 وتبناه الاتحاد مجددا قبل أشهر لكنه أجل تنفيذها عدة مرات.
ويلزم القرار دول الاتحاد الـ 28 بوضع ملصق "مستوطنات إسرائيلية" على منتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967، بالإضافة للمستوطنات المقامة في الجولان السوري المحتل، "بهدف عدم تضليل المستهلكين الأوروبيين حول مصدر المنتجات"، حسب الاتحاد.
وقال نائب رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، إن القرار مسألة تقنية وليس موقفا سياسيا، منوها إلى أن الاتحاد لا يدعم أي شكل من أشكال مقاطعة "إسرائيل" أو فرض عقوبات عليها.
وأضاف دومبروفسكيس، أن وضع الملصق يهدف لحماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي الذي تشكل دوله سوقا لـ 500 مليون شخص، موضحا، أن المفوضية توفر إرشادات للدول الأعضاء والهيئات الاقتصادية لضمان توحيد تطبيق التشريعات المتصلة بتحديد منشأ منتجات المستوطنات.
غضب إسرائيلي
وأدانت "إسرائيل" الخطوة واستدعت ممثل الاتحاد الأوروبي لديها، فيما قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الموجود في واشنطن حاليا، إن القرار "نفاق ويمثل سياسية الكيل بمكيالين، لأنه يشمل إسرائيل وليس 200 نزاع آخر يدور حول العالم"، متجاهلا أن الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني لفلسطين هو آخر احتلال على وجه الأرض.
أما وزارة الخارجية في دولة الاحتلال، فقد اعتبرت أن القرار لا يدعم عملية السلام بل يعطلها، محذرة من أن هذا القرار سيكون له انعكاسات على العلاقات بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي.
وبعد وقت قصير من هذا التهديد، أعلنت دولة الاحتلال تجميد حواراتها السياسية مع الاتحاد الأوروبي وتأجيلها لأجل غير مسمى، على أن يبقى أن الحوار حول المسائل التكنولوجية والزراعية والاقتصادية مستمرا، علما أن هذه الحوارات كانت ستبدأ خلال الأسابيع المقبلة.
وتضمن الرد الإسرائيلي تجميد لقاء مع اللجنة السياسية لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة لعدم تحديد موعد للقاء حواري حول المشاريع الأوروبية في المناطق المصنفة "ج"، وفقا لاتفاقية أوسلو.
ويبدو أن الضغط الإسرائيلي قد أثار خوف الأوروبيين، فبالإضافة لتصريح دومبروفسكيس المذكور سابقا، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى الاحتلال يونيت ليفي أن القرار لا يعني مقاطعة "إسرائيل" ولا تحديد حدودها.
وأضاف في حديث للقناة الإسرائيلية الثانية، أن القرار قد يساهم في تعزيز انتشار بضائع الاستيطان وزيادة استهلاكها، لأن هناك من يدعم هذه المستوطنات، مشددا على أن الاتحاد الأوروبي لا يؤمن بمقاطعة "إسرائيل" وفرض عقوبات عليها.
ترحيب فلسطيني
ولقي القرار الأوروبي ترحيبا من جهات فلسطينية مختلفة، لكنه اعتبر غير كافيا بالنسبة للفلسطينيين، خاصة أن القرار رافقه تصريحات تؤكد عدم رغبة الأوروبيين بفتح جبهة خلاف مع "إسرائيل"، وأن القرار لا يهدف إلى الضغط على الاحتلال.
ورحب امين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بالخطوة، داعيا إلى مقاطعة شاملة وكاملة للمستوطنات الإسرائيلية، كون الاستيطان جريمة حرب ومقاطعة المستوطنات والمستوطنين هو تطبيق للقانون الدولي والشرعية الدولية.
من جانبها، اعربت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "اسرائيل" في بيان صحافي عن ارتياحها للقرار الاوروبي، معتبرة أنه يدل على أن الحكومات الاوروبية اصبحت اكثر ميلا للقيام ببعض الخطوات ضد انتهاكات "اسرائيل" للقانون الدولي.
وقال المنسق العام للجنة المقاطعة الفلسطينية محمود النواجعة، إن وضع ملصقات على عدد صغير من المنتجات الاسرائيلية ليس ردا بمستوى حجم جرائم الحرب الاسرائيلية المتواصلة.
تجدر الإشارة إلى أن دولا أوروبية بدأت مؤخرا ملاحقة نشطاء المقاطعة الدولية لدولة الاحتلال، وكان من أبرز القرارات الصادرة مؤخرا في هذا السياق القرار الفرنسي بفرض غرامات مالية باهظة على كل من يثبت دعوته للمقاطعة.