شبكة قدس الإخبارية

أطفال في جحيم "جيفعون"

هيئة التحرير

القدس المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: نقلت إدارة سجون الاحتلال ما يقارب من 60 طفلاً جلّهم من القدس من سجون "هشارون" ومجدو و"عوفر" إلى سجن الرملة، بعد أن افتتحت فيه قسماً جديداً باسم "جيفعون".

ويعيش الأشبال الأسرى في قسم "جيفعون" منذ منتصف تشرين أول الماضي ظروفاً قاسية، كما أفاد بذلك أهاليهم ومحامو هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

ايناس جابر، والدة الفتى يزن جابر (17 عاماً)، من قرية العيساوية في القدس، قالت في حديث مع قدس الإخبارية، إن ابنها ردد أمامها أكثر من مرة خلال زيارتها له في السّجن الأسبوع الماضي، بأن مطلبه الوحيد نقله من هذا السجن إلى سجن آخر، في إشارة إلى سوء الأوضاع والظروف التي يعيشها الأشبال في "جيفعون".

ونقلت أم يزن شكاوى عن سوء الطعام المقدم للأطفال كما ونوعا، فالكمية المقدمة في كل وجبة قليلة جدا لا تكاد تسد جوعهم، كما أنها غير مطبوخة جيدا، مبينة، أن ابنها يكتفي في كثير من الأحيان بشرب الماء وأكل رغيف الخبز.

كما اشتكى بعض الأشبال من تقديم السمك لهم نيئا في كثير من الأحيان، وتقديم الدجاج دون تنظيفه بشكل جيد، حيث تظهر عليها بقايا ريش.

أما الطفل مصطفى عابدين (14 عاماً) الذي قضى في "جيفعون" 12 يوماً قبل تحويله للحبس المنزلي لحين انتهاء محاكمته، فقد قال بأنه اكتفى خلال الأيام التي قضاها في القسم بأكل "الشوكولا" التي تقدم مع الوجبات، نظراً لرداءة الطعام.

وأضاف عابدين، بأن بعض الأسرى الذين تقارب أعمارهم (17 عاماً) أبلغوا إدارة السجن باستعدادهم لطهي الطعام، طالبين منها تقديم الأدوات فقط، لكن الإدارة لم تستجب لهم، فيما ادعى أحد الحراس ساخرا أن الطعام الذي يقدم للأسرى هو ذاته الذي يقدم لإدارة السجن، قاصدا أنه على مستوى عال.

وفتحت إدارة السّجن في الأيام القليلة الماضية "الكنتين" في السجن مما خفف جزئياً عن بعض الأسرى، إلا أن ذلك لا يوّفر لهم وجبات دافئة ومغذية، علما أن "الكنتين" هو مقصف السجن الذي يقدم للأسرى أنواعا محددة من الغذاء على أن يدفعوا ثمنها، وفي أغلب الأحيان يكون الثمن باهظا جدا.

ولاحظ الكثير من الأهالي خلال الزيارة الأخيرة لأبنائهم في سجن "جيفعون" بأنهم فقدوا الكثير من أوزانهم، ومنهم الطفل محمد داري من العيساوية، الذي فقد خلال أقل من شهر 20 كيلو من وزنه. وهو ما أكده مصطفى عابدين بالقول إن هناك نقصا شديدا في التغذية لدى الأسرى الأشبال في "جيفعون"، ما أثر على حالتهم الصّحية العامة.

وإضافة إلى رداءة الطعام، يعاني الأسرى الأشبال في "جيفعون" من نقص في الوسائد والبطانيات، وسط غياب وسائل التدفئة، وعدم السّماح بادخال ما يكفي من الملابس الشّتوية لهم.

واقتحمت قوات القمع التابعة لإدارة السجون القسم خلال الأسبوعين الأخيرين أربع مرات، اعتدت فيها بالضرب على الأشبال الأسرى، وعزلت سبعة منهم، حيث بقي أحدهم في العزل لمدة 10 أيام.

وكان الطفل مصطفى من ضمن من تم عزلهم لمدة يومين، وعن تلك التجربة يقول، "الغرفة التي عزلت فيها غير نظيفة، لم أستطع الصلاة فيها لضيقها وعدم نظافتها، كما أنها مصورة على مدار اليوم، البقاء فيها يجعلك بحالة نفسية صعبة للغاية، لا شيء أمامك إلا أن تكلم نفسك".

أما الطفل يزن جابر فقد عوقب بعد احدى هذه الاقتحامات بالحرمان من زيارة أهله ومن الشّراء من "الكنتين" لمدة شهر.

وبعكس سجني "هشارون" ومجدو اللذين يحتجز فيهما الأسرى الأشبال، فلا يوجد مع أسرى "جيفعون" أي أسير من الأسرى الكبار ليقوم برعاية شؤونهم وتنظيمها. وقد ألقى هذا الأمر بظلاله على الحياة اليومية داخل السّجن، حيث لا يوجد برنامج منظم لقضاء اليوم فيه.

وقالت والدة الطفل يزن جابر، إنها كانت تأمل على الأقل في وسط هذه الظروف الصعبة أن يكون هناك عدد من الأسرى الكبار مع الأشبال، حتى يستطيع طلاب الثانوية العامة – التوجيهي – منهم، ومن ضمنهم ابنها أن يستثمروا وقتهم في الدراسة .

من جانبه، قال المحامي جميل سعادة، نائب رئيس الدائرة القانونية في هيئة الأسرى، إنه من المنتظر أن يتم قريبا فرز اثنين من الأسرى الكبار ونقلهم إلى سجن "جيفعون"، إلا أن الحصول على موافقة إدارة السجن وإتمام الأمر يحتاج إلى بعض الوقت.

وحسب أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي الأسرى في مدينة القدس، فإنه تم نقل ما يقارب 35 طفلاً من القدس إلى قسم "جيفعون"، ثم نقل إليه 20 طفلاً من الضفة الغربية، بالإضافة إلى عدد من الأشبال المعتقلين من الأراضي المحتلة عام 1948.

واستخدمت سلطات الاحتلال قسم "جيفعون" في سجن الرملة لاحتجاز المتسللين الأفارقة، علما أن سجن الرملة لا يحتوي على أي قسم للأسرى الفلسطينيين المعتقلين على خلفيات نشاطات مقاومة (الأسرى الأمنيين).

ويأتي نقل الأشبال الأسرى إلى هذا القسم بعد تصاعد حملات الاعتقال في الضفة والقدس المحتلتين خلال الشّهرين الأخيرين، واكتظاظ السّجون بأعداد كبيرة من المعتقلين، حيث وصل عدد الأشبال المعتقلين من مدينة القدس وحدها منذ منتصف أيلول الماضي وحتى نهاية تشرين أول ما يقارب 270 طفلاً.

وأجرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين حتى الآن أربع زيارات إلى السجن للاطلاع على ظروف الاعتقال فيه والحديث مع الأسرى الأشبال.

ويشير أبو عصب إلى ضرورة تكثيف هذه الزيارات وجعلها دورية لا موسمية، فهي من جهة تساهم في رفع معنويات الأشبال ودعمهم، كما أنها تشكل وسيلة ضغط على إدارة السّجن من أجل تحسين ظروف الاعتقال.