ترجمات عبرية-قدس الإخبارية: أثارت تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، بتبرئة هتلر من المحرقة ضد اليهود وإلصاق التهمة بمفتي القدس آنذاك الحاج أمين الحسيني. عاصفة في دولة الاحتلال، بسبب الاستنتاج النابع من كلامه أنّ الحاج أمين الحسيني هو المسؤول عن قتل اليهود من قبل النازيين.
وعلى المستوى المحلي والدولي، لاقت تلك التصريحات استهجانا واسعا، بالإضافة إلى رفض العديد من المؤرخين الإسرائيليون ادعاءات نتنياهو، في حين أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن بلادها هي المسؤولة عن المحرقة ولا أحد غيرها.
وزعم رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" أن الزعيم الألماني أدولف هتلر، لم يكن ينوي إبادة اليهود، إلا أن مفتي القدس آنذاك، الشيخ أمين الحسيني، أقنعه بذلك.
وادعى نتنياهو في تصريحات أطلقها أمس أمام المؤتمر الـ73 لـ"الصهيونية"، ونشرها مكتبه: "هتلر لم يرد إبادة اليهود في ذلك الوقت، لقد أراد أن يطردهم، ولكن الحاج أمين الحسيني ذهب إلى هتلر وقال له: إذا طردتهم فإنهم سيأتون إلى هنا(فلسطين)، فتساءل إذن ماذا أفعل بهم، فقال" إحرقهم ".
ويقول اليهود "إن النظام النازي في ألمانيا، أحرق ملايين اليهود في فترة "ثلاثينيات ومطلع الاربعينيات من القرن الماضي"، في أوروبا.
وادّعى نتنياهو أن الحاج أمين الحسيني، هو من ردد مقولة إن "اليهود يريدون تدمير المسجد الاقصى ".
وأضاف: "لذا فان عمر هذه الفرية مئات السنوات، وقد أدت إلى الكثير الكثير من الهجمات، جبل الهيكل موجود والمسجد الاقصى موجود ولكن الفرية أيضا، لا تزال قائمة".
ويقصد نتنياهو بـ"جبل الهيكل"، هيكل النبي سليمان عليه السلام، الذي يقول اليهود إن المسلمين بنوا على أنقاضه المسجد الأقصى.
وشغل أمين الحسيني، منصب مُفتى القدس عام 1921م، وكان أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية في ذلك الوقت، وتوفي في القاهرة عام 1974.
ولاقت تصريحات نتنياهو رفضا كبيرا من قبل زعيم المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ"، رئيس حزب "المعسكر الصهيوني"، الذي اتهمه بـ"تزوير التاريخ".
وقال هرتسوغ في تصريحات صحفية، ردا على ادعاءات نتنياهو:" أقواله بأن المفتي دفع هتلر لقتل اليهود هي تشويه تاريخي خطير يجب تصحيحه فورا".
وأضاف:" لقد نسي نتنياهو انه ليس فقط رئيس وزراء إسرائيل وإنما أيضا رئيس وزراء الشعب اليهودي".
وتابع:" ينبغي على ابن المؤرخ أن يكون دقيقا فيما يتعلق بالتاريخ"، في إشارة إلى أن والد نتنياهو (بن صهيون نتنياهو) كان مؤرخا وخبيرا في قضايا "معاداة السامية".
واعتبر هرتسوغ أن أقوال نتياهو، "تسقط مثل الثمرة في أيدي ناكري المحرقة النازية"، وأضاف:" لن يعلمني إنسان كائنا من كان، من هو العدو الكبير لإسرائيل، انه هتلر".
كما وهاجم العديد من الإعلاميين الإسرائيليين نتنياهو، حيث كتبت عضو الكنيست زهافا غلؤون، وهي ابنة لأسرة من الناجين من الهولوكوست من أوروبا الشرقية، صباح اليوم كلاما ضدّ نتنياهو في صفحتها على الفيس بوك: "هذا الكلام هو اقتباس حقيقي تماما لأقوال رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من فوق منصّة المؤتمر الصهيوني. شاهدوا ولن تصدّقوا".
وأضافت غلؤون ساخرة: "ربما كان من المفضل أن نخرج من القبر 33,771 من اليهود الذين قُتلوا في بابي يار في أيلول عام 1941، قبل شهرين من لقاء المفتي بهتلر أساسا، وإخبارهم بأنّ النازيين لم يكونوا ينوون إبادتهم أبدا، ربما يقول نتنياهو ذلك لأقربائي من ليتوانيا الذين قُتلوا من قبل النازيين مع مائتي ألف من أبناء الجالية اليهودية هناك، أيضًا قبل أن يلتقي المفتي وهتلر".
وأضافت: "إلى أي مستوى من الفساد ينحدر هذا الرجل. كم يهيننا كشعب وكيف سيجرّ وراءه في الوحل ذكرى الفظائع التي اقترفها النازيون ومعاونوهم ضدّ الشعب اليهودي. أنا أخجل من أجلك سيدي رئيس الحكومة".
صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت مقالا للمؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف تحت عنوان "قصة نتنياهو الخرافية عن هتلر والمفتي هي أخر ما نحتاجه".
ويقول سيغيف إن "الاتهام الشائن الذي وجهه نتنياهو لمفتي فلسطين بأنه ألهم هتلر بفكرة حرق اليهود يأتي في لحظة شديدة الدقة".
ومن الناحية التاريخية يؤكد سيغيف أن علماء التاريخ تحيروا في التوصل إلى اللحظة التى قرر فيها هتلر حرق اليهود في اوروبا وتعتبر واحدة من اكثر اللحظات المثيرة للاهتمام في تاريخ الحرب العالمية الثانية بأسرها.
ويقول سيغيف إن أمين الحسيني قد عين من قبل السلطات البريطانية في منصب المفتي الاكبر عام 1921 وهو منصب يشكل أكبر مرجعية دينية وسياسية بين عرب فلسطين في تلك اللحظة.
ويضيف أن نتنياهو يزعم أن الحسيني التقى هتلر عام 1941 في برلين وكان هتلر حينها يريد إبعاد اليهود فقط لكن الحسيني قال له إنهم سيذهبون لفلسطين فرد عليه هتلر قائلا "وماذا ينبغي أن أفعل؟" فأجابة "أحرقهم".
ويقول سيغيف ساخرا "لكن نتنياهو لم يقل لنا كيف كان رد هتلر على الاقتراح لكن عموما أستطيع أن اتخيل انه قال شيئا من قبيل .. يالها من فكرة كيف لم تخطر على بالي؟".
ويوضح سيغيف أن حكومات إسرائيل استخدمت "المحرقة" دوما بشكل سياسي كما أن كل قادة العرب منذ عام 1948 تم تشبيههم بهتلر على الأقل مرة واحدة كما أن كل الدول العربية تشبه إسرائيل بالنازي ويرفض العرب الاعتراف "بالمحرقة" كجزء من هوية إسرائيل مشيرا إلى أنه ببساطة إن يتمكن كل شخص من تفهم وجهة نظر عدوة فلن يكون هناك سلام.
ويؤكد سيغيف أن نتنياهو نفسه استخدم نفس الايحاءات في كلمته عن إيران في الكونغرس الامريكي سابقا وفي كلمته في الامم المتحدة كما أن قصة المفتي امين الحسيني نفسها ليست جديدة كليا عليه فقد جاءت في أحد كتبه.
ويقول إن قصة نتنياهو تعتمد على أحد مساعدي القائد النازي السابق ادولف إيخمان والذي قال إن الحسيني زار معسكر أوشفيتز بصحبة إيخمان مضيفا أن الحوار الذي جاء على لسان نتنياهو يتخطى جميع ما زعم نتنياهو سابقا.
كما ووصف الرئيس محمود عباس، مزاعم نتنياهو بتحمل مفتي القدس وفلسطين مسؤولية المحرقة اليهودية "الهولوكست"، بـ"الحقيرة والدنيئة".
وقال عباس إن "نتنياهو يريد تغيير التاريخ، والجرائم التي ارتكبت بحقهم، ليقول إن الحاج أمين الحسيني هو المسؤول الأول عن المحرقة، وليس هتلر".
وأضاف عباس أن "نتنياهو برّأ هتلر واتهم الحسيني بالمسؤولية عن الجريمة التي وقعت بحق اليهود"، مشيرًا أن نتنياهو يسعى لضرب المواقف الفلسطينية بتغيير الحقائق التاريخية.