القدس المحتلة-قدس الإخبارية: واضح بأن الحرب على الأقصى وأطفال الحجارة تشهد تصعيداً غير مسبوق من قبل حكومة الاحتلال بكل مكوناتها ومركباتها اليمينية، ويتم فيها تطويع واستخدام جهاز القضاء الصهيوني لخدمة المخططات والقرارات الحكومية الصهيونية ضد الأقصى والمقدسيين، وما حديث نتنياهو بالمحافظة على "الإستاتسكو" المعمول به في الأقصى إلا لذر الرماد في العيون، فالإستاتسكو القائم في المسجد الأقصى منذ عهد العثمانيين ومن ثم في عهد الإنتداب لبريطاني وفي زمن الأردن، هو أن الأوقاف هي صاحبة الولاية على المسجد الأقصى من حيث التحكم بالدخول والخروج اليه، ومن يسمح او لا يسمح له بالدخول، ولكن "إسرائيل" خرقت هذا الإستاتسكو منذ بداية عهد الاحتلال في اكثر من جانب حيث اقدمت بعد الاحتلال على هدم حارة الشرف وتوسيع ساحة البراق لكي يؤدي المتطرفون الصهاينة صلواتهم التلمودية فيها، ومن ثم سيطرت على مفاتيح باب المغاربه، وبعدها اقتحم المتطرف الصهيوني روهان في آب/1969 المسجد الأقصى وأقدم على حرقه، وبعد ذلك توالت الخروقات الإسرائيلية، حيث الحفريات أسفل وحول المسجد الأقصى، ومصادرة حق الأوقاف في الترميم داخل المسجد، ومن بعد ذلك اقتحام المغدور شارون للأقصى في عام 2000 حيث اغلقت الأوقاف الإسلامية الاقصى امام الزوار اليهود والاجانب حتى عام 2003، ومن بعد ذلك بدات حكومة الاحتلال 2003 بإدخال المستوطنين الى الأقصى عنوة من باب المغاربة بحراسة الجيش والشرطة دون التنسيق مع الأوقاف، وكذلك أقاموا عشرات الأبنية التلمودية والكنس بجوار المسجد الأقصى، واليوم نتنياهو يريد ان يشرعن التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى، ويعتبر ذلك الإستاتسكو المعمول به؟؟.
الأمم المتحدة والعثمانيون والبريطانيون يعرفون ما هو الإستاتسكو في الأقصى جيداً، ولذلك يجب عدم الانجرار الى ما يطرحه نتنياهو وحكومته ويتجاوب معه الأمريكان ودول اوروبا الغربية، فالأقصى مكان مقدس خاص بالمسلمين وحدهم وبإشراف الأوقاف الإسلامية.
هذه الحرب والاقتحامات الواسعة وبمشاركة وزراء وأعضاء كنيست وحاخامات، ترى بأن الظرفين الفلسطيني والعربي مهيئين لتنفيذ مثل هذه المهمة، وبأن تلك الحالة الضعيفة والمنهارة فلسطينياً وعربياً، يمكن أن تنعكس على الحالة المقدسية سلباً وتراخيا، ولكن ثبت بالملموس بان الحلقة المقدسية، حلقة قوية ومتماسكة، وقادرة على لجم مشاريع الاحتلال ومخططاته ومحاولته تغيير قواعد الاشتباك، ويبدو أن الاحتلال لم يدرك ويتعلم جيدا أنه في العلاقة مع المقدسيين ما كان ممكنا قبل استشهاد الفتى ابو خضير حرقاَ وهو حي في 2/7/2014، غير ممكن تحقيقه بعد ذلك، فـ"إسرائيل" جربت كل الطرق والوسائل القائمة على الخيار الأمني والعسكري لكسر إرادة المقدسيين وتطويعهم، وإخراجهم من دائرة الفعل الكفاحي والوطني، عقوبات جماعية، إغلاق قرى بالمكعبات الاسمنية، الاعتقالات وخصوصاً بين شبان الانتفاضة والأطفال، الإبعاد عن مدينة القدس لنشطاء مقدسيين وكذلك الحبس المنزلي والإبعاد عن الأقصى للمعتقلين وللمرابطين والمرابطات وحراس الأقصى والمعتكفين، تكثيف و"تغول" الاستيطان، الاستيلاء على المنازل والأراضي الفلسطينية بالخداع والتضليل او التسريب عبر ضعاف النفوس والخونة،الهدم الواسع والكبير للمنازل الفلسطينية بحجة عدم التراخيص أو تنفيذ عمليات،الضرائب الباهظة بأشكالها ومسمياتها المختلفة،فرض عقوبات على ملقي الحجارة تصل الى عشرين عاماً.
كل هذه الإجراءات والممارسات، لم تفلح في ردع المقدسيين أو كسر إرادتهم، وليقدم الاحتلال قبل عمليات الاقتحام بفترة لا تزيد عن شهر وبعدها على سلسلة أكثر ضراوة وأشد قسوة من العقوبات بحق المقدسيين وبالذات أطفال الحجارة،حيث يعتبرهم المحتل حجر الزاوية ورأس الحربة في التصدي لمشاريعه ومخططاته، وكذلك المرابطين والمرابطات والمعتكفين وطلاب العلم، فكان قرار وزير جيش الاحتلال بإعلان المرابطون والمرابطات منظمة غير مشروعة، لكونهم شوكة في حلق المقتحمين الصهاينة، ناهيك وضع قائمة بأسماء (65) على أبواب الأقصى تمنعهن من الدخول للأقصى للسبب ذاته.
ومن بعد حرب الاقتحامات المستمرة والتي نفذها المستوطنين ومعهم وزراء وحاخامات بدءاً من يوم الأحد 13/9/2015، والتي استخدمت فيها القوة والوحشية بشكل غير مسبوق، وما خلفته من دمار واسع في الأقصى ومئات الإصابات في صفوف المقدسيين، حيث اندلعت اشتباكات واسعة في كل أحياء وبلدات مدينة القدس وتصاعد الوضع بشكل غير مسبوق رداً على سياسات الاحتلال ووحشيته وهمجيته، شعر العدو بأن زمام الأمور يفلت من يديه، ولا بد من المزيد من التصعيد بحق المقدسيين، حيث عمد نتنياهو الى زيارة استفزازية الى شارع رقم (443) الشارع الواصل لمستوطنة "أرمون هنتسيف" والفاصل بين قريتي صور باهر وجبل المكبر، المنطقة التي قيل بأن احد المستوطنين قتل فيها نتيجة فقدانه للسيطرة على السيارة بسبب القاء حجر عليه، ومن هناك أعلن عن سلسلة عقوبات جديدة بحق المقدسيين، ومن أهمها إطلاق يد قناصته وجيشه لإعدام الفلسطينيين وتشريع عمليات قتلهم، تحت ذريعة الخطر والتهديد على حياة جنوده وشرطته نتيجة القاء الحجارة والزجاجات الحارقة، وتشريع ومصادقة القضاء على سلسلة إجراءاته وقراراته من اعتقال لأطفال لا تزيد اعمارهم عن 4 – 5 سنوات يلقون حجارة واعتقال لأطفال لا تزيد اعمارهم عن 10 سنوات يلقون زجاجات حارقة، وفرض غرامات تصل الى أكثر من (100000) شيكل على أهالي الأطفال، ويبقى الخطر هنا هو الإعدام بالقنص لأطفال وشبان الانتفاضة، وقد مورس ذلك بالفعل حيث جرى قنص احد الشبان في قرية العيسوية بإدعاء انه هدد حياة جنود الاحتلال بالخطر من خلال زجاجة حارقة كان ينوي إلقائها عليهم، حيث أصيب بجراح خطيرة نتيجة لقنصه.
واضح بأن الأمور في مدينة القدس كنتاج لسياسات وممارسات الاحتلال الهوجاء والطائشة والجنونية التي تحكم عقلية هذه الحكومة المتطرفة ستتصاعد وسيستباح الأقصى لفرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني، وستبقى الردود العربية والإسلامية على المستوى الرسمي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي في إطار بيانات الشجب والاستنكار والخطب والإنشاء والتهديدات الجوفاء غير المقرونة بالفعل، فالاحتلال يعرف جيداً بأن العرب يعانون من عقد الارتعاش السياسي الدائمة، وجربهم وخبرهم جيداً ففي القمة العربية التي عقدت في بيروت عام /2002، والتي طرحوا فيها ما يسمى بمبادرة السلام العربية، رد عليهم باجتياح الضفة الغربية، ولم يجرؤ أي منهم على مهاتفة الرئيس الشهيد ابو عمار، واليوم يرد على "جعجعاتهم" وبيانات شجبهم واستنكارهم ولغوهم الفارغ، بمواصلة التاكيد على اقتحامات الأقصى وشرعنة الحقوق اليهودية فيه، وبناء المزيد من المستوطنات في القدس، والمزيد من العقوبات بحق المقدسيين بما فيها تشريع القتل بحق المحتجين على سلب واغتصاب ارضهم وتدنيس مقدساتهم وأقصاهم.
المقدسيون يشكلون حجر الزاوية في حالة النهوض الفلسطيني، التي تستدعي منا جميعا ان نغادر خانات الفئوية والصراع على سلطات منزوعة الدسم، وتغليب هموم ومصالح الوطن على المصالح الفئوية والخاصة، لكي نستطيع معاً ان نفشل وقبر مخططات تقسيم أقصانا وتفكيك مشروعنا الوطني، ونحقق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال.