شبكة قدس الإخبارية

المعركة دخلت الشوط الأخير .. عائلة تواجه الاستيطان ولا عون ملموس

أحمد يوسف

قلقيلية – خاص قُدس الإخبارية: لم يعد أبناء عودة قلقيلي قادرين على الصمود وحدهم في وجه ضغوطات جيش الاحتلال ومستوطنيه كما فعلو طوال أكثر من أربع سنوات مضت، فصرخوا أخيرًا طالبين العون قبل أن يُغرقهم وأراضٍ يحمونها طوفان الاستيطان معززًا بمحاكم الاحتلال وجيشه.

بسام عودة قلقيلي وشقيقيه وثالث انتقل إلى رحمة الله قبل أشهر، يواصلون السير على خطى والدهم الذي توفي أيضًا أواخر العام الماضي، محافظين على أربع محلات تجارية يملكونها منذ (24 عامًا)، وتقع على طريق نابلس وقلقيلية، وهي محلات سمانة، غسيل سيارات، كماليات سيارات، ألعاب أطفال.

ومن خلف هذه المحلات، عشرات الدونمات المزروعة بمئات أشجار الزيتون، وتعود ملكيتها لمحافظة قلقيلية وقرى عزون، عزة الطبيب، النبي الياس، ويحاول الاحتلال مصادرتها وضمها لصالح مستوطنة "تسوفيم" القريبة.

خيانة!

القصة هنا بدأت بخيانة، فالمحلات الأربع كما يقول بسام قلقيلي تجاور محطة محروقات يملكها فلسطيني كان مسؤولاً للروابط في الضفة وعمل مع "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، ثم توقف عن عمله بعد قيام السلطة الفلسطينية ومُنح هذه المحطة، المقامة على أراضٍ تصنف (ج) وفقًا لاتفاقية أوسلو.

ويضيف قلقيلي لـ قُدس الإخبارية، أن الشخص المذكور والذي نتحفظ على هويته، باع المحطة عام 2010 لشركة "ديليت" الإسرائيلية، واكتفى بالإقامة في منزل داخل المحطة محمي بحراسة إسرائيلية معززة بالسلاح، وقد غير عنوان إقامته في هويته الشخصية إلى مستوطنة "تسوفيم".

شركة "ديليت" بدأت بتطوير المحطة، فأقامت أولاً "خمارة" وسعت إلى تعزيزها بمحلات أخرى منها متجر "رامي ليفي" الشهير، فكان الحل بإبعاد بسام وأشقائه من المنطقة، فكانت أول الوسائل هي الإغراء المالي، فيقول قلقيلي إن المبالغ المدفوعة مقابل إخلاء المحل ظلت تتزايد حتى وصلت نصف مليون شيكل.

ويؤكد قلقيلي، أن العائلة رفضت التنازل عن المحلات رغم كل هذه الإغراءات، لعلمها بأن الاحتلال يسعى لضم المنطقة كاملة بما فيها الأراضي الزراعية إلى المستوطنة، وأصرت على التمسك بحقها في المحلات والأرض رغم كل الإغراءات

ترهيب

سريعًا تحولت سياسة الإغراء إلى ترهيب وعنف، وبدأ المستوطنون اعتداءاتهم على العائلة بإطلاق الرصاص على المحل، ثم إلقاء قنبلة، ثم وضع حزام ناسف، فككته الجهات المختصة في جيش الاحتلال، كما جمعت العائلة الرصاص الذي تم إطلاقه على المحلات وسلمته للارتباط الفلسطيني.

ويبين قلقيلي، أن ضغوطات المستوطنين أخذت منحى رسميًا، عندما هدمت سلطات الاحتلال المحلات ثلاث مرات، متسببة في إحداها بخسائر مالية بلغت 300 ألف شيكل.

11138611_927278527310876_7199498488688992695_n

ويضيف، أن هذه الإجراءات دفعت أفراد العائلة للنوم في المحلات بهدف حمايتها من أي اعتداءات مباشرة، كما شارك العائلة في هذه الخطوة عدد من المتضامنين لعام كامل.

قطعت سلطات الاحتلال الكهرباء والماء عن المحلات الأربعة تعزيزًا للضغط على أصحابها، فتم مد المحلات بالمياه والكهرباء من قرية عزة الطبيب المجاورة.

ويوضح قلقيلي، أن الاحتلال حول المعركة من مصادرة أرض ومحاولة طرد أصحاب الحق، إلى مشكلة إيجار محلات لتصل المواجهة إلى القضاء، وتدفع العائلة نحو 50 ألف شيكل مصاريف محامٍ تابع القضية في أروقة المحاكم الإسرائيلية، دون نتيجة.

فرج لم يكتمل

قبل ثمانية أشهر، التقى رئيس الوزراء رامي الحمدلله بالعائلة وأشاد كثيرًا بصمودها في وجه ضغوطات الاحتلال، وسلمها "شيك" بقيمة 12 ألف شيكل، لإصلاح سقف المحلات التي تم هدمها، كما تعهد بمتابعة القضية من خلال محام خاص بهيئة شؤون الاستيطان.

ويبين قلقيلي، أن العائلة كانت تتواصل مع المحامي باستمرار فيطمئنها بأن الأمور على ما يرام، قبل أن تتلقى مفاجأة كبيرة من محكمة الاحتلال، بعد إعلامها بأن المحامي كان يتغيب عن الجلسات، ما أدى لإصدار قرار غيابي بتخيير العائلة بين دفع غرامة بقيمة 100 ألف شيكل تذهب نصفها لمحامي شركة "ديليت"، ونصفها للآخر للمحكمة، أو مغادرة المحلات وتسليمها للاحتلال.

توجهت العائلة إثر ذلك لمكتب رئيس هيئة شؤون الاستيطان وليد عساف، وأصرت على توكيل محام آخر بالقضية، لكن ذلك لم يتحقق لأن كافة المحامين رفضوا استلامها قبل دفع المبلغ المطلوب، باعتبار أن القضية في هذه الحالة بلا جدوى، فخاطب عساف رئاسة الوزراء لتغطية المبلغ المطلوب.

ويقول قلقيلي، إن العائلة أبلغت بأن رئاسة الوزراء أمرت بدفع الغرامة المطلوبة، وأن الكتاب وصل إلى وزارة المالية اليوم، إلا أن الصرف تم ربطه بعودة الوزراء من غزة والإفراج عن أموال الضرائب.

ويضيف نقلاً عن المحامي، أن إجراءات دفع الغرامة للمحكمة الإسرائيلية تستغرق وقتًا غير قصير، ما يستدعي دفع المبلغ كاملاً بشكل سريع قبل أن تذهب المحلات والأرض من خلفها وسنوات صمود العائلة هباءً منثورًا.

تجدر الإشارة إلى أن المحلات تعيل ست عائلات مكونة من 35 شخصًا، وأن مهلة دفع الغرامة أو إخلاء المحلات تنتهي بتاريخ 3/أيار المقبل، علمًا، أن المبلغ المدفوع سيتيح للعائلة المتابعة في المحاكم، ولن يعيد لها حقها المسلوب في محلاتها التي تملكها منذ القرن المنصرم.