شبكة قدس الإخبارية

جمجمة سليمان الحلبي في رام الله

سجود جعبري
حضرت جمجمة سليمان الحلبي – المناضل الذي قتل القائد الفرنسي كليبر في مصر – بعد رحيلها إلى متحف الإنسان في باريس إلى رام الله، جاورت جمجمة سليمان الحلبي الذي الصق بها اسم مجرم جمجمة رينيه ديكارت صاحب مقولة "أنا أفكر إذا أنا موجود" العبقري. هل لدخول سليمان الحلبي إلى رام الله أن يخلق سؤالا إذا ما كان هو مجرماً أم مناضلاً؟ قد تكون إمكانية هذا السؤال جاءت من الفكرة الاستعمارية التي تقوم على أساس تفكيكي يهدم كل أساس ثابت يقوم عليه المستعمَر في مقاومته، كيف لنا أن نخرج من هذه الفكرة؟  لماذا سليمان الحلبي في رام الله؟  حمل سليمان الحلبي اسم دائرة فكرية أسسها الأستاذ خالد عودة الله باسم دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر المعرفي، ولعل هدف الدائرة يتلخص في عنوانها المكون من شقين ولكن شقها الثاني أكثر أهمية من الأول لأن الدراسات الاستعمارية متواجدة بشكل مكثف في الحالة الفلسطينية كون فلسطين واقعة تحت الاستعمار، ولكن جميع الدراسات الحالية مرتبطة دائمة بأساليب الدراسة التي أنتجها المستعمرون، وتقوم بقياس الحالة الفلسطينية بناء على المجتمعات الغربية وضرورة محاكاة تجربتها، لذلك فإن الشق الثاني "التحرر المعرفي" يخرج الدائرة من هذا الإطار إلى خلق معرفة خارج إطار المقاييس الغربية الاستعمارية، حيث تهدف الدائرة إلى خلق مشروع تحرري من داخل المجتمع، والمعرفة المنتجة مرتبطة بمشروع تحرري، طامحة –الدائرة-أن تخلق وعيا مستقلا عن الوعي الاستعماري.  ولكن كيف ؟  نظمت الدائرة عددا من المحاضرات العامة التي تقوم بعرض بعض أساليب السيطرة الثقافية الاستعمارية، كان ذلك من خلال مناقشة بعض الكتب الثورية مثل كتب المفكر الإيراني علي شريعتي، أو من خلال عرض شخصيات في التاريخ لها تجربة قامت على فكرة ثورة اجتماعية التي مورس الظلم بحقها؛ كمثل تبرير قتل شخصية مثل الحلاج بحجة خروجه عن العقيدة وضلاله الفكري، بيد أن القتل جاء على خلفية سياسية. ومن الرسائل التي تود الدائرة إيصالها صورة المستعمَر عن المستعمِر التي ترتسم بصورة الخارق الذي لا يمكن قهره وأن هزيمته "المستعمِر" ضرب من الخيال، هادفة لتغيير هذه الصورة، حيث يؤمن عودة الله إن مقاومة المستعمر لا تهدف لإبادته بل هي حالة حياة واشتباك دائم معه على المستوى المعرفي والثقافي والسياسي والاقتصادي، وقد نختلف في الحالة الفلسطينية كون الاستعمار في فلسطين إحلالي- شعب يحل مكان شعب آخر- .   البحث المحارب  في محاولة للدائرة في الخروج من الإطار النظري في الكشف عن طرق السيطرة الفكرية الاستعمارية ، نظم عودة الله دورة البحث المحارب في العلوم الإجتماعية، فكرة البحث المحارب تهدف إلى إيجاد حل للاستعمار من داخل المجتمعات المستعمَرة، وهذه الفكرة مستمدة من تجارب بعض الدول المتحررة من الاستعمار أو التي في مرحلة التحرر، يقوم مشروع الباحث المحارب على حب المجتمع الذي يعيش به، ومحاولة الوصول لمرحلة المحاربة من أجل الفكرة، وتعلم ذلك من خلال الفئات المقاومة في المجتمع.