غزة- خاص قدس الإخبارية: عندما يولد الإبداع من رحم المعاناة الفلسطينية، وتنجب غزة طفلها الذي يكبر حروبها الثلاثة وحصارها ليرسم بريشته معاناة وطنٍ نطقت لوحاته بآهاته، يكون الطفل محمد قريقع (14عاما) أحد المبدعين في قطاع غزة، وتحديدا في الحي الذي عاش أبشع جرائم الاحتلال في حرب 2014، حي الشجاعية.
بدأ محمد ممارسة موهبته في سن الخامسة، وذلك عندما اكتشف أخوه الأكبر مالك موهبته في أول رسمة رسمها، والتي كانت عبارة عن رسمة أم فلسطينية تقول: "كفى للحصار، كفى للاستعباد"، ليمسك مالك بيد أخيه ويكون الداعم الأول له.
[caption id="attachment_57756" align="alignleft" width="257"] أطفال ناموا في غزة واستيقظوا في الجنة[/caption]فلسطين عنوان رسوماته
بدأ قريقع بالرسم باستخدام قلم الفحم، ثم الألوان الخشبية، وألوان الاكريليك، وكان يرسم على القماش ثم اللوحات، واتخذ محمد من الغرفة التي توجد على سطح منزله في حي الشجاعية والذي لم تطاله آلة القتل والدمار مرسما له.
ويقول محمد لـ"شبكة قدس": "أنا أساوي بين دراستي وموهبتي، ولا أهمل أي منهما فبعد مغيب الشمس وحتى الليل أرسم حوالي 20 لوحة، وأستيقظ في الصباح الباكر أدرس وأراجع دروسي".
وكانت لوحات محمد منفذه التي كان يخرج منها إلى العالم، ليكسر بذلك الحصار ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني بالعيش بحرية وسلام، فهو كغيره من أطفال فلسطين لا يريد سوى الحرية والأمان في بلاده.
لم تكن الحروب والحصار والمجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين بشكل عام بعيدة عن مخيلة محمد في رسوماته، بل بالعكس كان يحاول محمد أن يضع أحلامه والحقائق التي عاشها ورآها في رسوماته، لتكن فلسطين وقضيتها عنوان أغلب رسوماته والتي يتجاوز عددها من بداية ممارسة الرسم وحتى اليوم ما يقارب 500 رسمة.
ويقول محمد : "فلسطين كانت عنواني، ساعدتني وساعدتها، ساعدتني بأنها كانت جزءا في تنمية موهبتي وإصراري على كل رسم كل لوحة أفضل من سابقتها، وساعدتها بأنني عرّفت الناس بما يجري فيها".
من غزة إلى تونس
ويضيف محمد شاركت في الكثير من المعارض والمسابقات، ذهبت إلى لبنان، إيران، تركيا، وتونس إذ خرج محمد من قطاع غزة إلى تونس أثناء فترة الحرب الأخيرة وذلك بعد ارتكاب مجزرة الشجاعية ليعيش المجزرة بكل تفاصيلها، وبقي في تونس ما يقارب الشهرين.
كان محمد أحد المشاركين في معرض للفنون التشكيلية "أطفال الضفتين يبدعون في المحرس" الذي عقد في تونس إذ كان له في المعرض رسمتين واحدة منهما كانت تحاكي الواقع الفلسطيني في قطاع غزة وكان الشهداء هم عنوانها، وتم تكريم محمد في هذا المعرض.
وحول الصعوبات التي واجهها محمد أثناء خروجه من غزة إلى تونس، أوضح محمد أنه "خرج من غزة برفقة أخيه مالك وتوجها إلى معبر رفح وبقيا يومين عالقين في المعبر حتى تمكنوا من تجاوز المعبر ووصلوا إلى الجانب المصري، وهناك واجه محمد وأخوه صعوبات ومعيقات.
ويكمل محمد "تواصلنا مع مستشار السفير الفلسطيني وساعدنا في تجاوز بعض العقبات"، وعلى الرغم من رغبة محمد في المشاركة في المعرض إلا أنه كان خائفا من عدم قدرته على السفر، لأنه لم يكن يحمل معه سوى جسدٍ كامل نجا من الحرب لا يحمل معه لوحات أو أموال، وساعدته سيدة مصرية في شراء تذكرة.
ويقول:" عندما وصلنا تونس وجدنا حبا كبيرا، استقبلنا وفد تونسي وأدركت أن الفلسطيني له مكانة خاصة عند كل مواطن عربي، وفي تونس استقبلنا الرئيس التونسي".
[caption id="attachment_57757" align="aligncenter" width="600" class=" "] بدأ محمد ممارسة موهبته في سن الخامسة[/caption]إنجازات محمد
وحصل محمد على جوائز عديدة من الاتحاد الأوروبي ومن إيران وذلك خلال مشاركاته في مسابقات ومعارض دولية، من بينها جائزة فارابي للإنتاج السينمائي في إيران.
وصنفت الوكالة الأمريكية scoopempire الطفل محمد قريقع من بين أفضل 20 شخصية في التميز والإبداع تحت سن العشرين، وكانت الوكالة على مستوى العالم العربي إذ تضمنت شخصيات من مختلف الدول العربية.
وفي أخر عمل له، افتتح محمد معرضا خاصا به حمل عنوان "قصة وطن" لتلخص 20 لوحة فنية رسمها "بيكاسو العرب" وهو اللقب الذي حمله محمد عندما بدأت موهبته تكبر معه لتنطق هذه اللوحات بقصة وطنه، ليكن الحصار والدمار والحروب هي عناوين هذه القصة.
وقال: "المعرض كان بجهد مني ومن عائلتي لم تكن هناك أي جهة داعمة للمعرض الذي أقيم في رشاد الشوا، من بين اللوحات عرضت لوحة كبيرة تلّخص حكايتي أيضا وحكاية 14 عاما من المعاناة الفلسطينية بمختلف أشكالها وفيها أيضا حلم نحو النجاح، وما أتمناه أن أترك بصمة في العالم".