رام الله – خاص قُدس الإخبارية: أعلنت فرنسا أمس الثلاقاء عزمها تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي ينص على إعادة المفاوضات المباشرة بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بهدف التوصل لحل نهائي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي خلال مدة أقصاها عامين.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإن فرنسا ستقدم المبادرة خلال الشهر الجاري، وذلك في وقت تجري فيه السلطة الفلسطينية حراكًا لتقديم مشروع قرار لإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني لذات المنظمة الدولية.
ويشكل المشروع الفرنسي تناقضًا تامًا مع المشروع الفلسطيني، وتحديدًا في ظل تهديد القيادة الفلسطينية بقطع العلاقات مع الاحتلال، في حال رُفض مشروع قرار إنهاء الاحتلال في مجلس الأمن.
مبادرة خطيرة
ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت سمير عوض، إن المبادرة الفرنسية جاءت كحل لإنهاء المأزق الذي تعاني منه الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، بعد فشل المفاوضات الأخيرة بسبب تهرب الاحتلال من التزاماته واستمرار نشاطه الاستيطاني في الضفة، ثم توالي اعترافات برلمانات دول أوروبية بدولة فلسطين واعتراف السويد رسميًا بالدولة.
ويوضح لـ قُدس الإخبارية، أن هذه المبادرة تمثل إعلانًا مبطنًا بفشل المفاوضات نتيجة الدور غير النزيه الذي لعبته الولايات المتحدة في رعايتها، لكنها في الوقت ذاته تهدف لإحياء المفاوضات مرة أخرى دون إيجاد ربط واضح بين مستقبل المفاوضات والاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
ويرى عوض، أن انهيار حكومة الاحتلال وحل الكنيست، يعني عدم وجود شريك إسرائيلي مستعد لتقديم التزام بوقف الاستيطان والوصول لحل نهائي للأزمة وفق القرارات الدولية، ما يجعل المبادرة الفرنسية بلا قيمة، بل ستكون مجرد غطاء لتمرير السياسة الإسرائيلية بفرض الواقع على الأرض.
من جانبه يرى المحلل السياسي هاني المصري، أن المبادرة الفرنسية تحمل خطورة كبيرة تتمثل في توقيت طرحها، حيث تمثل صفقة لتحويل المطلب الفلسطيني من الحصول على قرار دولي بإنهاء الاحتلال إلى إصدار قرار بعودة المفاوضات.
ويبين لـ قُدس الإخبارية، أن إقرار عودة المفاوضات في مجلس الأمن وإن تم بالتزام أمريكي وأوروبي فإنه سيحمل نتائج سلبية، إذا لم يُدعم بالتزام إسرائيلي واضح بإقامة دولة فلسطين على حدود 1967 ووقف الاستيطان، مضيفًا، أن أي اتفاق لا يضمن ذلك يعني مفاوضات لصالح الاحتلال سيفرض من خلالها الأمر الواقع.
ماذا ستفعل القيادة؟
وتطرح المبادرة الفرنسية تساؤلات حول موقف القيادة الفلسطينية من المبادرة وكيفية التعاطي معها في حال تبنيها من المجتمع الدولي، كونها تتعارض مع الطرح الفلسطيني والتهديد بقطع العلاقات مع الاحتلال، فيما يهدد الإصرار الفلسطيني على هذا القرار العلاقات المتحسنة مع الدول الأوروبية مؤخرًا وعلى رأسها فرنسا.
ويرى المصري، أن على القيادة الفلسطينية إعلان قبولها المبادرة شريطة أن لا تتضمن مقايضة حق بحق، مبينًا، أنه بالإمكان التقدم بمشروع القرار لمجلس الأمن، على أن يتبع ذلك قطع العلاقات مع الاحتلال والانضمام للمواثيق الدولية في حال رفض المشروع، بالإضافة لدخول المفاوضات في حال قبول المشروع الفرنسي في مجلس الأمن.
ويضيف، أن على الفلسطينيين اتباع استراتيجيات متعددة ومتوازية، مؤكدًا، أن قطع العلاقات مع الاحتلال والانضمام للمحاكم الدولية من شأنه أن يدفع الاحتلال لتقديم تنازلات خلال المفاوضات والتراجع عن سياستها الاستيطانية.
من جانبه قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، إن مشروع القرار الفرنسي لمجلس الأمن دخل لحظاته الأخيرة، مؤكدًا، أن القيادة عازمة على التقدم بالطلب الفلسطيني بصرف النظر عن المبادرة الفرنسية.
وأضاف لـ قُدس الإخبارية، أن القيادة تتمنى وقوف الدول التي صوتت برلماناتها لصالح الاعتراف بفلسطين إلى جانب مشروع القرار الفلسطيني العربي، وعلى رأس هذه الدول فرنسا صاحبة مبادرة العودة للمفاوضات.
كما أكد أبو يوسف، عزم القيادة الفلسطينية على التوقيع على المعاهدات الدولية والتحلل من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية مع الاحتلال، وذلك في حال رفض الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن، مشددًا على عدم إمكانية العودة لمفاوضات برعاية أمريكية ودون التزام إسرائيلي بالحقوق الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى مجلس الجامعة العربية أعلن بعد اجتماعه الطارئ السبت الماضي نيته التوجه بالطلب الفلسطيني لمجلس الأمن خلال أيام، فيما أكدت الأردن أمس، وهي ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن أنها ستبدأ محادثات لضمان أكبر تأييد ممكن للطلب الفلسطيني في مجلس الأمن، على أن يتم التقدم به خلال الشهر الجاري أو بعد عيد الميلاد.