برزت في الأيام الأخيرة خلافات بين المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين على خلفية العدوان على قطاع غزة، وتمحور أحد هذه الخلافات حول عدم تمكن الجيش من تحقيق هدف العدوان الذي حدده رئيس حكومة الاحتلال، "بنيامين نتنياهو"، وهو تدمير الأنفاق في القطاع.
هذه الأنفاق التي يتحدث جيش الاحتلال كل يوم عن تدمير جزء كبير منها، تتمكن المقاومة الفلسطينية كل يوم من إيقاع خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال من خلال عمليات عبر هذه الأنفاق تمكنهم من الوصول إلى عمق جيش الاحتلال وحتى خلف خطوطه بأمتار وتنفيذ عملياتهم والانسحاب بسلام، كما حدث في "ناحل عوز" أول أمس حيث تمكن المقاومون من كتائب القسام من اقتحام المعسكر والاشتباك مع جنود الاحتلال وقتل 10 منهم.
المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية "عاموس هارئيل" تناول هذه الخلافات في مقالة له صباح اليوم الأربعاء حيث يقول: "إن إطالة فترة العملية العسكرية وتراكم الخسائر تجلب معها، بشكل غير مفاجئ، مؤشرات لاحتكاك أولي بين المستويين السياسي والعسكري".
وأشار هارئيل إلى أن "نتنياهو ووزير الجيش، موشيه يعلون، استاءا من أقوال أدلى بها ضابطان إسرائيليان كبيران، في اليومين الماضيين، وعكست الخلافات بين المستويين".
إذ قال ضابط كبير في جيش الاحتلال "إن نتنياهو تلقى تقريرا من الجيش والاستخبارات العسكرية حول الأنفاق، منذ شهر حزيران من العام الماضي"، وفي الحالة الثانية قال ضابط كبير آخر: "إن على حكومة إسرائيل أن تقرر إما توسيع العدوان على قطاع غزة أو الانسحاب منه وإنهاؤه".
وفيما حدد نتنياهو هدف العدوان على القطاع بتدمير الأنفاق، صدرت الصحف الإسرائيلية اليوم بعنوان بارز يقتبس أقوال ضابط كبير بأنه "لم ننجح في الوصول إلى النفق أو فتحة النفق الأخيرة وإنما إلى معظمها".
ولفت هارئيل إلى أنه في خلفية أقوال العسكريين، يتصاعد الصراع بين الحكومة والجيش على ميزانية الجيش، ويقدر الجيش الإسرائيلية كلفة العدوان بحوالي 5 مليارات شيكل، وعلى ما يبدو أن الجيش سيطالب بتعويضه بمبلغ كهذا، ويستخدم ناقلة الجند المدرعة القديمة التي استهدفتها المقاومة في بداية الاجتياح البري من أجل تحقيق هدفه بزيادة ميزانيته.
المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، "يوسي يهوشوع" قال في تقرير له صباح اليوم: "إن من يصغي لكبار الضباط في الجيش في اليومين الأخيرين سيحصل على انطباع وكأن الضباط يتحدثون "لمايكروفونات لجنة التحقيق التي ستقام بعد الحرب" للبحث في قضية الأنفاق والإنجازات المحدودة للجيش"، حسب تعبيره.
إلى جانب ذلك أشار هارئيل إلى إخفاقات الجيش الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، وقال: "ضباط في الجيش يقرون أن الإنجازات التي حصلوا عليها حتى اللحظة في غزة هي صفر إنجاز، لكن المستوى السياسي يريد منهم أن يكذبوا على جمهورهم"، ورأى أن ثمة حاجة لإعادة تنظيم الجيش كله، وانعدام جهوزية سلاح البرية وتأهيل القوات وتعديل العقيدة القتالية والخطط العسكرية.
ورأى المحلل أن هذه الإخفاقات تستوجب إجراء تحقيق شامل بعد انتهاء الحرب على غزة.