شبكة قدس: يبدو من خلال التصريحات التي تخرج من طرفي اتفاق المصالحة أن معضلة إعلان تشكيلة الحكومة المنتظرة للم شمل الضفة الغربية وقطاع غزة أكبر مما يدور الحديث عنه، فهناك عدة مطبات تؤجل هذا الإعلان، وأهمها معضلة الشخص الذي سيتولى حقيبة الداخلية، أكثر الوزارات حساسية وأهمية.
هذه المعضلة عبر عنها رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك والذي قال في تصريحات صحفية اليوم "إن النقاش حول هوية منصب وزير الداخلية أخذ حيزا كبيرا، بالمقارنة مع بقية الحقائب الوزارية في مشاورات تشكيل حكومة التوافق القادمة".
وأضاف، أن النقاش الأكبر تمحور حول من يتسلمها من المستقلين. مؤكدا على أنه "لا يوجد وقوف عند أي وزارة وإعطائها أي أولوية عن باقي الوزرات في حكومة التوافق، هناك أشخاص تكنوقراط يتوقع أن يقوموا بهذا الدور وفق الأطر المحددة لهذه الحكومة، والتي حددت في الاتفاقية بستة مهام؛ على رأسها إعادة إعمار قطاع غزة".
وفي السياق، عضو المكتب السياسي لحماس موسى ابو مرزوق لمح في تصريحات سابقة أن وزارة الداخلية لن تتوحد في حكومة "التوافق"، في حين خرجت اجتهادات متسارعة لتفسير ذلك القول المفاجئ في حينها، وأخذ البعض في كلا الطرفين بالنفي من باب التطوع الذهني، ليتبين في خينها أن هؤلاء المتطوعين دون استثناء خارج دائرة المعرفة الحقيقية بما تم الاتفاق عليه في المشاروات الثنائية بين قطبي الأزمة،
كما أن من نسب النفي الى أن الرئيس محمود عباس أخبره بذلك، لم يقدم نفيا واضحا لجوهر التصريح، في حين أن حركة فتح، وخاصة فريق التواصل التشاروي بها لم يردوا كعادتهم على تصريح ابو مرزوق.
قد يعتقد البعض أن هذه الحالة في مشاورات تشكيل الحكومة ضرب من الخيال، وهي إن صحت فهي "خطوة مؤقتة" إلى حين إعادة بناء الأجهزة الأمنية الموحدة، لكن إلى حين تحقيق تلك الوحدة المرتقبة، ماذا سيكون من أثر لتلك الحالة الانقسامية في المسألة الأمنية، والتي كانت هي بالأساس مصدر الانقسام، القضية تحتاج "ابداعا نادرا" كي يتم حل هذه المعضلة،وهي إن حلت ستكون مهمة ذلك الوزير كمن يمخر عباب بحر من الطين، فإعادة هيكلة أجهزة بعقيدة وسلوك مختلفين ستكون مهمة صعبة ودقيقة. .ولا عزاء للوزير!.
يذهب بعض المراقبين للقول إنه "إلى حين خروج تفسير رسمي أو غير رسمي لما يقال عن تأجيل الاتفاق على وضع الأجهزة الامنية، سنعتبر أن هناك اتفاقا على تسمية وزير داخلية لكن مع الحفاظ على الوضع القائم في الداخلية دون أي مساس بهيكلها التنظيمي،،، فهل سنكون فعليا أمام وزارتين لها وزير واحد، لا يحق له سوى القيام ببعض المهام المحدودة، وسيترك الحال على ما هو عليه لقادة هذه الأجهزة الأمنية ليتحملوا مسؤولية العمل المباشر؟.
الإجابة بنعم على هذين السؤالين سيترك المجال للمراقبين والمتابعين للتخمين أن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية سترتبط بجميع الأحوال بمرجعيتها التنظيمية أكثر من ارتباطها بالوزير، وفي هذه الحالة سيشعر الوزير المفترض انه مستقل بتغريده في السرب وحده، وربما يفكر بالاستقالة من اول جولة، وبالتالي نعود للمربع الاول قبل الاتفاق.
المتابعون لمناقشات تشكيل الحكومة يتوقعون أن طرفي الاتفاق لم يجدو حتى اللحظة شخص من المستقلين يمكن ان يوافق على تولي هذه الوزارة الحساسة في الوضع المطروح آنف الذكر، لان أي شخص يمكن ان يقبل بهذه الحقيبة، سيكون تحت طائلة من الضغوط والانتقادات في كل من الضفة والقطاع، وسيتم تحميله تبعات الإجراءات التي تتخذها الأجهزة الأمنية في كل من غزة والضفة الغربية.
كما انه سيواجه عقليات عسكرية داخل تلك الاجهزة لا تتوانى عن عصيان التعليمات، وخير دليل على ذلك الممارسات التي تنفذها تلك الاجهزة خلال جولات الحوار لتشكيل الحكومة بعد اتفاق المصالحة والاعتقالات التي لم تتوقف من قبل الاجهزة الأمنية، وهذا تحد آخر للوزير.