في العقد الأخير، أنهت ولاء النتشة دراستها الجامعية، ثم تزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال دون أن يتاح لوالدها محمد جمال النتشة مشاركتها أفراحها، "لقد كان دائما في الاعتقال إما بحكم لسنوات، أو في اعتقال إداري مفتوح"، كما قالت.
وحوّل الاحتلال النتشة -النائب بالمجلس التشريعي الفلسطيني- للاعتقال الإداري المفتوح آخرة مرة في مارس/آذار 2012 بعد أربعة شهور من الإفراج عنه، وذلك بذريعة وجود "ملف سري" يدينه.
ويشارك النتشة (58 عاما) الذي قضى عشرين عاما في أسر متقطع، في إضراب الأسرى الفلسطينيين المفتوح عن الطعام منذ 24 أبريل/نيسان الماضي، في محاولة لوضع حد لسياسة الاعتقال الإداري التي يواجهها نحو مائتي أسير.
وتقول ولاء إن والدها نقل مع ثلاثة أسرى آخرين لمستشفى إسرائيلي إثر تدهور وضعه الصحي في اليوم الثامن من الإضراب، وهو الآن في وضع صعب، حيث يعاني من انخفاض حاد في الضغط وصداع مزمن.
ويجيز القانون الدولي هذا النوع من الاعتقال على نطاق ضيق جدا لمواجهة خطر محدق وشيك الوقوع لا يمكن درؤه إلا بسجن مسببه، وهو أمر استثنائي جدا ولحالات فردية فقط، بحسب محامي الأسرى جواد بولس.
[caption id="attachment_41445" align="aligncenter" width="500"] زوجات نواب فلسطينيين مضربين عن الطعام يتضامنّ معهم في رام الله[/caption]قانون موروث
لكن إسرائيل، بحسب محامي الأسرى جواد بولس، حولت القانون القديم الموروث من زمن الانتداب إلى سياسة لردع النشطاء السياسيين ولتحييد تأثيرهم في أوساطهم ومناطقهم حتى لو لم يشكل هؤلاء أي خطر أمني الإسرائيلي.
وتعهدت إسرائيل عام 2012 بأن تعيد تقييم سياسية الاعتقال الإداري تحت ضغط الأسرى الذين بدؤوا خطوات احتجاجية كمقاطعة المحاكم العسكرية التي يمثل أمامها الأسير في نهاية كل فترة توقيف ويجري تمديد اعتقاله دون مبرر، بالإضافة للإضرابات الفردية الواسعة عن الطعام وضغوط من منظمات حقوقية دولية.
لكن عدد السجناء الإداريين عاد وارتفع نهاية العام الماضي إلى نحو مائتين، بينهم نواب وأكاديميون ورؤساء مجالس محلية. وبحسب بولس، أبدت منظمات دولية عديدة استعدادها مؤخرا لتبني قضية الأسرى الإداريين والضغط على إسرائيل من أجل الحد منها.
وانضم للإضراب الذي بدأ بعشرات الأسرى، 37 أسيرا إداريا في سجن عوفر غرب رام الله بالضفة الغربية، ونقلتهم سلطات السجون مباشرة إلى قسم العزل في سجن "أيالون" بالرملة، وهو قسم قديم ومغلق بسبب سوء أوضاعه.
كما انضم للإضراب مؤخرا 51 أسيرا من النقب نقلوا إلى خيام معزولة في ظروف صعبة ودون خدمات.
وفرضت سلطات الاحتلال سلسلة عقوبات على الأسرى المضربين، بينها منع خروجهم إلى الساحات ومنع زيارة عائلاتهم أو أي شكل من التواصل مع الخارج. وتحاول مصلحة السجون مصادرة الملح وهو المادة الوحيدة التي يتناولها الأسرى خلال الإضراب كي لا تتعفن أمعاؤهم بسبب عدم الأكل. وقدّم الأسير المحرر سعيد هرماس من بيت لحم شهادته عن أوضاع الأسرى المضربين، حيث أفرج عنه قبل أيام وشارك في الأيام الأربعة الأولى من الإضراب.
تستخدم إسرائيل الاعتقال الإداري ضد نشطاء سياسيين لتحييد تأثيرهمالملف السري وقال هرماس للجزيرة نت إنه اعتقل على حاجز "الكونتينر" الإسرائيلي شمال بيت لحم أثناء عودته من عمله قبل ثمانية شهور، ودون توجيه أي تهمة أو إخضاعه للتحقيق تمَّ تحويله مباشرة إلى الاعتقال الإداري بدعوى وجود ملف سري يعتبره "خطرا"، وألقي في سجن عوفر في اليوم التالي.
وحاولت إدارة سجن النقب معاقبة هرماس بمساومته بالإفراج عنه مقابل فك إضرابه إلا أنه رفض ذلك، ولم يتوقف عن الإضراب إلا بعد الإفراج عنه في بيته ببيت لحم.
وقال هرماس إن إدارة سجن النقب بدأت الهجمة على الأسرى الإداريين بمجرد إعلانهم الإضراب عن الطعام، وشرعت في مصادرة أغراضهم وملابسهم وإخراجهم من غرف السجن إلى الخيام بعد إلقائهم في العراء لأكثر من عشر ساعات.
ورفضت مصلحة السجون تزويد الأسرى المضربين بالمدعمات الغذائية المسموح تناولها خلال فترات الإضراب، كما حاولت -بحسب هرماس- مصادرة الملح من خيامهم.
ورغم ذلك، قال الأسير المحرر إن الإداريين أعلنوا إضرابا حتى الموت في سبيل وقف الاعتقال الإداري نهائيا.
وكان عدد من الأسرى الإداريين قد شرعوا بشكل مسبق في الإضراب فرديا، وأقدمهم أيمن اطبيش المضرب منذ 67 يوما، وعدنان شنايطة المضرب منذ أربعين يوماً لوقف اعتقالهم الإداري، وحُوِّل كلاهما للمستشفى وهما في وضع صحي سيئ بحسب شهادات محامي نادي الأسير الفلسطيني.
ميرفت صادق/ الجزيرة نت