استبسل المرابطون في المسجد الأقصى خلال شهر نيسان في دفاعهم الأعزل عنه، عشرات من الشباب العُزّل وقفوا في مواجهة عتادٍ عسكريًّ كامل وفرقٍ من القوات الاحتلالية الخاصة والقنّاصة، وتحصنوا في المصلى القبليّ بالمسجد بهدف إفشال محاولات اقتحامات المستوطنين وأداء طقوسٍ تلموديةٍ فيه، كلّ ما كان يفعله الشباب أن يبيتوا ليلهم في المصلى القبليّ وأن يستحكموا داخله مغلقين أبوابه عليهم، لكنهم بعزيمتهم نجحوا ومنعوا مخططات المستوطنين، ونجحوا في طردهم على أعقابهم خائبين، استحكامهم هذا وصفه يمينيون إسرائيليون ب" الاحتلال الحمساويّ الإرهابيّ" للمسجد.
"الرباط" ... الفكرة والنتائج بدأ رباط الشبان الفلسطينيين بصورته الجديدة في المسجد القبلي مساء يوم 12 من ابريل وذلك بعد دعوة الحركة الإسلامية في الداخل المحتل للحشد والنفير دفاعاً عن المسجد الأقصى، وقدر عدد الذي تواجدوا يومياً داخل "القبلي" ما بين 20 – 50 شاب، أغلقوا على أنفسهم أبواب المسجد، وحشدوا للمواجهة مع شرطة الاحتلال ومستوطنيه ما يمكن حشده من حجارة وأدوات صمود، كما جهزوا أنفسهم بأدوات إعلامية بسيطة، مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي لبث رسائلهم وصورهم، وعبارات التحدي والصمود. ومع كل يوم، يعلن فيه عن نية المستوطنين اقتحام الأقصى بصورة جماعية، تدخل شرطة الاحتلال وقواته الخاصة لإخراج المرابطين من "القبلي"، وتبدأ معها بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل كثيف، وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والاعتداء على المصلين المسنين ممن تواجدوا في ساحات المسجد، لكن صمود الشبان ومواجهتهم لهذه القوات كان دوماً يدفعها للتراجع والخروج من المسجد، والاعلان عن الغاء مخططات اقتحام المستوطنين. وبحسب مراقبين في الشأن المقدسي، استطاعت هذه الطريقة الجديدة صدّ اقتحامات المستوطنين بفعالية، خاصة تلك المحاولات التي أعلن عنها خلال فترة أعياد اليهود التي تكثر في شهر نيسان – إبريل.
مصاطب العلم رباط دائم في الأقصى تقف مصاطب العلم اليوم شوكةً في حلق محاولات الاقتحام الإسرائيلية المتكررة، وتقف خط دفاعٍ أولّ للمسجد الأقصى، ولا يحمل الطلبة سلاحا أمام المحاولات الهمجية سوى تواجدهم الدائم وتكبيرهم الذي يُخيف المستوطنين الدخلاء. يعود تاريخ مصاطب العلم التي تنتشر في ساحات المسجد الأقصى إلى العهد العثماني، وتضم المصاطب عشرات الطلبة من الرجال والنساء موزعين على حلقات علمية متنوعة، تم تفعيلها في السنوات الأخيرة ضمن حالة الاستنهاض في مواجهة سياسة التهويد الإسرائيلية للقدس، حيث جرى إحياء مشروع مصاطب العلم في مارس/آذار 2010، والمشروع الذي ابتدأ ب 30 طالبا وطالبة بات اليوم يضم مئات الطلبة من فئات عمرية مختلفة يتوافدون على المسجد من الأحد إلى الخميس ليدرسوا العلوم المختلفة على أيدي أساتذة ودعاة وشيوخ.
مقاومة شعبية ذاتية التنظيم أستاذ علم الاجتماع خالد عودة الله يرى في فكرة "مصاطب العلم" "نموذجًا ًحيّا للمقاومة الشعبيّة الحقيقية ذاتيّة التنظيم، البعيدة عن آفة التمثيل الإعلامي والاصطناع، وأما فاعليتها فتعود إلى منطقها البسيط؛ عرقلة انسيابية الفعل الاستعماري الصهيوني المكاني، من خلال التوّزع على المكان بشكل شبكي، والتشويش على طقوس التلقين الأيديولوجي الاستعماري من خلال صيحات " الله أكبر " المنتظمة بإيقاع ثابت عند اقتراب المجموعات الاستعمارية الصهيونية من إحدى حلقات القرآن أو مصاطب العلم".
مصاطب العلم والرباط "إرهابٌ حمساويّ" لم يستطع اليمينيون الإسرائيليون المتطرفون سكوتاً على فشل محاولاتهم المتكررة، موشيه فيجلين اليمينيّ المتطرف ونائب رئيس كنيست الاحتلال لم يسكت على كرامته المهدورة حين طُرد من المسجد إذ وصف المرابطين " بمُحتليّن حمساويين" وطالب حكومة الاحتلال بإحكام سيطرتها على المسجد الأقصى الذي بات يخضع" لحكم حمساويّ بدلاً من سيطرة أردنية" حسب وصفه، وطالب مناصروه في رسالةٍ بعثوا بها الى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بطرد موظفي الأوقاف وطلبة مصاطب العلم وإخضاع المسجد لسيطرةٍ عسكرية إسرائيلية.
" اسرائيل" تردّ برسالة الى الأمم المتحدة: في تاريخ 24-نيسان بعث "رون بروسر" سفير الاحتلال في الأمم المتحدة رسالةً الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يتهم فيها حركة حماس التي وصفها " بالإرهابية" بإعاقة حريّة العبادة في القدس، محتجاً على قيام المرابطين بمنع دخول المتطرفين الى المسجد الأقصى، متحدثاً عن " إرهاب" حماس واستخدامها لدور العبادة عندما تحصن مقاومون في كنيسة المهد في بيت لحم فضلا عما أسماه "إساءة استعمال المساجد من قبل حماس في غزة" خلال الاعتداء الإسرائيلي أواخر العام 2008.