بعد 22 حلقة من المسلسل السوري اللبناني المشترك "سنعود بعد قليل" الذي يبث على قناة "mbc"، والذي يحاول حتى اليوم ألا يبدو بشكل جليّ أنه مسلسل مؤيد للنظام السوري، وإن كانت رسائله المبطنة تصل واحدة تلو الأخرى، أبرز ما علق بذهني منها شعور ابن دريد لحام "راجح" -يقوم بدوره الممثل رافي وهبي- بالحاجة الملحة للعودة إلى "الشام" مصطحباً اللآجئة السورية التي احتمت لديه "مريم"، وشعوره المستمر بأن الثورة السورية لم تعد ثورة منذ أن حمل أفرادها السلاح.

في وجهٍ آخر، البريئة مريم، التي تقف بجوار الثوار تحاول جاهدة اقناع "راجح" بأنها ثورة، وأن الثوار لم يكن بأيديهم شيء سوى حمل السلاح وتجعله يهتف في شوارع بيروت "الشعب يريد اسقاط النظام". دريد لحام الأب الحنون في المسلسل لم يتخل عن موقفه في الواقع وظل مصراً أنه موالٍ "موالٍ لأبنائه ولبيت العيلة" على أساس أن النظام السوري هو بيت العيلة وهو الحضن الجامع للسوريين جميعهم، رغم أن شهادات على أرض الواقع تثبت العكس.

في مشهد فاجئني اتهمت الفتاة مريم النظام علانية أنه هو من هدم عليهم المنزل في قرية حدودية مجاورة للبنان، لم أفهم ما القصد من دس السم بالعسل. ولكن في المقابل لم تبرأ مريم الثوار. أما الابن الثاني فؤاد -يقوم بدورة قصي خولي- يتعامل مع "الخواجا" الذي يدعوه ليتحول من تاجر عادي إلى تاجر أسلحة، مستغلاً السوق الوليدة في سوريا، بعد توقف تجارته بسبب الأتاوات التي يأخذها المسلحون من الطرفين: الجيش والجيش الحر، من شاحنات البضائع على الطريق وفي شيء غريب قليلاً أن أول البيعات كانت لوزارة الدفاع السوري، بصراحة ما فهمت الرسالة هنا، فليتكرم أحدكم بالشرح، هوه غزل للثورة مثلا ‫#‏أفورة‬.

دينا - التي تقوم بدورها نادين الراسي- وتكون ابنته الكبرى لدريد لحام، ضد النظام، مع الثورة والصورة المقلوبة للثوار طبعاً "قليل دين، يساعد دينا على خيانة زوجها الذي يعمل في الخليج"، ورغم أنها ترتدع إلا أني أرى جلياً أن ما يحاول المسلسل عكسه ظهر هنا في الجزيئية هذه دول الخليج أبعدت سوريا والنظام عن المشهد واستفردت بالشعب لتضغط على النظام إلا أن النظام الحنون لم ينجرف وراء هذا الامر وعلى ما ييبدو أن النظام سيسامح الشعب على هفوته هذه أي أن زوج دينا سيسامحها اذا ارتدعت والصورة السلبية هنا للثوار بدت واضحة.

فيما يستمر "سامي"-عابد فهد- الابن الأكبر في لعب دور السياسي المهم بلبنان كون الأم أي زوجة "نجيب" هي لبنانيه، ويستمر بالتنظير لسقوط النظام.. القوي!

شادي الصفدي سائق التكسي الذي يقل العم نجيب إلى سيارات لبنان ينظر عليه بخصوص الوضع في سوريا وانقطاع المته ساخراً من الثوار السوريين بعبارة رنانه " كان عليهم أن ينتظروا أكثر، هل يعتقدون أن حزمة الاصلاحات ستجري فجأة أنها بحاجة للوقت، مش محرزة كل الي عملوه وبلآخر انقطعت المته، شو دخلها المته"؟! هذا المشهد مفروض انو مضحك بس بصراحة قلبلي معدتي.

الصغيرة ميرا زعيمة الثورة لأجل الحب -غيدا نوري- تساعد الثوار وتعالج أحدهم ميدانيا في منزلها في بيروت حتى أن يطلب منها العودة إلى الوطن فمكانها بالمشافي الميدانية، بعد أن خاضت غمار الحب مع شاب كان برفقتها أيام الابتدائية، وعاد من امريكا خصيصاً ليعرف الفرق بين الشهيد والقتيل بعد أن قضى صديقه الثائر "شهيدا، قتيلا" في سوريا.

في كل لحظات المسسل تشعر أن نجيب -دريد لحام- يغازل الثورة السورية بأسلوب غريب يحيرك بين أن تتعاطف معه وتغفر له إيمانه بالقومية المزيفه التي يحتمٍ بها النظام السوري لتقف بصفه، وبين أن تلعن إعجابك القديم بأسلوبه القوي بمعالج القضايا العربية من خلال المسرح خلال العقود السابقه حين كنت أنت مراهق.!