شبكة قدس الإخبارية

مقتل "أبو شباب".. غزة تنهي هدفًا متوهمًا للاحتلال في اليوم التالي للحرب

ياسر-أبو-شباب-1-1764853806
طه عبد العزيز

مع بداية الشهر الثامن من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في مايو 2024 وتزامنًا مع بدء اجتياح رفح برزت لدى قيادة المستوى الأمني في الاحتلال حالة شاذة من لصوص وهاربين من مراكز الإصلاح والتأهيل لا يتقن أكثرهم علمًا سوى كتابة اسمه، ولا يملك أكثرهم فهمًا سوى حقده على منظومة كبحت جماح إجرامه وإتجاره في المخدرات لعقد ونصف من الزمن، ما أفرز توهمًا جديدًا نابعًا من فوقية المستعمر أن هذه الفئة يمكن أن تشكل بديلًا مقبولًا لحكم قطاع غزة في ظل ضيق أفق وانسداد رؤى ناتج عن هدف وهمي رفعته أكثر حكومات الاحتلال تطرفًا برفضها إدارة السلطة أو حماس لقطاع غزة في اليوم الذي يلي الحرب.

أتباع أبو شباب بديلًا لوحدة "عوكيتس"

بقي ملف أبو شباب منوطًا بضباط عمليات الاحتلال المكلفين بمتابعة مسار التوغل في رفح، قبل أن يحاول المستوى الأمني توسيع التجربة في طور المسار العملياتي كبديل "رخيص" لوحدات الكلّابة لدى الاحتلال على الأرض فأوهمهم الاحتلال بدرع ومركبة "تراكترون" بأداء مهمة "عوكيتس" في تفتيش البيوت والتأكد من خلوها من أي تفخيخ بما يقلل هامش الخسائر في عمليات الاجتياح لمناطق القطاع المختلفة، وقد بقي هذا المسار هو الحاكم لآلية تشغيل هذه التشكيلات.
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في يناير 2025 سمح الاحتلال لتموضع تلك التشكيلات قريبةً من قواته وفي حماية دائرة نيرانه، فنما لدى الاحتلال تدريجيًا توجه جديد يتمثل في محاولة غسل وإعادة ترتيب لشكل هذه التشكيلات العصابية.

واجهة مصطنعة.. جهاز مكافحة "الإرهاب" 
  
مع انقلاب الاحتلال على اتفاق يناير ومعاودته للحرب في مارس 2023 أطلّ أبو شباب من نافذة إعلامية لا يديرها ولا يعرف شيئًا عن كتابتها لمنشورات بالعربية تترجم للإنجليزية وهو الذي تشكك مصادر محلية في قدرته على كتابة اسمه بلا أخطاء، وفجأةً خرج أبو شباب كوهم جديد وسراب يلاحقه الاحتلال في هوس إنهاء سيطرة حماس على القطاع ببدائل محلية تعمل لصالحه، فاستهدفت المقاومة تزامنًا مع عمليات "حجارة داود" بشكل مباشر أدوات الاحتلال المبتكرة حديثًا في بيئة القطاع ممن سمّتهم بـ "المستعربين"، وضيّقت هامش تأثير تلك الأدوات إذ عملت المقاومة بشكل مدروس على منع توسعها وتكرار النموذج في مناطق أخرى، ما أدى لانحصارها في منطقة محددة ارتباطًا بتواجد جيش الاحتلال في محيطها.
كما ساهم الوعي والمناعة المجتمعية العالية في داخل القطاع إلى حد كبير في منع توسع هذه الوسيلة، وصولًا لإفقاد الاحتلال جدوى ورقته المبتكرة حديثًا والتي علّق عليها "الشاباك" آمالاً في إمكانية تشكيل ملامح قوة بديلة داخل القطاع، ضمن اختباره لكل النظريات والاحتمالات الممكنة على طريق إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بمزاوجة الأساليب العسكرية وغير العسكرية.
كما حاول الاحتلال تحضير أبو شباب شريكًا رديفًا لنشاط المؤسسة الأمريكية الموسومة بـ "مؤسسة غزة الإنسانية" سيئة السمعة بحيث يكون التشكيل الخاص به قوة مسيطرة على الأرض أمنيًا وتبقى المؤسسة جهة ابتزاز للفلسطينيين في طعامهم ضمن نسق يحكمه ضباط تشغيليون في جهاز الشاباك والإدارة المدنية لجيش الاحتلال.

مقتل أبو شباب وتخبط السردية

بعد إعلان مقتل العميل "أبو شباب"، تقلّب الإعلام العبري في تعامله مع الخبر، وفقًا لأجندة الرقابة فمنها ما حاول تخفيف الخبر بزعم أنه قُتل في إثر "شجار عائلي"، ومنها ما ادعى أنه قُتل على يد أحد المنتمين إلى عصابته.
وفي الأثناء خرجت مصادر أمنية لدى الاحتلال -وكعادتها بعد كل فشل لمنظومتها-، بدأت بإظهار نقدها لمحاولات الاستثمار الفاشلة في تجارب مكرورة ومحكوم بفشلها المسبق، في مسعى داخلي لتجنب تحمل المسؤولية عن مسار الرداءة الذي حكم سلوك الاحتلال وجيشه في القطاع الذي بات يلجأ لتفعيل مجرمين صغار وسارقين كشركاء سياسين محتملين سعى الاحتلال وبعض أدواته الدولية لتصديرهم واجهةً لحكم القطاع.

أثبتت هذه المحطة من المواجهة أن  الاحتلال فشل مجددًا في فرض عملائه حكامًا للقطاع، وفشل في حمايتهم بعد أن حرقهم ككلاب يقتفون أثر المقاومين في رفح وفي كل مكان من قطاع غزة، وفشل في "استبدال حماس" بمليشيا تنفذ أجنداته وتتحدى إرادة الغزيين الذين استقبلوا خبر مقتله بتوزيع الحلوى وإطلاق النار في الهواء.