شبكة قدس الإخبارية

رغم وقف إطلاق النار.. حملة مقاطعة الاحتلال تواصل تصاعدها عالميًا

Screenshot 2025-11-08 203527

متابعة قدس: على الرغم من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، لم تهدأ وتيرة الدعوات إلى مقاطعة الاحتلال ومؤسساته الداعمة له، بل شهدت اتساعًا ملحوظًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أطلق ناشطون من مختلف أنحاء العالم حملة رقمية جديدة تؤكد أن المقاطعة ليست مرتبطة بزمن الحرب، بل هي جزء من مواجهة شاملة ضد منظومة الاحتلال والاستعمار.

وأفاد منظّمو الحملة بأن "المقاطعة مستمرة لأن الاحتلال لم يتوقف"، في إشارة إلى استمرار جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والحصار المفروض على قطاع غزة رغم الهدنة. وقد ضجّت مواقع التواصل بعشرات آلاف المنشورات التي دعت إلى الاستمرار في المقاطعة، مع مشاركة واسعة لمقاطع مصوّرة توثّق جرائم الاحتلال وتُعرّف بالشركات المتورّطة في دعمه أو في توريد الأسلحة والأنظمة التقنية إليه.

وتحوّلت الدعوات إلى المقاطعة، التي لطالما كانت تُعتبر محدودة التأثير في السابق، إلى ظاهرة عالمية تتبنّاها شخصيات فنية ورياضية وسياسية بارزة، احتجاجًا على حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة. وقالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير موسّع إنّ الحرب الأخيرة أدّت إلى "انهيار الإجماع القديم الذي كان يحمي تل أبيب من الضغوط الدولية الجدية"، مشيرةً إلى أنّ المقاطعة باتت تنتقل بسرعة من "الهامش إلى التيار العام"، في ضوء تصاعد الغضب الشعبي من السياسات الإسرائيلية وتواطؤ الحكومات الغربية.

وأضافت الصحيفة أنّ المقابلات التي أجرتها مع ناشطين حول العالم أظهرت أنّ معظمهم بدأ نشاطه قبل وقف إطلاق النار، لكنّهم أكدوا أنّ الضغط الشعبي لن يتراجع، بل سيتحوّل إلى حملة طويلة الأمد تستهدف "تفكيك نظام الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي".

وشملت الحملات المتواصلة دعواتٍ لمقاطعة الشركات المتعاملة مع جيش الاحتلال أو المستفيدة من المستوطنات، مثل الشركات العاملة في قطاعات التكنولوجيا والطيران والطاقة والأمن. كما توسّعت المبادرات الشعبية التي تدعو إلى منع مشاركة "إسرائيل" في الفعاليات الرياضية والثقافية، ووقف التعاون الأكاديمي مع مؤسساتها البحثية والعسكرية.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل قوائم محدّثة بأسماء الشركات المتورطة في دعم الاحتلال، إضافة إلى خرائط توضيحية لمقرّاتها ومنتجاتها البديلة، تحت وسمٍ موحّد حمل شعار #المقاطعة_مستمرة.

وترافقت هذه الجهود مع تحركات ميدانية في عدد من الدول الأوروبية والأميركية، حيث نُظّمت وقفات احتجاج أمام مقارّ شركات كبرى تُتَّهم بتزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالتقنيات العسكرية والطائرات المسيّرة.

وتتجاوز الدعوات الحالية للمقاطعة البعد الفلسطيني، لتصبح تعبيرًا عن حركة تضامن عالمية تتقاطع فيها أصوات من مجالات الفن والرياضة والسياسة وحقوق الإنسان. فخلال الأشهر الأخيرة، أعلن فنانون عالميون إلغاء حفلاتهم في تل أبيب، فيما رفض رياضيون المشاركة في بطولات تضم ممثلين عن الاحتلال.
وفي الجامعات الغربية، ارتفع عدد الأصوات المطالبة بوقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية، بعد الكشف عن تورط بعضها في مشاريع أمنية مرتبطة بجيش الاحتلال.

ويرى مراقبون أن هذه التحولات تمثّل "نقطة تحوّل أخلاقية" في الرأي العام الغربي تجاه "إسرائيل"، بعدما كانت حملات المقاطعة تُواجَه سابقًا باتهامات "معاداة السامية"، بينما باتت اليوم تُقدَّم كجزء من النضال ضد الفصل العنصري والعنف الممنهج.

ويرى ناشطو المقاطعة أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الحرب، بل هو "مرحلة جديدة في الصراع". فالممارسات الإسرائيلية – من استمرار الاستيطان في الضفة إلى منع إعادة إعمار غزة – تعني أن "أسباب المقاطعة لم تزُل"، بحسب ما كتب عدد من منظّمي الحملات.
كما يربط كثير من المشاركين بين المقاطعة الاقتصادية والعمل الحقوقي، معتبرين أن "الضغط الشعبي هو البديل الواقعي عن عجز المؤسسات الدولية".
ويؤكد ناشطون أن معركة الوعي العالمي باتت لا تقل أهمية عن المعارك الميدانية، وأن المقاطعة تمثل "الوجه المدني للمقاومة الفلسطينية" في زمن تُعطَّل فيه العدالة الدولية.

وتُشير تحليلات الصحف البريطانية، وعلى رأسها الغارديان، إلى أن المقاطعة المتصاعدة تُحدث تحوّلًا بنيويًا في صورة "إسرائيل" لدى الرأي العام الغربي، إذ لم تعد تُقدَّم كـ"ديمقراطية محاصَرة"، بل كقوة استعمارية ترتكب جرائم حرب.
وذكرت الصحيفة أن مؤسسات اقتصادية وثقافية بدأت تراجع علاقاتها مع الشركات الإسرائيلية خوفًا من الخسائر المعنوية والاقتصادية، فيما تتزايد الضغوط داخل النقابات والجامعات لقطع التعاون الأكاديمي مع "إسرائيل" إلى حين إنهاء احتلالها لفلسطين.

وتُظهر التطورات الأخيرة أن حركة المقاطعة، التي كانت تُصنَّف سابقًا كحراك هامشي، باتت اليوم ظاهرة جماهيرية تقودها أجيال شابة تتقن لغة الإعلام الرقمي وتستخدمها لكشف التواطؤ السياسي والاقتصادي مع الاحتلال. ويعزو باحثون هذا التحوّل إلى تراكم الغضب الشعبي من المشاهد القادمة من غزة خلال الحرب، حيث تجاوزت الحملة البعد التضامني لتتحوّل إلى أداة ضغط حقيقية على الحكومات والشركات الغربية.