ما زال نتنياهو يشنّ نصف الحرب على غزة، ويحاول أن يحقق في ظل الوضع الراهن كل ما لم يستطع تحقيقه، قبل المرحلة الأولى لاتفاق تبادل الأسرى ووقف الحرب.
فتحتَ الدور السياسي، الذي يلعبه ترامب ومساعدوه، يصر نتنياهو على أن يواصل القصف والقضم، كما التضييق على المساعدات، والحرمان من وصول حاجة المستشفيات من الأدوية والمعدات، بل وممارسة سياسة التجويع، وقتل الأطفال، الأمر الذي يفرض على غزة مواجهة مرحلة ثانية، أو ثالثة، من الحرب العدوانية الإجرامية. وهنا يتحمل ترامب ومساعدوه مسؤولية ما يفعله نتنياهو، كما مسؤولية فشل اتفاق المرحلة الأولى من مشروع ترامب، إذا ما عادت الحرب.
وقد حاول ترامب، من خلال مساعديه، إلزام نتنياهو باحترام تنفيذ وقف الحرب، ولكنهم لم "يقنعوه" تماما، فمالوا إلى "التواطؤ" معه، أو تجنّب التشدّد، بإلزامه التوقف عن اختراق الاتفاق، مما حوّل الوضع في غزة إلى شبه حالة حرب، او حالة نصف حرب. ومن ثم لا مفرّ من الضغط الحازم على نتنياهو، وإلّا اندفع الوضع بالضرورة إلى الردّ على كل اختراق بمثله.
وبهذا يصبح من الضروري، على ترامب ومساعديه، أن يردعوا نتنياهو الذي أعلن أن "إسرائيل دولة مستقلة"، أي الذهاب لفرض ما يريده نتنياهو، أي العودة إلى وضع ما قبل الاتفاق، أي التهديد بفشل ما تمّ إنجازه.
فنتنياهو، بعد أن استخدم شعار "إسرائيل دولة مستقلة"، ينسى أن الكيان الصهيوني وُجِدَ وأُقيمت أركانه بدعم أمريكي أساسا، كما لا يستطيع أن يستمر بالوجود إلّا بالدعم الأمريكي والمساعدة، في كل المجالات العسكرية والسياسية والمالية والاقتصادية، من قِبَل أمريكا خصوصا والغرب عموما.
ومن ثم، إن مجرّد التلويح أو التهديد من قِبَل ترامب بوقف بعض تلك المساعدة، سوف يطير شعار "الدولة المستقلة". هذا، وبالتأكيد أن نتنياهو أول من يعرف هذه الحقيقة، ويعرف كيف يتصرف إزاءها.
على أن نتنياهو، في المقابل، يعرف أن ترامب يخشى على الكيان الصهيوني، وحتى على نتنياهو، من عواقب الوصول إلى التهديد بقطع المساعدة، أو التقليل من عدد الطائرات التي تحمل الذخائر يوميا إلى مخازن الجيش الصهيوني.
ولهذا، أمكن التجرؤ على طرح شعار "إسرائيل دولة مستقلة"، في وجه ترامب ومساعديه، وصولا إلى تعريض المشروع كله للفشل، خصوصا إذا ما تغلّب العداء لحماس وتجريدها، غير الواقعي، من السلاح، مما يفرض العودة إلى الحرب. وهذا بالطبع، لا يحدث إلّا إذا تغلّب الانحياز الصهيوني على استراتيجية أمريكا، ومصلحة ترامب كذلك.
من هنا يتحوّل اتفاق وقف الحرب في غزة، ليصبح "هشا"، بسبب سياسات نتنياهو، وعدم الحسم ضدّه، فالوضع الراهن في غزة، مع استمرار هذه الاختراقات المتعمدّة، قد يذهب إلى التفجّر، لا محالة، الأمر الذي يفترض تصعيد كل الضغوط، والعوامل التي تضافرت لدفع ترامب للتحرّك لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وإخضاع نتنياهو.
وبكلمة، يجب التأكد من أن فشل مشروع ترامب بعمومه، سيكون أفضل للقضية الفلسطينية وللعرب والمسلمين وأحرار العالم.



