حسام غوشة
لن يختلف برنامج الشاشات المحلية الفلسطينيّة كثيراً عن السنوات السابقة. نلحظ تحولها إلى منبر لإعلانات شركات الاتصالات التي تتسابق قبل الجمهور في برامج الفوازير. حوالى عشرين عاماً مضت على تأسيس الهيئة الفلسطينيّة للإذاعة والتلفزيون، ولم يستطع «التلفزيون الفلسطيني» تحقيق نسبة مشاهدة تذكر، خصوصاً أن انطلاقته تزامنت مع وصول اختراع الصحن اللاقط (الساتلايت).
لا شك في أنّ الفساد المستشري في مؤسسات السلطة الإعلامية هو ما يحول دون تطوير التلفزيون المحلي وبرامجه. أما فضائية «الفلسطينيّة» لصاحبها ماهر الشلبي، التي وزّعت الوعود بلا حساب العام الماضي بعد انطلاقاتها المتعثرة، فستقدم هذا العام برنامج مسابقات يقدمه عماد فراجين ومنال عوض وأربع مسابقات تعتمد على الجوائز الماليّة والترويج لشركات الاتصالات الفلسطينيّة الراعية، إضافة إلى برامج طبخ وأخرى اجتماعية كبرنامج «الله يصبحكم بالخير». أما حضور الدراما العربية والمحليّة، فما زال محدوداً، بل شهد تراجعاً عن العام الماضي. وبخصوص الإنتاجات المحليّة، تعرض «الفلسطينية» المسلسل المقدسي «باب العمود» (إخراج إسماعيل الدباغ) الذي تعوّل عليه في تحقيق مشاهدة عالية، إلى جانب إنتاجها نسخة جديدة لفلاشات «وطن ع وتر». أما الدراما العربية فسيحضر منها المسلسل السوري «ياسمين عتيق» للمخرج المثنى صبح. ويقدم التلفزيون الحكومي إنتاجات جديدة لأعمال قديمة لا يكاد تطورها الفني يذكر، كـ«حِلها عاد» (إنتاج نهاوند ــ نابلس)، و«اسكتْ شات» (إنتاج تلفزيون فلسطين)، كذلك يبثّ التلفزيون الفلسطيني الدراما الاجتماعية «نص بلد دوت كوم» وهو إنتاج إيطالي فلسطيني.
وتحضر الدراما المقدسيّة للمرة الأولى في مسلسل «باب العمود» للمخرج إسماعيل الدباغ، ويبدو الأكثر حضوراً ومنافسة بحيث تعرضه كل من «فلسطين» و«الفلسطينية». تحدّ كبير اجتازه «مسرح الرواة» المقدسي بإنتاج أول عمل درامي فلسطيني يصوّر في البلدة القديمة في القدس المحتلة. يضيء العمل على الحياة الاجتماعية اليوميّة في القدس، عفوية أهلها وطرائفهم في مواجهة الاحتلال وحالة الفساد الناتجة منه. نرى معاناة الناس في المدينة ضمن قالب ساخر، لا يقل عمّا عودنا إياه «مسرح الرواة» الذي تأسس في القدس مع أفول الانتفاضة الأولى عام 1987. شخصيتان أساسيتان تبرزان في «باب العمود»: (الصورة) حسن بظاظ ومصلح الغسالات التقليدي الذي يدخل بيوت الحارة وينكش جدرانها وقصصها، آملاً بأن يجد منقذاً ينتشله ليصبح «فوق الريح»، ويحسّن وضعه الاقتصادي والاجتماعي. ويؤدي دوره المخرج الدباغ.
أما زوجته حسنية، فتؤدي دورها الكاتبة والممثلة مايا أبو الحيات التي لا تتردد في كشف أسرار بيوت الجارات وإحباط أحلام زوجها. ويشارك في العمل ممثلو «مسرح الرواة» ريم اللو، عدنان أبو سنينة، نضال المهلوس، محمود أبو الشيخ. لا تقتصر أهمية تصوير المسلسل في القدس المحتلة على ما يضيفه إلى الدراما الفلسطينيّة الغائبة تماماً، بل يحمل رمزية عالية بتغلبه على الحواجز التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على القدس القديمة. ولعل أهمها ضرورة حصول أي جهة تنوي التصوير في القدس على تصريح مسبق من «السلطات الإسرائيليّة». لم تكن البرمجة النهائيّة واضحة قبل أيام من بداية الموسم، ولعل السبب الرئيس لذلك هو سعي المحطات لشراء المسلسلات بكلفة أقل في الوقت الضائع. في هذا الوقت، تظل المساعي والوعود بتطوير الشاشات الفلسطينيّة قائمة، حتى إنّ المشاهد الفلسطيني لا يجد ما يقوله إزاء تلك المساعي الدؤوبة سوى العبارة المألوفة عند تلقّي العزاء: شَكَرَ الله سعيكم.
نقلا عن الأخبار