خاص - شبكة قدس الإخبارية: أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم أمس الاثنين، مجددا رغبته في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أماكن "أكثر أمانا" على حد وصفه، طارحاً مصر والأردن لذلك، فيما كشف أنه سيلتقي رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن "قريبا جدا".
وكان ترامب قد طرح يوم السبت الماضي فكرة ترحيل أهالي قطاع بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وعندما سئل عن هذه التعليقات، قال ترامب للصحفيين، مساء الاثنين، على متن الطائرة الرئاسية إنه "يود أن ينقلهم للعيش في منطقة حيث يكون بإمكانهم العيش بدون اضطرابات وثورة وعنف".
وردا على سؤال عن حل الدولتين، أجاب ترامب أنه سيلتقي بنتنياهو "في مستقبل غير بعيد"، مضيفا أنه "سيأتي إلى هنا للقائي".
وأجرى ترامب محادثات في الأيام الأخيرة مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اللذين عارضا فكرة تهجير الفلسطينيين.
وقال ترامب عن السيسي: "أتمنى أن يأخذ البعض" منهم، وأضاف: "ساعدناهم كثيرا، وأنا متأكد من أنه سيساعدنا... كما يقولون، إنها منطقة صعبة، لكنني أعتقد أنه سيفعل ذلك، وأعتقد أن ملك الأردن سيفعل ذلك أيضا".
وتأتي تصريحات ترامب، امتداداً لرؤى تيار الصهيونية الدينية الأكثر نفوذاً داخل حكومة الاحتلال، حيث صرح وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش خلال الشهور الماضية عدة تصريحات حول ضم الضفة الغربية وفرض السيطرة الإسرائيلية عليها وتهجير الفلسطينيين، فكيف يتقاطع ذلك مع تصريحات ترامب؟ وكيف تتقاطع هذه التصريحات مع مخططات الاحتلال ومعادلة الشرق الأوسط الجديد؟ وما هي سُبل الشعب الفلسطيني لمواجهة هذه المخططات؟
وحدة وطنية وعربية في وجه مخططات التهجير
في حديث خاص لـ"قدس الإخبارية" قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، إن تصريحات ترامب تتفق تماماً مع مخططات اليمين الصهيوني المتطرف الذي تم دعوة قادته لحفل تنصيب ترامب، في حين يؤثر اللوبي الصهيوني على قرارات الرئاسة الأمريكية بشكلٍ مباشر في القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأوضح عوض أن فكرة تهجير الشعب الفلسطيني دائماً قائمة، وتحاول قيادة الاحتلال استغلال الظروف المناسبة لها، وتأتي دورة ترامب الرئاسية إحدى هذه الفرص الأمثل لتمرير مثل هذه المخططات.
وأكد الوسط العربي لن يبقل بهذه المخططات كونها تفجير للأوضاع في داخل مصر والأردن، في حين ستشهد الأردن إذا ما تم هذا المخطط لتغيير ديموغرافي بشكلٍ مزعج للحكومة الأردنية، وستشهد مصر تهديد حقيقي على الأمن القومي المصري.
وأضاف أن فكرة التهجير ستلاقي رفضاً لدى كافة الأطراف في الإقليم لأنها لا تشكل حلاً للقضية الفلسطينية بل تعقيداً إضافياً وسط رغبة عربية متسارعة للوصول إلى تسوية سياسية تنهي القضية الفلسطينية وتحقق الاستقرار والهدوء.
وعن المطلوب فلسطينياً لمواجهة هذه المخططات قال عوض، إن هناك حاجة ملحة للمصالحة الوطنية وإيجاد تمثيل سياسي واحد، ومرجعية موحدة لإفشال مخططات التهجير والترحيل.
وأكد أن الفلسطيني بقراره الفردي والجمعي على حدٍ سواء يستطيع إسقاط هذه المخططات كما أسقطت من قبلها.
مخططات التهجير ومعادلة الشرق الأوسط الجديد
من جانبه أوضح الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق أن صمود قطاع غزة في حرب الإبادة الجماعية شكلت حماية للأمن القومي المصري، فيما تشكل الضفة الغربية الآن حماية للأمن القومي الأردني، فيما تقع مسؤولية على الأردن مسؤولية دعم المصالحة الفلسطينية وعقد انتخابات برلمانية رئاسية فلسطينية لمواجهة مخططات الترحيل.
وأكد القيق أن قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية كسرت معادلة الشرق الأوسط الجديد والذي يتم محاولة تطبيقها الآن في الضفة الغربية، من خلال التهجير، فيما تقع مصلحة الإقليم العربي بعدم تطبيق هذه المخططات.
وأشار القيق إلى أن مواجهة هذه المخططات يأتي من خلال تطبيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتجديد النظام السياسي الفلسطيني من خلال عقد انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والخروج برؤية سياسية موحدة تجابه هذه المخططات.
رفض واسع للتصريحات
ولاقت تصريحات ترامب رفضاً فلسطينياً وعربياً واسعاً، حيث عبرت مصر والأردن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، في بيانات وتصريحات يومي الأحد والاثنين، عن رفضها دعوة ترامب لتهجير فلسطينيين، ودعت إلى دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ورفضت الرئاسة الفلسطينية، في بيان يوم أمس الاثنين، دعوة ترامب، مؤكدة أن البديل هو "تحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
من جهتها قالت الأمم المتحدة، الاثنين، إنها تعارض دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة.
وقال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي: "سنكون ضد أي خطة تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، أو تؤدي إلى أي نوع من التطهير العرقي".
واستنكرت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، وأدانت بأشد العبارات التصريحات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والتي تكشف عن حجم المؤامرة التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني كجزء مستكمل لخطة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وقالت إن هذه التصريحات تستدعي وحدة الموقف الفلسطيني وسرعة العمل على إنجاز الوحدة وبناء استراتيجية وطنية والتواصل مع الأشقاء في الدول العربية والإسلامية ووضع خطة شاملة لمواجهة وإفشال هذه المخطط الخطير.
ودعت لجنة المتابعة إلى عقد اجتماع وطني عاجل للتوافق حول سبل إفشال مخطط التهجير الذي أسقطه شعبنا بصموده وثباته فوق أرضه رغم الإبادة والتدمير الهائل الذي مارسه جيش الاحتلال المجرم.
ووجهت لجنة المتابعة نداء عاجلا للأشقاء العرب، وفي مقدمتهم مصر ودول مجلس التعاون الخليجي والدول الإسلامية بضرورة البدء في مشاريع إعمار غزة كخطوة مهمة وضرورية على طريق إنهاء مخطط التهجي
وقال عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية، أحمد أبو السعود، إن تصريحات ترامب تأتي استكمالًا لمخططاته السابقة الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين وتنفيذ "صفقة القرن"، مما يؤكد انسجامه مع الحركة الصهيونية التي تسعى لدمج الأراضي الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية، وهذه التصريحات ليست مستغربة من الولايات المتحدة، التي تُعد الراعي الأساسي للمشروع الصهيوني.
وأضاف أن خطوات الردّ اللازمة هي من خلال استمرار المقاومة على الأرض، وصمود شعبنا الذي أثبت قوته في معركة "طوفان الأقصى". مشيرا إلى أنه على الموقف الفلسطيني اتخاذ خطوات عملية لمواجهة مخططات ترامب، من خلال الإسراع في حل قضية إدارة قطاع غزة، سواء عبر تشكيل حكومة توافق وطني، أو عبر تفعيل لجنة الإسناد المجتمعي المقترحة من الجانب المصري، وذلك باتخاذ خطوات جادة على المستوى الرسمي.
وأكد أن المرحلة الراهنة تتطلب تكثيف اللقاءات والاتصالات لبلورة موقف وطني موحد، حيث إن الخطر القادم لا يستهدف فصيلًا بعينه، بل يهدد جميع مكونات الشعب الفلسطيني
فيما قال الناطق باسم حركة حماس، جهاد طه، إن تصريحات ترامب مرفوضة، إذ كان الأولى بالإدارة الأمريكية أن تمارس الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي لضمان الالتزام بالاتفاق الذي تم توقيعه قبل أيام بخصوص قطاع غزة.
وأضاف: تجمهر الفلسطينيين قرب محور نتساريم في غزة استعدادًا للعودة إلى شمال القطاع، يُظهر تمسكهم بحقهم في أرضهم، ويؤكد أن كل المخططات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة إلى التهجير ستبوء بالفشل، كما فشلت سابقًا، حين طرحت مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء في بداية الحرب.
وأردف أن اتصالات قيادة حماس مستمرة لتثبيت الموقف الفلسطيني الرافض لهذه المشاريع، سواء مع الأشقاء في مصر أو الأردن أو غيرهم من الدول المعنية في المنطقة.
وأشار إلى أن "رسالتنا واضحة بأن الشعب الفلسطيني قادر على إعادة بناء ما دمّره الاحتلال في غزة، كما فعلنا بعد معارك 2009 و2012 و2014، وليس عبر وضع التهجير ضمن خيارات الحلّ". مؤكدا: خاطبنا الوسطاء بضرورة إلزام الاحتلال بالتزاماته وفتح محور نتساريم لتسهيل عودة أبناء شعبنا. المساعي مستمرة، ونأمل أن يتم معالجة هذه القضية في الساعات القادمة.
وقال عضو لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني، ينال فريحات، إن تصريحات ترامب مرفوضة وتمسّ الأمن القومي الأردني بالصميم، والملك عبد الله صرّح سابقا، بأن موضوع التهجير يعني إعلان حرب على الأردن.
وأضاف أن ترامب يريد إدارة المنطقة كما يدير عقاراته في أمريكا، ويعتقد أن الأمور تدار بصفقات بعيدًا عن الجغرافيا والتاريخ والواقع، وهذا الأمر يستوجب على الأردن الاستعداد لمناخ حرب، والمطلوب توحيد الصف الداخلي الأردني، واتخاذ موقف عربي موحد، لأن التهجير يمسّ الأمن القومي العربي، ويفترض دعم الأردن بمواجهة هذا التحدي.
وذكر، أن أوراق القوة لدى الأردن، هي إجراءات عملية بتغليظ التعامل مع كيان الاحتلال واستخدام ورقة اتفاقية وادي عربة والتلويح بإلغائها، ووقف أشكال التطبيع كافة مع الاحتلال.
وشددت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان صحفي، أن تصريحات ترامب "تتساوق مع أسوأ ما في أجندة اليمين الصهيوني المتطرف"، و"استمرار لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه".
وأضافت: التصريحات تندرج في إطار التشجيع على مواصلة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه.
ودعت كل الدول وخاصة الحكومتين المصرية والأردنية إلى "رفض خطة ترامب"، وأضافت: نؤكد أن شعبنا بصموده ومقاومته سيفشل هذا المخطط كما أفشل مخططات سابقة كثيرة. واعتبرت الجبهة الشعبية أن تصريحات ترامب "تكشف مجدداً الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية التي لم تكن يوماً سوى شريكاً أساسياً في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني"، وقالت: ما يروج له ترامب امتداد للمؤامرات على شعبنا منذ نكبة 1948.
وشددت على أن "ترامب الذي يتفاخر بسجله الأسود في دعم دولة الاحتلال لا فرق بينه وبين مجرم الحرب بايدن في التنافس على إرضاء اللوبي الصهيوني".
وأضافت: كما أسقط شعبنا عبر تاريخه كل محاولات الاقتلاع والتهجير فإنه اليوم وهو يواجه واحدة من أكثر الحروب وحشية في التاريخ الحديث لن يسمح بتمرير هذا المخطط. وتابعت أن "شعبنا في غزة الذي صمد رغم الحصار والمجازر والدمار، والذي أعاد بناء حياته فوق ركام بيته وأسقط مخطط الجنرالات شمال غزة سيواجه هذا المخطط، وسيثبت مرة أخرى أنه عصيّ على الاقتلاع أو الانكسار"، كما جاء في البيان.
وأدانت لجان المقاومة في فلسطين تصريحات ترامب، ووصفتها بأنها "عدوانية فاشية تتماهى مع مخططات المجرمين الصهاينة"، ودعت الحكومتين المصرية والأردنية إلى إعلان رفضها والتصدي لمخططات التهجير.
وأضافت: رسالتنا للمجرمين في الادارتين الصهيونية والأمريكية أن الفشل الصهيوأمريكي في تهجير شعبنا عبر آلاف الاطنان من القنابل والصواريخ لن يفلح أبدا بفرض اي قرارات إجرامية عليه.
وقالت حركة المجاهدين الفلسطينية إن هذه التصريحات "تعكس إصرار الإدارة الأمريكية الجديدة على المضي في العدوان على شعبنا"، وشددت على أن ما فشلت فيه الإدارة الأمريكية السابقة التي دعمت الإبادة الجماعية "لن تفلح فيه إدارة ترامب".
وتابعت في بيان صحفي صباح اليوم: نؤكد أن الشعب الفلسطيني دفع ضريبة باهظة في سبيل التمسك بأرضه وإفشال المخططات الصهيونية بالتهجير وصمد في وجه أبشع آلة قتل وابادة شنتها عليها حكومة نتنياهو النازية وإدارة بايدن المجرمة.
وأكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، على رفض تصريحات ترامب، وقال: ما فشل الاحتلال في تنفيذه من تطهير عرقي لقطاع غزة بالقصف الإجرامي والإبادة الجماعية لن ينفذ بالضغوط السياسية.
وأضاف: الشعب الفلسطيني متمسك ببقائه في وطنه ولن يُخدع بعد أن تعلم من نكبة عام 1948 أن الصمود على أرض وطنه هو شرط بقائه، ومؤامرة التطهير العرقي لن تمر لا في غزة ولا في الضفة الغربية.