فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: اندلع غضب إسرائيلي إثر مقتل 6 أسرى في غزة، بعد أن انتشل جيش الاحتلال جثثهم يوم الأحد، بعد ما يقرب من 11 شهرًا من أسرهم لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال جيش الاحتلال إن الأسرى قتلوا قبل وقت قصير من انتشال جثثهم، فخرج حوالي 300 ألف شخص إلى الشوارع مساء الأحد للاحتجاج على حكومة نتنياهو، التي يتهمونها بالفشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ودعت نقابة العمال الرئيسية في دولة الاحتلال "الهستدروت" إلى إضراب يوم أمس الاثنين، مما أدى إلى توقف الاقتصاد في البلاد لبضع ساعات قبل أن تأمر محكمة العمل المضربين بالعودة إلى وظائفهم.
ويمثل الإضراب العام –وهو أول دعوة على مستوى دولة الاحتلال لوقف العمل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول– أحدث تحدٍ لقبضة نتنياهو على السلطة الإسرائيلية.
وتبدو الأمور هذه المرة أكثر ضغطًا على نتنياهو، لدفعه لإنجاز صفقة تبادل خاصة مع ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مسؤول إسرائيلي، أن “ثلاثة من الأسرى المستعادة جثثهم من قطاع غزة، كانوا على القائمة التي وافقت عليها حماس في 2 يوليو/ تموز، وكان يمكن استعادتهم أحياء لو وافق نتنياهو على الصفقة حينها”.
الهستدروت يضرب
الهستدروت وهي منظمة عمالية عبرية، تأسست عام1920، كان لها دور كبير في دعم الحركة الصهيونية، وهدفت إلى تشكيل اتحاد للعمال والفلاحين دون التدخل في شؤون الآخرين، وتعمل المنظمة على دعم الاستيطان وبناء مجتمع عمال، ودعم الهجرة اليهودية وتوطين المهاجرين والسيطرة على فلسطين وإقامة اقتصاد مزدهر فيها، وتعمّقت قوة الهستدروت في الأوساط العمالية اليهودية، وغدت من أقوى الهيئات الداعمة للمشروع الصهيوني.
وتتألف الهستدروت من نقابات عمالية ومهنية متنوعة تمثل قطاعات واسعة من العمال والموظفين والفلاحين وغيرهم، وتتصارع الأحزاب على القيادة في هذه النقابات والاتحادات العمالية، وتوصف بأنها حكومة ثانية داخل دولة الاحتلال، فلها هيئاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وشكّلت الهستدروت قوة اقتصادية واجتماعية، وسيطر عليها حزب العمل حتى عام 1994، ثم حزب عمال أرض إسرائيل (مباي) المنشق عن حزب العمل، وحاولت في كثير من الأحيان أن تنأى عن القضايا السياسية.
وبعد اجتماعه مع عائلات الأسرى في 1 سبتمبر/ أيلول 2024، أعلن رئيس الهستدروت الإضراب، وقال إنه “لن يتسامح مع التخلي عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة”، مشيرًا إلى إضراب يوم أمس الاثنين حيث سيتوقف الاقتصاد الإسرائيلي، وسيتم إغلاق مطار بن غوريون وتوقف الإقلاع والهبوط، وإغلاق الموانئ البحرية.
مع إعلان رئيس الهستدروت عن إغلاق الاقتصاد، دفع عددًا غير قليل من الهيئات والمنظمات إلى الإعلان عن انضمامها إلى الإضراب، وسينضم منتدى الأعمال، الذي يضم 200 شركة من أكبر الشركات في دولة الاحتلال، إلى الإضراب.
كبح سريع للهستدروت
مع إعلان الهستدروت الإضراب، سارعت حكومة الاحتلال التماسًا ضد الإضراب بناءً على طلب وزير مالية الاحتلال والزعيم في تيار الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريش، وعلى إثره، قضت محكمة العمل الإسرائيلية بوقف الإضراب العام الذي بدأ صباح أمس الإثنين عند الساعة 2:30 بعد الظهر بالتوقيت المحلي، فيما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن النقابات الإسرائيلية أبلغت محكمة العمل أن الإضراب سينتهي في المساء.
وعدّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الإضراب دعم لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، بينما استنكرت الهستدروت هذا التحريض ضدها والذي وصفته بمحاولة للكذب على الجمهور.
لماذا هذا الخوف من الإضراب؟
يعني إضراب الهستدورت، شللًا كاملًا للاقتصاد في الاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما سينذر بكارثة مع وصول تكلفة الحرب لدى الاحتلال إلى أرقام كبيرة، بلغت ما يزيد عن 60 مليار دولار حتى الآن، وهذه التكلفة تشمل النفقات العسكرية والمدنية، التي تتضمن عمليات التجهيز العسكري والنفقات اللوجستية وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة داخل الاحتلال، كما أثّر “طوفان الأقصى” أيضًا على التصنيف الائتماني لـ”إسرائيل”، فقد خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال إلى “إيه 2″ مع نظرة مستقبلية سلبية.
وكانت قوة الهستدروت الواضحة خلال التعديلات القضائية، حين أعلن بالاشتراك مع رؤساء قطاع الأعمال إضرابًا فوريًا في كافة قطاعات الاقتصاد، مطالبًا بوقف الإصلاح القانوني وتعزيز الإصلاح بتوافق واسع، واستمر الإضراب يومًا واحدًا وانتهى بإعلان نتنياهو تأخير عمليات التعديلات القضائية.
وعودة إلى الوراء، ففي في عام 1951، اندلع إضراب للعاملين في القطاع البحري لدى الاحتلال، وعرف حينها بإضراب البحارة، أو "ثورة البحارة"، بسبب محاولات لجنة البحارة المنضوية تحت إطار الهستدروت، تحصيل حقوق لمنتسبيها، ولخلافات مع قيادة المنظمة بسبب علاقاتها مع شركة زيم الإسرائيلية للشحن البحري.
ونفذ الموظفون العموميون إضرابا استمر لمدة 43 يوما، تسبب في شل التجارة البحرية بالكامل، بقيادة نمرود إيشيل، وتمت مهاجمة المضربين بعنف، واتهامهم بالشيوعية، قبل أن ينتهي الإضراب، بالاتفاق على سن جملة من القوانين، مثل تنظيم حقوق الإضرابات، وتسوية النزاعات، وإصدار قوانين حول حقوق العمال، وساعات العمل وأوقات الراحة والإجازات وحماية الأجور.
وفي عام 1979، اندلعت العديد من الإضرابات المحدودة، للجان عمالية تحت مظلة الهستدروت، بسبب مراسيم اقتصادية فرضها وزير مالية الاحتلال ييغال هورفيتش، و لكن قيادة الهستدروت، قررت الدعوة إلى إضراب عام وشامل لكافة الأعضاء، رفضا لقرارات الوزير.
لكن التفاهمات السياسية بين قيادة الهستدروت الحكومة، حالت دون المضي في الإضراب العام، ما دفع 13 من رؤساء اللجان العمالية الكبيرة، مثل شركة الكهرباء والخطوط الجوية "العال"، وهيئة الموانئ وغيرها، إلى التحرك بمفردها، وتشكيل منتدى يعمل بصورة منفصلة مع لجان أقل قوة، تنضوي تحت رعايتها.
وفي عام 2011 دعمت الهستدروت احتجاجات ما عرفت بـ"العدالة الاجتماعية"، والتي طالبت بزيادات في الأجور والامتيازات للموظفين الحكوميين بسبب الأعباء المعيشية، والتي تضمنت إضرابات واحتجاجات واسعة وتوقفات عن العمل.
تلا ذلك في عام 2012، الدعوة إلى إضراب عام، لدعم الموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى من الأجور، والعمال غير المنظمين في قطاعات عمالية، وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص، ومنحهم مزايا تمنح للموظفين الحكوميين.
واستمر الإضراب مدة 4 أيام، وتم الإعلان عن تسوية حصل فيها المضربون على مكاسب مع التزام بوقف مؤقت للاحتجاجات لمدة ثلاثة أعوام.