شبكة قدس الإخبارية

بين عهد كيسنجر وبلينكن… كيف تتجند أمريكا لمنع انتصار العرب؟

WhatsApp Image 2024-08-22 at 3.21.12 PM
هيئة التحرير

خاص - شبكة قدس الإخبارية: "عملنا على منع أي نصر عربي في الحرب"، كان هذا ملخصاً قدمه وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر لسلوكه السياسي والدبلوماسي خلال حرب 1973 في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي عصف بها الهجوم المصري - السوري المباغت على جبهتي سيناء والجولان، ووضعها في أحد أعقد الاختبارات الاستراتيجية.
"أزور إسرائيل بصفتي يهودياً وسلنبي كل احتياجاتها العسكرية"، مع الزيارات الأولى التي أجراها للمنطقة بعد عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أكد وزير الخارجية الأمريكي في عهد إدارة جو بايدن، على الانتماء الكامل لمشروع دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين وأعدائها في المقاومة، وحافظ على هذا الالتزام طوال شهور حرب الإبادة الجماعية.

 

بين حربين كيف اختلفت أسماء وزراء خارجية الولايات المتحدة وتوحدت الأهداف؟
منذ الساعات الأولى للهجوم العربي على المناطق المحتلة في سيناء والجولان، وضع كيسنجر الذي يوصف في التاريخ بــ"الثعلب"، وأعلن في مذكراته أنه كــ"يهودي" ملتزم بأمن دولة الاحتلال الإسرائيلي وتوفير مقومات القوة لها في المنطقة، هدف منع العرب من تحقيق انتصار نصب عينيه وانطلق في حراكه الدبلوماسي والسياسي على هذا الأساس.

 

خطوات كيسنجر لمنع الانتصار العربي تعددت على عدة مستويات:
-إدارة المعركة السياسية مع وزير خارجية الاحتلال حينها أبا إيبان
-توفير الدعم العسكري وجسر من المساعدات الجوية لدولة الاحتلال خلال الحرب
-تعطيل جلسة مجلس الأمن في بداية الحرب حتى تحقيق جيش الاحتلال التقدم على الجبهة
-منع إصدار قرار وقف المعارك حتى تقدم الاحتلال على الجيوش العربية
-المماطلة في الاستجابة للشروط المصرية لوقف الحرب
-الالتفاف على المطالب العربية والسعي لتحقيق اتفاق يحقق المصالح الإسرائيلية

في مذكراته يروي كيسنجر كيف تواصلت معه رئيسة حكومة الاحتلال حينها، غولدا مائير، لطلب توفير دعم عسكري ترمم به الخسائر الفادحة التي لحقت بقواتها في الساعات الأولى من الهجوم المصري والسوري، وطلب تأجيل اجتماع مجلس الأمن للتصويت على قرار وقف إطلاق نار حتى استعادة "إسرائيل" زمام المبادرة والتفاوض من موقع قوة بعد التقدم إلى مواقع القوات العربية، ويقول عن هذه الاستراتيجية: "كل مماطلة على الصعيد الدبلوماسي لصالحنا".
ولم يكتف كيسنجر بالجهد الدبلوماسي بل تلقى يومياً معلومات عن الوضع العسكري على جبهات القتال، وكان يوجه قادة حكومة الاحتلال على رأسهم غولدا مائير نحو الخطوات الأسلم، وعارض طلبها السفر للولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي حينها نيكسون للطلب منه تزويد "إسرائيل" بالدبابات، لأنه خشي أن تبتعد عن ساحة المعركة طويلاً.
ووجه برقيات إلى قادة عرب مثل ملك الأردن الحسين، والملك السعودي فيصل بن عبد العزيز لحثهم على عدم التدخل لصالح القوات المصرية والسورية في القتال، وسعى من خلال وسائل دبلوماسية لتحييد الاتحاد السوفياتي الذي كانت أسلحته تقاتل مع الجيشين المصري والسوري في الميدان، عن القتال المباشر ودعم العرب.
وفي أوج الحرب أقرت الولايات المتحدة دعماً بملياري دولار لدولة الاحتلال، ورد الملك السعودي بوقف إمدادات النفط، وعمل كيسنجر أيضاً عن تحييد أطراف أخرى مثل فرنسا وبريطانيا عن المفاوضات لتبقى الهيمنة الأمريكية على إدارتها.
ويقول كيسنجر عن خلاصة حراكه الدبلوماسي تزامناً مع قطار المساعدات العسكرية لدولة الاحتلال: "كان علينا تأجيل أي عمل دبلوماسي إلى أن يحصل تغيير على الجبهة لصالح إسرائيل، إن أفضل وضع عسكري موات للحل الدبلوماسي الذي نفكر به بعد الحرب هو أن تستعيد إسرائيل ما فقدت من أراض وتتقدم أيضاً".

في الحرب الحالية على غزة، انطلق بلينكن من عدة منطلقات لتحقيق الانتصار الإسرائيلي وتدمير أي أمل لتحقيق مطالب فلسطينية:
-فتح جسر جوي من الدعم العسكري لدولة الاحتلال
-بث أخبار مكثفة عن خلافات أمريكية مع نتنياهو حول إدارة الحرب
-السعي لتحييد أطراف عربية وإسلامية وإقليمية عن دعم غزة
-منح نتنياهو الضوء الأخضر لإعلان مطالب تخرب المفاوضات
-إشاعة أخبار تخلق وهم حول التقدم في مفاوضات إطلاق النار
-محاولة الالتفاف على المطالب الفلسطينية
-منح دولة الاحتلال الوقت لتدمير قطاع غزة
-ربط المساعدات الإنسانية بالرضوخ للمطالب الإسرائيلية
-الإدارة المباشرة للعملية السياسية والعسكرية الإسرائيلية من أجل تحقيق أفضل النتائج لدولة الاحتلال


منذ الأيام الأولى بدأ بلينكن زيارات لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ودول المنطقة، وسعى إلى تحييد بقية الدول العربية والإسلامية والقوى في المنطقة عن دعم الفلسطينيين في غزة، وقدم في المقابل الضوء الأخضر لنتنياهو للاستمرار في حرب الإبادة الجماعية، وأطلقت الإدارة الأمريكية جهوداً مكثفة في المؤسسات الدولية لمنع إدانة "إسرائيل" بسبب المجازر التي ارتكبتها.
وآخر ما كشفت عنه وسائل الإعلام من هذه الأدوار، ما نشرته صحيفة "هآرتس" يوم أمس حول الضوء الأخضر الذي منحه بلينكن لرئيس حكومة الاحتلال لإعلان مواقف متشددة تخرب المفاوضات، بعد أيام من الوهم الذي حاولت الولايات المتحدة إشاعته حول اقتراب التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، بهدف تعطيل أي رد إيراني ومن حزب الله على اغتيال القائدين إسماعيل هنية وفؤاد شكر.
وفي إطار عمليات الخداع، أوهمت الولايات المتحدة أنها ستتوقف عن الدعم العسكري لدولة الاحتلال إذا اقتحمت رفح، وهو ما لم يحصل بعد اجتياح المدينة وتدميرها، وأشاعت أنها على خلاف مع نتنياهو ورغم ذلك قدمت له الدعم الكامل في الاستمرار بالمجازر، وأكدت أنها تريد تحقيق أفضل النتائج لصالح "إسرائيل".
وشاركت في حرب التجويع على المدنيين الفلسطينيين من خلال ربط المساعدات بالرضوخ للمطالب الإسرائيلية في وقف إطلاق النار، ثم فرغت الاحتجاج العالمي على المجاعة التي سببها الحصار الإسرائيلي، من خلال مشروع وهمي اسمه "الميناء المؤقت" على بحر غزة، الذي لم يحقق أي شيء سوى عدد مرات فكه وتركيبه قبل أن ينتهي نهائياً.
وفي جولة المفاوضات الأخيرة التي رفضت المقاومة الفلسطينية حضورها تراجعت الولايات المتحدة عن مبادرة سابقة طرحتها هي وتبنت بالكامل مطالب نتنياهو.

#الاحتلال #الخارجية الأمريكية #بلينكين #هنري كيسنجر