شبكة قدس الإخبارية

أحفاد نيلسون مانديلا.. امتدادٌ لما أرساه الآباء المؤسسون بنَيْل الحرية والاستقلال

319_600210
مؤمن شديد

 

"نحن نعلم جيدا أن حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين" صدى هذه الكلمات التي قالها نيلسون مانديلا يتردد على مسامعنا بهذه الأيام؛ بعد أن هبَّت جنوب أفريقيا للدفاع عن الفلسطينيين والانتصار إليهم.

 جنوب أفريقيا عاشت واحدة من أطول وأسوأ تجربة نظام فصل عنصري التي استمرَّت 46 عامًا، بدأت عام 1948 وانتهت عام 1994؛ وذلك بعد حملة طويلة من مقاومة حركة الحقوق المدنية. وهي بهذا المعنى تدرك تمامًا ماذا يعني أن يرزح الفلسطينيون في غزة تحت نظام فصل عنصري هو الأشد بالتاريخ الحديث.

"لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد" هذه الكلمات قالها الذي لا ينطق عن الهوى، النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كانت كلماته هذه بمثابة الإذن لثلّة من مستضعفي المسلمين، بالهجرة إلى أرض الحبشة؛ حتى يأمنوا على أنفسهم ودينهم من بطش الملأ في مكة. وهو الذي وكَّله الرسول أيضًا بأن يعقِد له على أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان التي كانت لا تزال مقيمةً في الحبشة.

التاريخ يعيدُ نفسه!، بأن العدالة قد لا تُطلب من عربيّ، وأن الحقوق لها من يصونها حتى ولو كان من غير ذي ملّة، لكن اليوم جنوب إفريقيا هي مَن أعادت ذلك، فقد تابعنا بعين ثاقبة إجراءات رفع الدعوى القضائية على دولة الاحتلال بتهمة "الإبادة الجماعية" التي تمارسها على الفلسطينيين في قطاع غزة بمحكمة العدل الدولية في مقرها بلاهاي.

اللافت هنا، بأن عدد الدول المنضوية تحت مسمى "منظمة التعاون الإسلامي" هو 57 دولة، جميع هذه الدول غضَّت الطرف عن آلام الفلسطينيين في غزة، بينما استجابت جنوب إفريقيا لنداءات الإنسانية التي أطلقها الغزّيون، بأننا: شعبٌ يُباد! 

معظم الدول العربية كانت وما زالت أنظمتها الرعناء تتهاوى تباعًا بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال، والإسراع بالهرولة نحو التطبيع مع دولة قامت على جماجم الفلسطينيين في دير ياسين، وصبرا وشاتيلا، والحرم الإبراهيمي كما في جميع أرجاء فلسطين التاريخية. 

 السلطة الفلسطينية التي اتخذت على عاتقها "السَّلام" مع الاحتلال فشلت فشلًا ذريعًا برفع دعوى قضائية على دولة الاحتلال بمحكمة العدل الدولية، السلطة ذاتها هي التي اتخذت "المقاومة السليمة" نهجًا وسياسةً لها من بعد اتفاقية أوسلو حتى يومنا هذا، والتي بالضرورة ألقت السلاح جانبًا، لم تفلح بالخطوات القضائية الدولية التي سعت جنوب إفريقيا إليها.

 بلا مواربة، جنوب إفريقيا قدَّمت نموذجًا ناصعًا من الحرية، وسطَّرت فصلًا من فصول الكرامة والإباء بأن أوقفت الاحتلال وجعلته ماثلًا لأول مرة بالتاريخ أمام محكمة العدل الدولية، في وقتٍ استمرأ فيه كثيرون على غض الطرف وصمِّ الآذان، وعدم الاكتراث بأعدل قضية في العالم، وهي فلسطين!

جنوب إفريقيا عنقاء هذا الزمان الذي انبعث من الرماد من جديد، ويعلي صوته بوجه العالم، بأن الفلسطينيين لهم حقوقهم المشروعة، وأنهم دعاة حرية واستقلال وليسوا دعاة قتل وإرهاب.