فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: دخل سلاح الطيران المسيَر في حزمة أدوات المقاومة التي استخدمتها في عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت بعد هجوم كاسح على المستوطنات والمواقع العسكرية، في "غلاف غزة"، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يشارك فيها ذراع الجو التابع للمقاومة خاصة كتائب القسام وسرايا، في القتال مع جيش الاحتلال، وشهدت حروب سابقة استخداماً للمسيرات.
اليوم، أعلنت كتائب القسام عن استهداف قاعدة سلاح الجو في "حتسريم" جنوب فلسطين المحتلة، وقيادة "فرقة سيناء"، بطائرتين مسيرتين انتحاريتين من طراز "زواري".
وبعد ساعات، أعلن الاحتلال عن وصول طائرة مسيَرة من البحر نحو خليج حيفا المحتلة، وزعم إسقاطها.
لا تعلن المقاومة كثيراً من تفاصيل مشاريعها "الاستراتيجية" التي تتعلق بتطوير أدوات نوعية، في المواجهة مع الاحتلال، لكن تذكر مصادر تاريخية إلى أن محاولات بناء سلاح جو يضم مسيَرات تتناسب مع نمط الحرب التي تخوضها فصائل المقاومة، التي وصلت إلى بناء تنظيمي يشبه الجيوش تقريباً ولكنه يعمل بمنطق حرب العصابات، بدأ مبكراً مع قادة مثل الشهيد نضال فرحات الذي يعتبر من أوائل من أطلقوا مشروع تطوير الصواريخ.
في وثائقي نشرته كتائب القسام، العام الماضي، كشفت كتائب القسام عن دور المهندس سامي رضوان الذي استشهد خلال معركة "سيف القدس"، في تطوير مشروع صناعة الطائرات المسيَرة، خلال فترة تواجده في سوريا، قبل أن يعود إلى قطاع غزة.
الدور المركزي في مشروع تطوير كان للمهندس التونسي محمد الزواري الذي التحق بالتنظيم العسكري لكتائب القسام، في الخارج، بالتعاون مع ضابط سابق في الجيش العراقي الحاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة بغداد في مشروع المسيَرات.
في حرب 2014 كشفت كتائب القسام عن طائرات مسيَرة أطلقتها نحو الأراضي المحتلة عام 1948، وحلقت فوق مقر وزارة جيش الاحتلال في "تل أبيب"، والتقطت صوراً لها.
مشروع تطوير الطائرات المسيَرة لم يتوقف مع اغتيال الاحتلال للمهندس محمد الزواري، في تونس، وأكدت الوقائع لاحقاً على أنه تخطى إلى مشاريع دائمة للتطوير والعمل على انتاج أنواع جديدة تقوم بمهمات مختلفة في الهجوم والضرب والتصوير والتجسس.
بعد حرب 2021 كشف القسام عن عدد من المهندسين الذين استشهدوا وهم على رأس مهمات تطوير "المشروعات الاستراتيجية"، كما يصفها، بينها جمعة الطحلة، وظافر الشوا، وحازم الخطيب، وجمال الزبدة ونجله أسامة، الذين تنوعت أدوارهم بين الصواريخ والطائرات المسيرة و"السايبر".
انتجت كتائب القسام أنواعاً مختلفة من الطائرات المسيرة بين "أبابيل 1″، التي صدر منها ثلاثة نماذج هي: "طائرة A1A وهي ذات مهام استطلاعية، وطائرة A1B وهي ذات مهام هجومية (إلقاء قنابل)، وطائرة A1C وهي ذات مهام هجومية (انتحارية).
كما أعلنت عن مسيرات من طراز زواري وأخرى "شهاب" وغيرها.
في معركة "طوفان الأقصى" وفي المواجهات السابقة مع جيش الاحتلال استخدمت سرايا القدس الطائرات المسيرة في مهمات جمع المعلومات وضرب قوات الاحتلال والمستوطنات.
في 2022 كشفت السرايا عن مسيرة أطلقت عليها اسم "جنين" استخدمتها سابقاً في ضرب آليات الاحتلال على حدود قطاع غزة بالقنابل.
وفي عرض عسكري نظمته في ذكرى انطلاقتها، خلال الشهر الحالي، أعلنت السرايا عن ثلاثة أنواع جديدة من المسيَرات هي "سحاب" الاستطلاعية والهجومية، و"صياد" الهجومية، و"هدهد" الاستطلاعية.
تشير المصادر التاريخية إلى أن الشهيد عوض القيق، من رفح، الذي امتلك قدرات علمية فذة كان من واضعي أسس مشروع "الطائرات المسيرة" في السرايا.
تقول السرايا إن الشهيد القيق عمل منذ 2007 على بناء نموذج لطائرة شراعية ثم اشتغل على تطوير طائرات مسيَرة خاصة بالمقاومة قبل أن تغتاله قوات الاحتلال عام 2008.
"الغموض" الذي يلف مشاريع المقاومة الاستراتيجية على مستوى الأدوات العسكرية، في غزة، ينسحب أيضاً على حزب الله في لبنان.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2012 أعلن الحزب عن إطلاق "طائرة أيوب" نحو فلسطين المحتلة وعودتها إلى لبنان بعد جمع معلومات.
الحزب قال إن المسيَرة حملت اسم الشهيد حسين أيوب، الذي ارتقى خلال قيادته لــ"سلاح الجو في المقاومة الإسلامية"، عام 1996.
بعد سنوات أعلن الحزب عن اغتيال أحد العقول الصناعية العسكرية والتقنية فيه، وهو حسان اللقيس بعد إطلاق النار عليه أمام منزله، في بيروت.
مصادر إعلامية إسرائيلية وغربية اعتبرت أن اللقيس أحد المسؤولين عن تطوير الأدوات التقنية في الحزب وبينها الطائرات المسيَرة.
في المقطع المصور الذي نشره حزب الله بعد استشهاد اللقيس عرض بعض اللقطات لنشاطه في الميدان وأشار إلى دوره في تطوير الصناعات العسكرية.
في شباط/ فبراير 2022 أعلن الحزب عن إطلاق مسيَرة "حسان"، نسبة للشهيد اللقيس، نحو الأرض المحتلة ثم عودتها بعد جمع معلومات، وقال الأمين العام حسن نصر الله إن حزبه بدأ بانتاج الطائرات المسيَرة منذ سنوات.
تقول المصادر إن الحزب يملك أنواعاً مختلفة من الطائرات المسيَرة التي ستدخل في أية حرب شاملة مع دولة الاحتلال بالتوازي مع أسلحة أخرى بينها قوات النخبة والصواريخ الدقيقة.
تحمل شعوبنا العربية ذاكرة شديدة المأساة مع سلاح الجو الغربي والإسرائيلي الذي قتل مئات الأطفال والمدنيين بعد أن دمر بيوتهم فوقهم، وفي داخل كل عربي حلم بسلاح يحمي أطفاله وحياته من هذا الوحش الذي يلقي الموت من السماء، أو بأسلحة لو بإمكانيات متواضعة تلقي الموت على الطرف المعتدي.