شبكة قدس الإخبارية

محرقة حوارة تدق ناقوس الخطر

05852.JPG
محمود مرداوي

لا يختلف مشهد بلدة حوارة جنوب نابلس الذي قامت به عصابات المستوطنين الليلة الماضية، عن مشهد النكبة في العام 1948 الذي نفذته العصابات الصهيونية من قتل وترويع الأهالي ودفعهم نحو الهجرة واللجوء.

وما لم يجري تدارك الأمر فلسطينياً بصورة سريعة، عبر تنظيم الصفوف وجعل مواجهة المشروع الاستيطاني أولوية سياسية ومجتمعية، فإننا سنستيقظ على واقع القرى والبلدات المحترقة على يد عصابات المستوطنين بوتيرة متسارعة، فلا تنقصها الإمكانات لتنفيذ ما تريد وفي الوقت الذي تريد، ولكن ما يمنعها أو يؤخر مشاريعها في غالب الأحيان هو حضور المقاومة وقوتها في الميدان وهو ما أثبتته انتفاضة الأقصى التي جعلت المستوطنات مدن أشباح، وبعض الحسابات السياسية الداخلية أو الدولية التي يتضاءل تأثيرها بتغير الظروف، مع توجهات المجتمع الصهيوني اليمنية.

نحتاج كفلسطينيين لتنظيم صفوفنا بصورة أكبر في مواجهة الصهيونية الدينية التي أصبحت تسيطر على مستوطنات الضفة، ويستدعي ذلك العمل الجماعي في الضفة وفق منظومة اجتماعية، فهناك عدد من النماذج الناجحة التي أدت دورا مهما في مواجهة الاستيطان نتيجة التكاتف المجتمعي مثل نموذج بلدة بيتا، وكفر قدوم، وقصرة، ورأس كركر، وغيرها من المواقع المتقدمة المشتبكة مع المشروع الاستيطاني.

توسيع عملية الإسناد الاجتماعي لقرى المواجهة وتوسيع حالة التضامن الشعبي معها، وهو يتطلب برنامج عمل ميداني تلتقي من أجله المؤسسات المحلية والتنظيمات السياسية، وهنا يجب تقديم أولوية التحرير وحماية الأرض على بقية الأولويات، فاليوم الصهيونية فرضت تحدي وجودي علينا، وهي تحاول جعلنا مجاميع سكانية دون هوية سياسية، وهو ما يؤسس لـ "ترانسفير".

زيادة وتيرة المقاومة التي ستجعل المستوطنين يفكرون ألف مرة في تنفيذ اعتداءاتهم، وهنا لا بد من عودة لبدايات انتفاضة الأقصى عندما حاول المستوطنون فرض معادلة ردع مع الشعب الفلسطيني عبر تنفيذ بعض الاعتداءات، لكن المقاومة بنت خطة معاكسة في استهداف الطرق الالتفافية في الضفة الغربية، وهو ما جعل المستوطنين لا يتحركون الا عبر سيارات مصفحة وعبر القوافل، ولا يوجد حرية حركة لهم على الأرض.

مرحلة جديدة

ينم المشهد الاستيطاني والأهداف التي يحققها عن عقلية صهيونية منظمة تدير المشهد في الضفة الغربية، وهي تسير بخطى ثابته نحو الوصول لهدف مليون مستوطن، وجعل المشروع الاستيطاني بديل سكاني للوجود الفلسطيني.

بدأت مليشيات المستوطنين في الضفة الغربية عملا منظما منذ العام 2008 فيما يعرف بجماعات تدفيع الثمن، والتي ظهرت مع إخلاء بيت عائلة الرجبي في الخليل، حيث انتشر المستوطنين على جميع طرقات الضفة وقاموا بمهاجمة سيارات الفلسطينيين وممتلكاتهم، من أجل وقف إخلاء البيت.

عملت مجموعات تدفيع الثمن على الإضرار بالممتلكات وخط شعارات على منازل الفلسطينيين، وتهديدهم بالرحيل. في ذات الوقت ظهرت مجموعات شبيبة التلال، وهي منظمة شبابية صهيونية تعنى بالسيطرة على كامل رؤوس الجبال في الضفة عبر إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية. استطاع التشكيل بناء أكثر من 60 مستوطنة عشوائية، طالب بن غفير بشرعنة 40 منها خلال الاتفاق الحكومي فيها.

العامين 2014 و2015، شكلت منعطفا مهما في عمل التنظيمات الإرهابية الصهيونية حيث قامت بحرق عشرات المساجد في الضفة الغربية وحرق الطفل أبو خضير وعائلة دوابشة، وقد أدت حادثة عائلة دوابشة لحالة غضب في الشارع الفلسطيني، تُرجمت بانطلاق هبة القدس وتنفيذ خلية قسامية لعملية إيتمار وقتل ضابط استخبارات وزوجته.

كشفت التحقيقات أن منفذي حرق عائلة دوابشة ينتمون لمنظمة رغافيم التي يرأسها وزير المالية الصهيوني الحالي "سموتيرش" كما أن المنظمة هي عبارة عن تنظيم مسلح مسؤول عن عدد كبير من الاعتداءات على ممتلكات الفلسطينيين.

كما عملت الجماعات الاستيطانية بصورة منظمة للالتفاف على الإجراءات القانونية من أجل شرعنة البؤر الاستيطانية والتي تحتاج لمخططات هيكلية مقرة من الحكومة والإدارة المدنية نحو فكرة الاستيطان الزراعي، واليوم جميع البؤر الاستيطانية ترعها منظمة أمونا للاستيطان الزراعي، بينما تسعى الصهيونية الدينية نحو شرعنتها جميعا وفق مخططات هيكلية.

إن العمل المنظم الذي ينفذه المشروع الاستيطاني والذي يهدف لطرد الفلسطينيين من أراضيهم تحت وقع التهديد بالقتل والحرق، يحتاج لعمل منظم ومبادر لوقف "المحرقة" المقبلة التي يخطط لها اليمين الصهيوني في الضفة الغربية، خاصة أن الكوابح تتراجع أمام اليمين القومي الديني في تنفيذ مخططه لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، فاليوم أحزاب المستوطنين جزء من الحكم، وكذلك تمتلك مليشيات مسلحة سرية، ويصل عدد سكان المستوطنات في الضفة لوحدها أكثر من 500 ألف مستوطن، بينما يصل مجتمعا مع مستوطنات القدس لـ 800 ألف مستوطن. وتسعى ليصل لمليون مستوطن.

#محرقة_حوارة