الضفة المحتلة - خاص شبكة قدس: مع انتشار مجموعات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وتحديدًا مناطق الشمال منها، ارتفعت وتيرة العمل المقاوم للمرة الأولى منذ عام 2007، بعد أن كان العمل يتم بشكلٍ فردي أو على شكل مجموعات هرمية التشكيل.
وشكل وجود مجموعات مثل كتيبة جنين أو عرين الأسود في نابلس وكتيبة بلاطة وغيرها من المجموعات الأخرى حضورًا بارزًا في الأوساط الفلسطينية لا سيما بعد معركتي سيف القدس عام 2021 ووحدة الساحات عام 2022 التي خاضتها المقاومة.
لكن مع ما تشهده مدن الضفة المحتلة في الفترة الأخيرة يدور سؤال عن أفق العمل المقاوم بالنسبة لهذه المجموعات خلال الفترة المقبلة وكيفية تخطي العقبات في ظل تزايد الضغط الإسرائيلي على المقاومين مؤخرًا بالاغتيال أو بالاعتقال حتى.
يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي، إن المجموعات المقاومة الصغيرة سواء كانت تابعة لأنظمة كبيرة أو غير كبيرة فهي بالضرورة تخوض مواجهة أمنية قاسية وصعبة خلال الفترة الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدفها بوتيرة متسارعة.
وبحسب حديث عرابي لـ "شبكة قدس" فإن هذه المواجهة قد تفضي بعد فترة من الزمن إلى تفكيك هذه المجموعات من خلال الاعتقال والاستشهاد وهي من حيث الأصل في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي لا سيما فيما يخص البعد الأمني.
لكن وفقاً لحديث الباحث والكاتب عرابي فإن المجموعات القائمة اليوم لا سيما المعروفة منها لها اتصال وارتباط بالتنظيمات التقليدية لكن هناك مجموعات قائمة بنفسها مثلها مثل أي مجموعة في تاريخ الكفاح الفلسطيني المقاوم وكي تتمكن من تجاوز ذلك لا بد من تطوير أدوات عملها.
ويعتقد أن ذلك يحتاج للتحول بشكل أرقى من التنظيم بحيث لا تقتصر على مجموعات قليلة في مكان واحد وأن تصبح مجموعات متناثرة ومتعددة في عدة مناطق بحيث تستنزف الجهد الأمني الإسرائيلي، إضافة إلى أن تتوسع أفقيًا، إلى جانب تطوير أدوات عملها الأمني ووقف الانكشاف على صعيد أعضاء المجموعات.
ويشدد على ضرورة نقل هذه المجموعات إلى جغرافيات أخرى داخل الضفة الغربية وتعزيز عملها الأمني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والعمل بشكل أمني محترف يساهم في الحفاظ على المقاومين ويسهم في تعزيز المواجهة مع الاحتلال.
في الوقت ذاته، يرى المختص والكاتب في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أن واقع المعادلة بالنسبة للمقاومة الفلسطينية مختلف تمامًا من ناحية القدرة على التأقلم مع إجراءات الاحتلال المبذولة لاحتواء المقاومة والعودة بشكل أكبر وأكثر تأثيرًا.
وبحسب حديث أبو عواد لـ "شبكة قدس" فإن واقع المقاومة حاليًا مقارنة مع الحالة التي كانت قائمة قبل سبع سنوات مختلف حيث كان حينها عدد العمليات كبيرا لكن التأثير قليل، في الوقت الذي أصبح عدد العمليات حاليًا قليلا لكن التأثير كبير.
ويشدد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أن حالة المقاومة تمتاز بالقدرة على التكيف مع إجراءات الاحتلال سريعًا، خصوصًا وأن هناك حالة مقاومة فكرية قادرة على إنتاج الكثير من المقاومين الفلسطينيين كما حصل خلال العام الأخير.
وبحسب أبو عواد فإن عام 2022 شهد ارتقاء شخصيات مقاومة مثل النابلسي والحوح وغيرهم لكن الحالة الفكرية للمقاومة استطاعت إيجاد بدائل بشكل مباشر واليوم، فأصبحنا لا نتحدث عن مجموعة صغيرة تحمل السلاح بقدر وجود حالة فكرية مقاومة تغطي الضفة من شمالها حتى جنوبها قادرة على إنتاج مجموعات ومقاومين بشكل مستمر.
لكن وفقاً للمختص في الشأن الإسرائيلي فإن غياب البعد التنظيمي المباشر سهل على الشباب القدرة على الانخراط في العمل المقاوم كون تتبعهم أصبح أقل ولم يعطي القدرة للاحتلال في تتبعهم بشكل أسهل وأسرع كما لو كان في سياق تنظيمي رغم أن الكثير منهم محسوبون على تنظيمات مثل حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح.
أما فيما يخص تطوير العمل الأمني للمقاومين، يرى أبو عواد أن هناك تغييرا واضحا في السلوك المقاوم بالضفة مقارنة مع السابق من خلال بعض المشاهد الدخيلة على حالة المقاومة كالتصوير الدائم والاستعراض وإن كان القصد منها تحدي الاحتلال، الذي يقوم بمحاولة استغلال ذلك لتنفيذ عمليات اغتيال.