غزة - خاص قُدس الإخبارية: في السنتين الأخيرتين، اشتهر لدى الفلسطينيين ساعات معينة، ارتبطت بالمقاومة الفلسطينية، من بينها تاسعة البهاء، سادسة الضيف، ومؤخرا ما هو مرتبط بـ"عرين الأسود". تعني هذه الساعات للفلسطينيين الشيء الكثير، فهي إشارة واضحة على قدرتهم في ترتيب أجندة المستوطنين وحكومة الاحتلال بتوقيت فلسطيني مقاوم، لكن يبدو أن مخابرات الاحتلال بدأت تستغل هذه "الساعات" في السياق الزمني لما يحقق أهدافها.
يوم الخميس الماضي، اغتالت قوات خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، القيادي في سرايا القدس - كتيبة جنين فاروق سلامة، وتفاعل الفلسطينيون مع هذا الحدث على نطاق واسع. بالنسبة لهم رحل فاروق المقاتل الشرس، وأيضا الإنسان الذي كان يستعد لحفل زفافه، لكن أمرا ما كان يُدبر في الكواليس يتعلق باستهداف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة هذه المرة. صواريخ مجهولة المصدر تطلق من القطاع وتسقط في حدوده دون أن تجتاز السلك الفاصل.
تفيد المعلومات المتوفرة والمتواترة أن الصواريخ لم تكن محشوة بالمتفجرات، ورؤوسها فارغة، أي أنها حتى لو سقطت في مستوطنات الاحتلال لم تكن ستؤدي لأي أضرار، وهذا ما يضع علامة استفهام عليها وعلى مطليقها، وكأنها خطوة مدروسة جدا. إن سقطت الصواريخ في حدود القطاع لن تؤثر على المستوطنين والمستوطنات، وإن سقطت في المستوطنات أيضا لن يكون لها تأثير، والسؤال الذي يحتاج لإجابة في ظل هذه المعطيات: ما الهدف إذن من إطلاقها؟.
توضح المصادر أن الأجهزة الأمنية في قطاع غزة حددت هوية عدد من الأشخاص لم تعترف بعضويتهم الفصائل الفلسطينية المنضوية في إطار الغرفة المشتركة وتبرأت منهم، بينما سارع المحللون والمراسلون العسكريون الإسرائيليون إلى الإشارة لحركة الجهاد على أنها الطرف الذي يقف وراء الإطلاق، الذي تزامن مع الساعة التاسعة وهي التي ارتبطت بـ"تاسعة البهاء"، وهو ما يؤكد بشكل واضح أنه جرى استغلال هذا التوقيت لإطلاق الصواريخ وبالتالي الاعتقاد ضمنا أن الجهاد هي من أطلقت الصواريخ، وهو ما نفته مصادر في الحركة لـ شبكة قدس.
الرد الإسرائيلي وطبيعته، قد يساعد على فهم حقيقة ما جرى، في ظل تبرؤ كل الفصائل الفلسطينية من عملية الإطلاق، وكذلك هوية المعتقلين، فقد استهدفت طائرات الاحتلال موقع الكتيبة 13 التابعة لكتائب القسام، على مدخل مخيم المغازي، بعدد من القنابل، التي أحدثت دمارا كبيرا في المكان، فيما أشار بيان جيش الاحتلال أنه استهدف مصنعا لإنتاج المواد القتالية يتبع لحركة حماس، محملا الحركة مسؤولية ما جرى.
ربط كل هذه المعطيات والتقاطعات ببعضها يؤكد أن سرا يقف وراء هذا الإطلاق، قد تتكشف حقيقته في إطار التحقيقات الجارية في الحدث ومع المطلقين، لكن التراشق على وسائل التواصل الاجتماعي بعد عملية الإطلاق، يوضح أن الصواريخ الفارغة هذه حققت أهدافها أبعد ما كانت تتصور، فقد خلقت اشتباكا داخليا بالرأي بين نشطاء التواصل الاجتماعي، حتى قبل معرفتهم بحقيقة ما جرى، وهو يشدد على الحاجة في ضبط ليس فقط العمل الميداني وإنما أيضا الخطاب غير الرسمي أو الشعبوي.