شبكة قدس الإخبارية

ما مدى ارتباط حل ديوان الفتوى والتشريع باتفاق أوسلو؟  

thumb (1)
نداء بسومي

رام الله المحتلة- خاص شبكة قُدس: مجددًا، حمل عام 2022 عددًا من القرارات بقانون التي أثارت جدلًا في الأوساط القانونية والشعبية، حول مدى قانونيتها، وأبعادها السياسية، وترسيخها لنظام سلطويٍ جديد بعيدًا عن المجلس التشريعي المجمّد منذ سنواتٍ بسبب الانقسام الفلسطيني، وتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى أجل غير مسمى. 

آخر هذه القراراتِ بقانون، كان قرار بقانون الجريدة الرسمية، الذي يُعنى بحل ديوان الفتوى والتشريع، واستبدال اسمه بديوان الجريدة الرسمية، والذي أثار مرةً أخرى جدلًا حول تداعياته القانونية والسياسية، وانعكاسه على الواقع الداخلي الفلسطيني المنقسم على ذاته، وتبادر السؤال حول معنى حلّ الديوان وما هي التداعيات المترتبة من القرار بقانون.

ويوضح مسؤول الشؤون السياساتية والقانونية في مركز مساواة، إبراهيم برغوثي، لـ "شبكة قدس"، الحالة المؤسساتية لديوان الفتوى والتشريع – قبل أن يحله القرار بقانون- حيث أن الديوان أحد مؤسسات السلطة التنفيذية، وخضع منذ تأسيسه إلى تنازعٍ في التبعية بين وزارة العدل ورئاسة الوزراء وديوان الرئاسة، وتغيّر في اختصاصه، وكان تارة يأخذ اختصاصات تشبه نظيره في الأردن، بمعنى أنه يقوم بمراجعة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة للمجلس التشريعي قبل تقديمها، وتارة يقتصر عمله على إصدار الجريدة الرسمية، وتنازع من حيث السند التشريعي الناظم لهيكلته واختصاصاته، فكانت تصدر بشأنه قرارات من الرئيس أحيانًا، وفي أحيانٍ أخرى من مجلس الوزراء.

الجديد في هذا القرار بقانون، بحسب البرغوثي، أنه حسم الجدل بشأن التبعية، وأتبع الديوان كمؤسسة من مؤسسات السلطة التنفيذية إلى الرئيس، وبالتالي سحب أي علاقة تبعية لهذا الديوان بالحكومة أو وزارة العدل، وذلك عندما نص صراحةً على أن رئيس الديوان يعيّن بقرار من الرئيس دون الإشارة لضرورة وجود تنسيب من أية جهة كانت. 

وحول اختصاص الديوان، يوضح البرغوثي: "قيّد القرار بقانون من الصلاحيات الممنوحة للديوان بشأن مراجعة التشريعات على نحوٍ يحول دون التدخل في غايتها ومضمونها، بمعنى جعل من المراجعةِ أشبه بالمراجعة اللغوية مثل علامات الترقيم، وهذا انتقاص من صلاحيات الديوان المتعلقة بمراجعة مشاريع القوانين الأصلية، لأن مراجعة التشريعات تعني أن للديوان صلاحية عدم تقديم مشروع التشريع لمخالفته للقانون الأساسي، أي أن لديه صلاحية أوسع من الصلاحية التي قيدت بموجب هذا القرار بقانون". 

وفي سياقِ ذلك، ألغى القرار بقانون قانون رقم 4 لعام 1995، وهو القانون الناظم لصلاحيات ديوان الفتوى والتشريع في مراجعة مشاريع التشريعات، ويرى البرغوثي أن ورود قانون رقم 4 في ديباجة القرار بقانون وإلغائه في مادته قبل الأخيرة مدفوع ببواعثَ سياسية لا تتصل بصلاحيات ديوان الفتوى والتشريع، والهدف منها هو تكريس تغييب المجلس التشريعي، وليس إناطة مهام وصلاحيات التشريع بالديوان، وهو تذكير للقارئ أن المجلس التشريعي لم يعد قائمًا، وإضافةٌ لا ضرورة لها من الناحية القانونية، عدا عن الآثار المترتبة على إلغاء القانون رقم 4 عند عودة المجلس التشريعي للحياة عن طريق الانتخابات العامة".

عودة مجلس السلطة 

بدوره، يشير أمين سر نقابة المحامين داوود درعاوي، إلى أن القضية المفصلية في هذا القرار بقانون تتعلق في القانون رقم 4 لسنة 1995 بشأن إعداد التشريعات، وهو الذي صدر في 17 إبريل 1995 قبل أول انتخابات فلسطينية، وأن كلمة السر تكمن في العودة إلى اتفاقية أوسلو والصيغة التي تم التوقيع عليها مع الاحتلال، التي كانت تتحدث عن "مجلس السلطة" الذي له صلاحية التشريع. 

ويرى درعاوي أن القرار بقانون يعيد الأمور إلى "المربع الأول"، موضحًا: "أي التمسك بمصادر تشريع ارتبطت بتوقيع اتفاقية أوسلو عند توقيعها، متناسيًا أن الفلسطينيين تعاملوا مع الانتخابات العامة عام 1996 على أنها إنجاز فلسطيني، وتعديل ضمني على اتفاقية أوسلو، بحيث لا يكون هناك مجلس للسلطة، بل مجلس تشريعي".

ويشدد درعاوي في حديثه لـ "شبكة قدس"، على أنه لا يمكن قراءة هذا القرار بقانون في إطار التشريع أو ببعديه الإداري والتنظيمي فقط، بل لا يمكن أن يقرأ إلا بأبعاده السياسية، ارتباطًا باتفاقية أوسلو، وارتباطًا بما يسمى بمجلس السلطة، لأن مجلس السلطة لم يكن منتخبًا، لأن رئيس مجلس السلطة آنذاك هو صاحب الصلاحية في التشريع. 

وأوضح المحامي والخبير القانوني أن هذه الأبعاد السياسية تؤشر باتجاه حالة هروب إلى الخلف من أي استحقاق لإجراء انتخابات عامة قائمة، أو حتى إعادة صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي البقاء في "حالة هلامية" مصدرها اتفاق أوسلو بشكل مباشر، وتفريط بما تم إنجازه من خلال تشكيل السلطات الثلاث التي كانت نواة لتشكيل دولة فلسطينية.

 

#السلطة #قانون #أوسلو #الرئاسة #قرارات