شبكة قدس الإخبارية

شخصٌ واحدٌ قد يشعل الحرب اليوم أو يمنعها

maxresdefault
مصطفى بدر

لم تتوقف اقتحامات قُطعان المستوطنين تحت الحراسة الأمنيّة المشدّدة لباحات المسجد الأقصى، منذ صباح هذا اليوم، ولم يتّضح حتى الآن متى تنتهي أو إن كان لها نهاية، ولم يتوقف المرابطون والمرابطات ولو للحظة عن محاولاتهم في تحدي شرطة الاحتلال والتصدّي للمستوطنين والتشويش عليهم بما استطاعوا من قوّة، فيما لازالت القدس تغلي فوق بركانٍ يوشك على الانفجار في أيّة لحظة.

فالأزمة التي يمرّ بها رئيس الوزراء الإسرائيليّ "نفتالي بينيت"، والائتلاف الحكوميّ الهشّ الذي قد يسقط في أيّة لحظة، والمعارضة القويّة التي يقودها نظيره السابق "بنيامين نتنياهو" ضدّه في الكنيست ووسائل الإعلام، جعلتاه يقبل فعل أيّ شيءٍ -حرفيّاً- في سبيل الحفاظ على حكومته من الانهيار، وكسب أكبر قدرٍ من الأصوات في الانتخابات القادمة حال سقوط الحكومة التي يقودها، فلم يوفّر جهداً في توسيع الاستيطان في الضفة الغربيّة والقدس المحتلة متجاهلاً أيّ ردود فعلٍ دوليّة في ظلّ الظروف المتوترة على الساحة العالميّة حتى ومع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكيّ "جو بايدن" لفلسطين المحتلّة، حيث صادقت حكومته مؤخراً على بناء 4 آلاف وحدةٍ استيطانيّةٍ في الضفة الغربيّة، والاستعداد لتهجير ما يقارب 4 آلاف فلسطينيّ موزّعين على 12 قريةً في "مسافر يطّا" جنوبيّ الضفّة الغربيّة، إضافةً لزياراته الأخيرة لتجمعاتٍ استيطانيّةٍ في الضفة الغربيّة ضمن حملةٍ انتخابيّةٍ مبكّرة.

ولم تهدأ محاولات "بينيت" في إرضاء مستوطني اليمين المتطرّف عند هذا الحدّ، ففي ديسمبر من العام الماضي أعطى جيش الاحتلال الضوء الأخضر لجنوده بقتل مُلقي الحجارة، وارتفعت وتيرة اعتداءات المستوطنين الممنهجة على الفلسطينيين العُزّل في القدس والضفّة الغربيّة بحمايةٍ من الجيش وقوات الشرطة الإسرائيليّة بشكلٍ غير مسبوق، وخصوصاً في شمال الضفّة الغربيّة حيث تسعى حكومة "بينيت" لإرضاء المستوطنين عن طريق السماح لهم بالعربدة على الشوارع الخارجيّة بين المحافظات، والتظاهر بالقوّة داخل البلدات الفلسطينيّة مع الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم الخاصّة، والتي وصلت حدّ رشّ غاز الفلفل على الأطفال الرُّضّع كما حدث في قرية "بُرقة" قرب نابلس، وكذلك قتل الصحفيّة شيرين أبو عاقلة، والهجوم على جنازتها بأعنف الأساليب، واقتحام المستشفى الفرنسي في القدس والاعتداء على المرضى المتواجدين بداخله، والسماح بالاستفزازات اليوميّة لمشاعر المسلمين والمسيحيين من خلال الاعتداء على شعائرهم ومقدساتهم في القدس والخليل؛ كل ذلك في سبيل إرضاء الرأيّ العامّ الإسرائيليّ وللتغطية على الفشل الأمنيّ في مواجهة المقاومة الفلسطينيّة المسلّحة المتصاعدة في الضفة الغربيّة، والعمليات الفرديّة النوعيّة في عُمق الأراضي المُحتلّة، والتي وقفت جميع قوى الأمن الإسرائيليّ عاجزةً أمام منعها.

ومع الاتهامات التي طالت "بينيت" بالخضوع لفصائل المقاومة الفلسطينيّة وتهديداتها خلال الشهر الماضي، بعد أن غيّرت الشرطة الإسرائيليّة مسار "مسيرة الأعلام" في القدس والتي قادها عضو الكنيست اليمينيّ المتطرّف "إيتمار بن غفير"، ومنعت المستوطنين من الوصول إلى باب العامود والدخول للبلدة القديمة، فإن "نفتالي بينيت" قد وُضع بين نار تدنّي شعبيّته وسقوط حكومته وخسارته للانتخابات القادمة، ونار الحرب التي ستكون أكثر شدّةً وتدميراً من سابقتها "سيف القدس"، فبتصاعد تهديدات فصائل المقاومة في غزة وعلى رأسها حركة حماس للحكومة الإسرائيليّة، والتي كانت ذروتها أمس في الرسائل التي نقلها أحد أبرز قياديّي كتائب القسّام "محمد السنوار" عبر شاشة الجزيرة أول أمس في برنامج "ما خفي أعظم"، حيث حمّلت الحركة الاحتلال حدوث أيّ تصعيد في حال اشتدّت وتيرة الأمور في مدينة القدس، إضافةً لتهديداتها بعودة العمليّات التفجيريّة إلى مناطق الداخل المُحتلّ في حال اغتيال "يحيى السنوار" قائد الحركة في غزّة، والذي حمّلته حكومة الاحتلال المسؤوليّة المباشرة في التحريض على العمليّات الأخيرة، وهو بدوره اتّهم حكومة الاحتلال بسعيها لجرّ جميع الأطراف نحو حربٍ وصفها بأنها دينيّةٍ إقليميّةٍ شاملة في حال مساسها بالأقصى والقدس.

واليوم يسعى المستوطنون وحكومتهم فاشلين لإثبات سيادتهم على مدينة القدس، والتي لا يستطيعون المشي خطوةً واحدةً فيها دون كاميرات وطائرات وشرطة وجيش وحرس حدود وحواجز، ولا يستطيعون رفع علمهم أن يتملّك قلوبهم الخوف والهلع وقد صُمّت آذانهم بالتكبيرات والهتافات وهم ينظرون في عيون المرابطين والمرابطات وعيون الأطفال التي تخبرهم بأن 55 عاماً من الاحتلال والاستيطان والتهجير والتطهير العرقيّ والفيتو والتكنولوجيا العسكريّة والتطبيع والمؤامرات لم تجعلهم أكثر ولا أقوى، وباتوا مترقبين للسماء وللغضب التي قد يسقط منها على رؤوسهم، فيحرق كذبهم ودولتهم وكلّ أساطيرهم، فهل "بينيت" مستعدٌ لهذه الخسارة بعد أن سمح للمتطرّف "بن غفير" بدخول الأقصى وبعد أن تمكّن المستوطنون المتطرّفون من رفع العلم الإسرائيليّ في ساحات المسجد الأقصى وأداء طقوسهم التلموديّة؟ وهل سيسمح لمسيرة الأعلام بالوصول إلى البلدة القديمة؟ وهل سيتمكّن من الصمود المعركة التي ستنفجر في وجهه على مختلف الجبهات والأصعدة في كافّة أقطار فلسطين المحتلّة؟ سنرى قبل نهاية هذا اليوم..

#المقاومة #المسجد الأقصى #سيف القدس #مسيرة الأعلام #نفتالي بينيت #إيتمار بن غفير #محمد السنوار