ما بين عامي 2010 و 2013 كان هناك فرصة لامتلاك الفلسطينيين موارد تسليحية تمكنهم من تعديل الكفة في مواجهة نقطتين محوريتين في منظومة الاحتلال العسكرية، الطيران والدبابات، فخطوط الامداد وظروف المنطقة والتحالفات القائمة كانت تبدو سانحة نحو إحداث قفزة في تسلحهم بأدوات ملائمة للدفاع عن أنفسهم، وظيفة السرد التالي ليس تأريخ التطور العسكري للمقاومة او الحكم على معنى ما أعلنته بالامس، ولكن مراجعة تلك الفرصة والتطورات التي ازاحتها والتي عنت حرمان الفلسطينيين من أدوات منع المجزرة الاسرائيلية المستمرة بحقهم.
في حرب شتاء 2008 كانت بداية استخدام المقاومة الفلسطينية لأسلحتها ضد طائرات العدو تحت مسمى "الدفاع الجوي"، وكانت الأسلحة المستخدمة هي تلك التي تم إدخالها مع السلطة بموجب اتفاقية أوسلو، رشاشات ثقيلة من نوعي "دوشكا" و "14 ونصف" حسب التسمية السائدة فلسطينيا، والنتائج لم تكن مبشرة.
لاحقا بعد نهاية هذه المواجهة اختفت التسمية وإن كانت محاولة استهداف طيران الاحتلال استمرت في حربي العام 2012 و2014، واستخدمت فيها صواريخ محمولة من الجيل الأول تنتمي لصناعات سوفيتية من ستينات وسبعينات القرن العشرين، وبغض النظر عن الأنباء حول نتائج هذا الاستهداف، فإن المقاومة منذ العام 2013 وارتباطا بما لحق بخطوط إمدادها بالسلاح وقفت عند عتبة فارقة تتعلق بالتسليح، فحسبما أثبتت التجربة خلال مواجهات 2012، و2014، و2021، استمر سلاحها الصاروخي وقدراتها على اكثر من صعيد في التنامي، ويمكن القول انها وصلت في هذا الجانب لما تريده على مستوى المدى والعدد والقدرة التفجيرية لصواريخها، وإن كانت لا زالت تفتقد للصواريخ الدقيقة/ الموجهة او النقطية.
ولكن في الوجوه الرئيسية لتفوق العدو ناريا، وهي قدرة سلاح جوه على التدمير الواسع، وقدرة دباباته على اجتياح الأرض استمرت المعضلة. والتي يمكن تحديدها في التالي:
عدم وجود العدد الكافي من مضادات الدروع، وهنا المقصود آلاف من مضادات الدروع ، اي وجود ما يكفي لمقابلة كل دبابة اسرائيلية بعدد من المقذوفات واكثر من جهازين للاطلاق، بما يمنح مقاتل المقاومة الفرصة للتدرب واستهلاك ذخيرة حقيقية مضادة للدروع من الاجيال الأكثر حداثة وفعالية "بالتأكيد ليس b7"، وفي الحرب امتلاك أكثر من فرصة للتسديد على دبابة العدو، وتحويل أي اجتياح مدرع لفرصة لتدمير طوابير وكتائب مدرعة بأكملها، وبما يعنيه هذا من فقدان اسرائيل لأي ميزة لقواتها المدرعة، وأكثر من ذلك شطب خيار الاجتياح والتوغل من خططها، وانهاء أي تخيل للمبادرة الهجومية على قطاع غزة، وأكثر من ذلك اخراج هذا السلاح الحيوي اسرائيليا من دائرة الأهمية، وبالنسبة للقطاع اكتسابه لحصانة دفاعية شبه كاملة فيما يتعلق بالاجتياح البري، وقدرة على مبادرات هجومية اكثر طموح و اوسع نطاق.
أما فيما يتعلق بمواجهة الطيران الإسرائيلي، فعتبة العام 2013 كانت وجود عدد محدود للغاية من نماذج المضادات الجوية المحمولة كتفا، والتي تبدو فرصها في اسقاط طائرات الاحتلال المقاتلة أو مروحياته ضئيلة، فيما ترتبط هذه الفرصة في وجود عدد معقول نسبيا من مضادات الجوية حديثة محمولة كتفا"مثل تلك التي تم تزويد اوكرانيا بها"، او تعمل استنادا لقواعد إطلاق بسيطة، وهو ما لم يتم الإعلان عن تحقيقه حتى اللحظة.
منذ العام 2013، قتلت اسرائيل أكثر من 6 آلاف فلسطيني من أبناء قطاع غزة، وأصابت عشرات الآلاف من الغزيين بجراح، ودمرت معظم بنيته التحتية، واكثر من 50 ألف وحدة سكنية.