شبكة قدس الإخبارية

تجميد عضوية دولة الاحتلال في "الاتحاد الإفريقي" على طريق الطرد النهائي

القمة-الإفريقية
محمود العجرمي

لم تزل دولة الاحتلال تعيش عُقدتها المركبة الخاصة بشرعية وجودها على الوطن الفلسطيني المغتصب، وهي تحاول منذ تأسيسها غير الشرعي عام 1948، كسر حاجز العزلة الذي لم يزل ممتداً منذ ذاك التاريخ الأسود حتى يومنا هذا.

وقد حاولت فرض هذه الشرعية بالقوة المسلحة الغاشمة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وهي التي قامت بعدوانات لم تتوقف ضد الشعب الفلسطيني في محاولات بائسة ويائسة وبالمجازر لإبادته عرقيا وفرض سياسة الترانسفير والتهجير القسري على مدار 73 عاما ونيف دون جدوى.

وتعمل جاهدة وبشكل علني على تطوير علاقاتها العربية منذ توقيع اتفاقات "أبراهام التطبيعية" بعد أن امتدت هذه العلاقات لعقود تحت الطاولة بإسناد العراب البريطاني الذي أقام الكيان الصهيوني، وعمل على بناء قواعد آمنة لمناطق عازلة لحمايته منذ أن وضعت الحرب أوزارها عام 1945 بتشكيل جامعة الدول العربية.

وقد لعبت الجزائر دوراً محورياً في مواجهة قرار اتخذه موسى فكي محمد رئيس مفوضية "الاتحاد الإفريقي" حين وافق على منح كيان الاحتلال صفة مراقب بشكل منفرد في الهيئة المكونة من 55 عضواً وهو قوام هذه المنظمة القارية.

ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن الكيان الصهيوني سبق وأن كان يملك صفة العضوية المراقبة حين كانت إفريقيا تعمل تحت مُسمى "منظمة الوحدة الإفريقية" التي تأسست عام 1963 ولكن دولاً عربية وإفريقية عدة ومن بينها ليبيا والجزائر ودولة جنوب إفريقيا عملت متحدة لإخراج دولة العدو من هذه المنظمة عندما بدأت تحمل مُسمى "الاتحاد الإفريقي" تيمناً بالاتحاد الأوروبي وذلك في 9 تموز 2002 في قمة ديربان في دولة جنوب إفريقيا ولا بد من ذكر حقيقة أنه كان لليبيا الدور البارز في حسم طرد هذا الكيان العنصري الصهيوني كما جرى مع نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا حين عُزل وسَقط عام 1994.

وكانت القمة الإفريقية التي عُقدت في أديس أبابا في 6 شباط الماضي قد علقت عضوية دولة العدو، وهو القرار الذي لم يناقش أصلاً في اجتماعات الاتحاد وذلك في آب أغسطس 2021 الماضي، وقد قررت القمة في هذا الصدد إنشاء لجنة من 7 رؤساء دول إفريقية لتقديم توصية لقمة "الاتحاد الإفريقي" القادمة والتي تظل القضية قيد نظرها.

وقد رحبت جامعة الدول العربية بالقرار الذي اتخذته القمة الإفريقية بتجميد العضوية لدى الاتحاد الإفريقي معتبرةً ذلك خطوة تصحيحية تأتي اتساقا مع المواقف التاريخية "للاتحاد الإفريقي" الداعمة دوماً لنضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والمناهضة للاستعمار والفصل العنصري الذي عانت منه دول إفريقيا على مدار عقود متصلة وفقدت فيه مئات آلاف الضحايا ولم تزل تمتد آثارها فصولاً حتى الآن.

جدير بالذكر أن مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري كان قد أدان في 9 أيلول 2021 وبالإجماع قرار رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي باستلام أوراق اعتماد سفير الكيان الصهيوني لدى اثيوبيا كمراقب للاتحاد.

وقد تابعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هذا التطور منذ وقوعه وأدانته، وأثنت في عديد البيانات على الدور البارز الذي لعبته الشقيقة الجزائر والموقف التضامني الحازم لدولة جنوب إفريقيا الصديقة لحصار استمرار هذه العضوية المراقبة والتي جاءت وكأنها مُكافأة لدولة الاحتلال على ممارساتها غير القانونية بحق الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي رحبت فيه حركة "حماس" بقرار القمة الإفريقية ودعت اللجنة السباعية المكلفة ببحث هذا الموضوع إلى " الانتصار لقيم الإتحاد الإفريقي القائمة على رفض الاحتلال والتمييز العنصري وتأييد حق الشعب الفلسطيني في انتزاعه لحقوقه وتقرير مصيره"، كما ثمنت الحركة مواقف وأدوار كل الدول الإفريقية التي تحركت ضد تمرير قرار منح الاحتلال صفة مراقب ورأت أن هذا الأمر يؤكد انسجامها مع مبادئ هذه المنظمة العريقة، واستمرارها في دعم حقوق شعبنا المشروعة.

ويمكن القول إن تجميد العضوية المراقبة للكيان الاحتلالي جاء ضربة نجلاء لجهود استمرت لعقدين من الزمان، حاولت فيها "تل أبيب" ترميم علاقاتها مع 46 دولة إفريقية تمكنت من خلالها من إقامة شراكات على نطاق واسع في مجالات أمنية وعسكرية وتجارية التي تقتضي العمل الحثيث وبذل كل الجهود الممكنة عربياً لوقف هذا التداعي الخطر وانعكاساته على المصالح الحيوية العربية والفلسطينية ولقد جاءت ارتدادات هذا التجميد صادمة لحكومة دولة العدو، وقد كان وزير خارجية الاحتلال "يائير لابيد" قد صرح حين أعلن رئيس المفوضية منح العضوية المراقبة بقوله "هذا يصحح الوضع الشاذ الذي كان قائماً منذ عشرين عاماً، ويشكل خطوة مهمة لتعزيز أنشطتنا المختلفة في القارة الإفريقية".

وكان لافتاً أن الدولة العربية الوحيدة التي أيدت منح دولة الاحتلال العضوية المراقبة في الاتحاد الإفريقي هي المملكة المغربية ولم تزل عند موقفها هذا رغم أن عديد دول القارة السمراء تتخذ موقفاً مغايراً لعزل كيان العدو ومنع عودته إلى القارة!

وكان قرار "الإتحاد الإفريقي" قد ترك أثراً إيجابياً عميقاً لدى حلفاء الشعب الفلسطيني فقد أكدت الجمهورية الإسلامية في إيران "دعمها لهذا القرار الصائب والحكيم، وأن القضية الفلسطينية، قضية لا يمكن المساس بها لكل أحرار العالم".

واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيراني سعيد خطيب زاده أن هذا القرار "رسالة كبرى إلى كل الذين تحركوا بسوء حسابات في مسار تطبيع علاقاتهم مع الكيان المصطنع والغاصب للقدس."

ولا بد من التأكيد هنا أن مسيرة تثبيت قرار تجميد عضوية دولة الاحتلال في "الاتحاد الإفريقي" على طريق الطرد النهائي تحتاج لجهود جبارة لدعم الموقف المبدئي والثابت لكل من جنوب إفريقيا والجزائر اللتين تقودان حملة متصاعدة بدعم عدد لا بأس به من الدول العربية والإفريقية من أجل التصويت على إزالة الكيان العنصري خلال اجتماع المجلس التنفيذي " للاتحاد الإفريقي" في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بحضور رؤساء الدول الإفريقية حيث يتعين الحصول على ثلثي الدول الأعضاء لإنجاز هذا الهدف النبيل.

#الاتحاد_الأفريقي