نعلم جميعا أن مقاومة الشعب الفلسطيني وسلاحها تشكل العدو رقم "1" للكيان الاحتلالي الغاشم على الأرض الوطنية الفلسطينية.
كما أنها على رأس أولويات جيش العدو، وأنها كانت ولم تزل هدفاً لعملياته العسكرية، وأنه دوما كان ينتظر الفرصة السانحة للقيام بعدواناته على فصائل المقاومة، كان ذلك في الضفة المحتلة أو في قطاع غزة المحاصر.
والتطورات المتلاحقة التي نشهد اليوم في الضفة الفلسطينية تنبئ بأن القادم أعظم وأننا على أعتاب إرهاصات انتفاضة شعبية شاملة ستنتشر في سهول وجبال ضفة يعبد القسام.
المقاومة الباسلة في قطاع غزة ترقب من كثب وبحذر كل ما يجري في القدس وجنين ونابلس والخليل، وتشكل القدس ومسجدها الأقصى المبارك قبلة المجاهدين، يضعون أصابعهم على الزناد ويحثون الخطى لوضع حد لتغول سوائب جيش الاحتلال النازي وقطعان المستوطنين، وقد وعدوا وهم دوماً عند عهودهم بأنهم لن يسمحوا لجيش العدو بمواصلة جرائمه في حي الشيخ جراح وأن سيف القدس لم يُغمد ولن يُغمد ما بقي صهيوني واحد في فلسطين المحتلة.
وكما تقول صحيفة "هآرتس" العبرية، أن التوترات في أيار/مايو العام الماضي صدمت الاستخبارات الصهيونية حين فاجأت حماس جيش الاحتلال وقامت بقصف القدس وأن هذا قد يتكرر في أي لحظة وأن العد التنازلي قد بدأ فعلاً!
وتشير الصحيفة أن قيام الجيش بمحاولات إبعاد بن غفير عضو الكنيست الصهيوني وإغلاق مكتبه، وأن النجاح في ذلك سيكون إشارة قد تنزع الألغام رداً على رسائل حماس وفصائل المقاومة الأخرى عبر الوسيط المصري بأن تل أبيب تلعب بالنار وأن معارك "سيف القدس" 2 ستكون رد المقاومة الحاسم.
كما أن حكومة نفتالي بينت اليمينية الهشة لن تحتاج لأكثر من دَفعة متواضعة لتسقط، وهذا ما يُحاول فعله وسيستثمره هذه المرة رهط واسع من اليمين الصهيوني في المعارضة ممن لهم مصالح كبيرة في وضع الزيت على نار التوتر المتصاعد في حي الشيخ جراح وفي القدس عموماً.
محللون استراتيجيون صهاينة، وكما أشارت صحيفة "معاريف" يؤكدون، أنه رغم انشغال حركة حماس في تطوير قدراتها الصاروخية، وتركيزها على حفر الأنفاق في تجاوز لمعضلة الجدار الممتد فوق وتحت الأرض لأكثر من 65 كلم، إلا أنها جاهزة لكل الاحتمالات وقد خبرنا ذلك في مرات سابقة.
لقد كانت معركة سيف القدس "1" محطة فارقة في تاريخ الصراع حين أضحت القدس حجر الرحى ومركز العملية الكفاحية وعنواناً لوحدة الشعب وزحفه الذي لن يتوقف، وكان تحرك الجمع هادراً في غزة ونابلس وجنين ويافا واللد وأم الفحم والنقب وكان الشعب على قلب رجل واحد خلف مقاومتهم البطلة يمدونها بالرجال والمال والعمليات الاستشهادية والاشتباك مع جنود العدو في كل مدن وقرى ومخيمات الضفة والقدس وفرض شلل شامل كان أقرب إلى منع للتجوال، فأغلقت المطارات والموانئ وتوقف الاقتصاد والتعليم ونزل أكثر من 5 مليون مستوطن إلى الملاجئ.
وتقول التقديرات إن المعارك القادمة لن تكون ذات طابع عسكري ينطلق به مغاوير المقاومة في قطاع غزة العزة لِدك حصون ومستوطنات العدو فقط، وإنما ستكون متوازية مع تحرك شعبي عارم تزحف فيه جماهير الشعب لمواجهة المستوطنات في أركان ضفة العياش، وفي الداخل المحتل من فلسطين عام 1948، وما يجري من عمليات عسكرية يومية ومقاومة شعبية ومواجهات جماهيرية لعدوانات المستوطنين ليس إلا بداية الغيث الثوري، وستشكل انعطافة تقرب يوم الظفر الأكيد القادم.
ويواجه العدو، معارك أخري على جبهات عدة ولابد من قرءاة دقيقة ومتأنية لانتفاضة أهلنا في النقب الفلسطيني وهي تشكل تطوراً هاماً وغير مبسوق لحجم هذا النهوض الوطني العارم والمترابط مع نضال الشعب الفلسطيني الواحد في كل مكان.
كما أن جَذوة المقاومة المُتقدة يتصاعد أوارها في باستيلات ومعتقلات العدو، وهم يتصدون بصدورهم العارية ولحمهم الحي لبطش العدو وتنكيله ويعلنون أنهم يملكون خططاً لتطوير تحركاتهم، بِدأً بعصيان أوامر السجانين للعد اليومي، وللدخول إلى الزنازين، والإضرابات عن الطعام، والاشتباك مع السجانين، ويتابع الأسرى الإداريون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال لليوم 47 على التوالي مطالبين بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري تحت شعار: "قرارنا حرية"،
ويقف خلفهم كل الوطنيين من فصائل المقاومة وجموع جماهير شعبنا الفلسطيني في كل مكان.
معارك التحرير تجري على قدم وساق وقد بدأت المقاومة في التحرك على نحو موحد في الضفة الفلسطينية وهي تتمثل في الوحدة الميدانية خاصة وأن الكثير من العمليات تتم بالتنسيق فيما بينها وبتحديد المهام والمواقع كما يجري في جنين ونابلس رغم تآمر كلاب أثر السلطة الذين يمارسون سقوطاً وطنياً في تآمرهم على رجال المقاومة البواسل وآخرها استشهاد أبطال نابلس الثلاثة بتخطيط من ضباط الأجهزة الأمنية المجرمة وتنفيذ وحدة "اليمام" الخاصة الصهيونية.
وهكذا فإن شعبنا الفلسطيني المرابط وعلى امتداد ساحات الكفاح وميادين المقاومة يرفع الصوت عالياً موجهاً رسائل واضحة لكل المتخابرين المتآمرين بأن ساعة القصاص قادمة وأنه سيرد على كل جرائمهم وأن اعتقالات رجال المقاومة والنشطاء في بيتا، وبيت دجن، وبرقة، وبيت فوريك، ومدينة نابلس، والخليل، ورام الله لن تفت من عضدهم بل ستزيد نار الانتقام وستشعل الأرض تحت أقدامهم وأسيادهم المحتلين.
فصائل المقاومة تدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن وحدتها الميدانية وتنسيق مهامها وإعلان التعبئة العامة في صفوفها وقيادة الجماهير نحو أهدافها، بات ضرورة قصوى لردع إرهاب جيش الاحتلال ومستوطنيه، فلا سبيل غير ذلك لشل يد العدو ووقف جرائمه التي ارتكبها ولم يزل في جنين ونابلس خلال الساعات والأيام الماضية.
إن ما يجري في الضفة المحتلة وتحديداً منذ معارك تموز المجيدة عام 2014 وسيف القدس وكذلك المواجهات العظيمة على مدار الأشهر الماضية والمتصاعدة حتى الغد، إنما هي انعكاس لوحدة الشعب الفلسطيني وتكافُلِه الكفاحي، كما جرى منذ أسابيع في برقة، وقبل ذلك في بيتا ومؤخراً في السيلة الحارثية وحي الشيخ جراح.
وغزة لن تسمح للعدو بالاستفراد بحي الشيخ جراح، ولن ينجح في فرض أجندته هناك، وما بعد معارك سيف القدس لن يكون كما كان قبلها.