رام الله - متابعة قُدس الإخبارية: كشف تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في السلطة الفلسطينية، عن مديونيات عالية تتكبدها الهيئة العامة للبترول ومخالفات قانونية وإدارية، بعد إجراء فحص على المديونية (التزامات) الهيئة لصالح الغير، ومشتريات ومبيعات الهيئة من المحروقات والغاز والمشتقات الأخرى، والسقوف الائتمانية الممنوحة لمحطات المحروقات من هبل الهيئة، وأرصدة وحسابات الذمم (المدينة والدائنة) وأرصدة المخزون الدفتري والتسويات البنكية، والمكوس الناتجة عن مشتريات المحروقات والغاز، وإجراءات الهيئة في منح تراخيص محطات المحروقات.
وأشار التقرير، إلى أن المديونيات (الالتزامات) على الهيئة العامة للبترول، 1,836,520,715 مليون شاقل، حتى تاريخ 31/12/2019، موزعة على النحو التالي: 1,099.413,840 للبنوك والمؤسسات المالية، و737,106,875 للشركات الموردة للمحروقات.
وأضاف أن مبلغ 100 مليون شاقل ترتب على المديونية المستحقة على الهيئة، خلال العامين (2018 - 2019)، نتيجة حصول الهيئة على تسهيلات من البنوك والمؤسسات المالية وعدم التزام الهيئة بتسديد مشترياتها من المحروقات، خلال فترة الائتمان (35) يوماً لصالح الشركات الموردة، وقال الديوان إنه "لا يوجد أي بيانات متوفرة حتى تاريخ التدقيق عن تفاصيل جميع مبالغ الفوائد المستحقة لصالح شركة (ب)، للعامين 2018 - 2019".
ومن بين المخالفات التي رصدها التقرير، "وجود كميات فاقد في مخزن نعلين ونقطة التفريغ في غزة، خلال عام 2019، بالإضافة إلى وجود فروقات بين كميات المشتريات المسجلة على برنامج بيسان، من الشركات الموردة وكميات المحروقات الموردة في المصادقات لعام 2019"، وأشار إلى "عدم تثبيت رصيد الجرد على برنامج بيسان وتسوية أرصدة البضائع لجميع المستودعات، كما لم تقم الهيئة بجرد مستودعات الغاز في نعلين لعامي 2018 - 2019).
وفي حالة أخرى، كشف الديوان أن الهيئة "جدولت الديون المستحقة على محطة (ف)، دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل حقوق الهيئة المستحقة على هذه المحطة، البالغ قيمتها (1,937,058) شاقل، وغياب الضمانات اللازمة لتحصيل هذه المديونية"، وأضاف أنها "لم تأخذ في عين الاعتبار وجود شبهات فاسدة تخص مالك المحطة، والموضحة في تقرير الديوان حول أعمال الهيئة، الصادر عام 2013، الأمر الذي أعطى غطاء قانونياً من الهيئة لإعادة فتح المحطة المذكورة، بعد أن كانت مغلقة دون وجود ضمانات، مع تأكيد الديوان بأن المحطة المذكورة تتعامل ببيع المحروقات المهربة".
وفي إطار آخر، قال التقرير إنه "لا يتوفر قانون أو نظام خاص ينظم عمل الهيئة"، وأضاف أنه "تم إقرار مشروع قانون الهيئة بالقراءة الثانية، في عام 1997، ولم تتم المصادقة عليه حتى تاريخه"، واعتبر أن غياب القانون الناظم "يجعل الهيئة تقوم بالمهام المنوطة بها، بشكل غير منظم ومبني على اجتهاد الموظفين، مما يشوب عمل الهيئة الكثير من الأخطاء والخلل".
وكشف أن "الهيئة لا تقوم بإصدار تقارير شهرية، حول نتائج أعمالها، لمتخذي القرار والجهات المسؤولة عن التخطيط ومراقبة الوضع المالي الحكومي"، وقال إنه "بما أن الهيئة تمارس أعمالاً تجارية تختلف بطبيعتها عن الخدمات الحكومية، فلا بد من إصدار تقارير شهرية، تبين المركز المالي ونتائج الأعمال والتدفقات النقدية، بشكل شهري، لقياس الأداء المالي للهيئة، ووضع متخذي القرار بصورة الأعمال الشهرية".
وأشار التقرير، إلى أن الهيئة "تتأخر في ترحيل فواتير مشتريات المحروقات في سجلاتها المحاسبية"، واعتبر أن هذا الأمر "يؤدي إلى التأخر في اكتشاف الأخطاء وضياع الأموال على الهيئة".
وأضاف أن الهيئة "لم تقم بعمل تسويات شهرية لمشترياتها، من شركة (ب) الموردة للمحروقات والغاز، الأمر الذي قد يؤدي إلى وجود أخطاء في فواتير المشتريات يصعب اكتشافها، مما يحمل الهيئة تكاليف وأعباء مالية، بالإضافة إلى أنه لا يوجد تأكيد بشأن صحة المبالغ المالية كالتزامات على الهيئة لصالح الشركة".
وكشف التقرير أن الهيئة تتكبد خسائر مالية عالية نتيجة "اختلاف كميات المحروقات المسحوبة عن الكميات المطلوبة، حيث تقوم الهيئة بسحب كميات من المحروقات بنسبة تتجاوز الحد المسموح به، من الطلبيات الشهرية في بعض الأشهر (+7%)، في حين لم تقم بسحب الحد الأدنى للكميات المطلوبة في أشهر أخرى (- 7%)".
وفي التفاصيل، أشار التقرير إلى "قيام الهيئة بتجاوز النسبة المسموح بها (+7%) بالزيادة أو النقصان للكميات الموردة، مقارنة بالكميات الشهرية المطلوبة لبعض أصناف المحروقات من إحدى الشركات الموردة للمحروقات، في حين لم تتجاوز النسبة المسموح بها (بالزيادة أو النقصان) من الشركة الأخرى بل لم تقم بسحب الحد الأدنى".
وتابع: "تكبدت الهيئة مبالغ بقيمة (5,106,762) شاقل، خلال الأعوام (2017 - 2019)، بدل غرامات ناتجة عن فروق في الأسعار لصالح الشركات الموردة للمحروقات".
وفي السياق، كشف أن الهيئة "لم تقم بإعداد الدراسات الشهرية اللازمة لمشتريات الغاز، بحيث تراعي الشروط الواردة في الاتفاقيات الموقعة مع الشركات الموردة للغاز (شركة ب، وشركة ب.ا)، والتكاليف التي تتحملها الهيئة بالمقارنة مع هذه الشروط"، وأضاف أن "الهيئة تكبدت فروق أسعار الغاز في بعض الأشهر من عام 2019، بسبب عدم سحب كامل كمية الغاز المحلي من شركة (ب. ا) لتوفير الكميات المطلوبة للمحطات، حيث تم سحب كميات من الغاز المستورد من شركة (ب) بسعر أعلى، بالإضافة لوجود تجاوز في الكمية المطلوبة من شركة (ب)، مما أدى لارتفاع تكاليف الغاز على الهيئة".
وجاء في التقرير، أن الهيئة "لم تتحقق من حصص الشركات الموردة من الغاز المحلي، للتأكد من توريد كامل حصة الهيئة العامة للبترول من الغاز المحلي، الأمر الذي قد يحمل الهيئة أعباء مالية إضافية، نظراً لارتفاع سعر الغاز المستورد بالمقارنة مع سعر الغاز المحلي في معظم أشهر العام".
وكشف أن "السقوف الائتمانية الممنوحة من الهيئة لمحطات المحروقات غير معتمدة من الجهات ذات الاختصاص"، وأضاف أنها "لا تراعي الملاءة المالية لتلك الشركات، بالإضافة لعدم امتلاك الهيئة للضمانات الكفيلة بحفظ حقوقها في حال تعثر المحطات عن سداد التزاماتها تجاه الهيئة، حيث تقوم بمنح سقوف ائتمانية (فترة سماح) لمحطات المحروقات بقيم مالية مختلفة، يصل بعضها إلى 25 مليون شاقل (أعلى سقف ائتماني تم منحه لمحطة)".
وتابع أن "الهيئة منحت شركة (م.ل.ط) سقف ائتماني يتجاوز (1,800,00) شاقل، اعتباراً من شهر آب 2019، رغم تعامل الشركة المذكورة بموجب الدفع النقدي بشأن شراء الغاز، وذلك خلافاً لقرار مجلس الوزراء رقم (20/197/17/م.و/ر.ح) لعام 2018، بشأن التسديد النقدي لثمن المحروقات ليشمل محطات الوقود كافة".
وجاء فيه أن "الهيئة زودت بعض المحطات التي يتم التعامل معها بشكل نقدي، من خلال شيكات آجلة، قبل تحصيل قيمة هذه الشيكات في حسابات الهيئة، والتي تتعلق بمبيعات الهيئة لهذه المحطات، خلافاً لسياسة الهيئة، في التعامل مع هذه المحطات على الأساس النقدي، الأمر الذي يعرض أموال وحقوق الهيئة لمخاطر عدم التحصيل".
وأضاف أنها "زودت بعض المحطات بالمحروقات، رغم رجوع أو سحب شيكاتها، الأمر الذي أدى إلى تجاوز السقوف الائتمانية الممنوحة لبعض الشركات، وتراكم رصيد الذمم المدينة المستحقة على بعض المحطات، ومخاطر تعثرها وعدم سدادها للشيكات المستحقة عليها، وبالتالي إهدار المال العام وتكبد الهيئة فوائد إضافية نتيجة اللجوء للاقتراض والجاري مدين".
كما كشف عن "تكبد الهيئة فوائد مرتفعة نتيجة السياسة التي تتبعها، في السماح بتراكم مديونيات على المحطات، ثم إعادة جدولة بعض الشيكات المرتجعة، مما يرفع أرصدة الجاري مدين الممنوح لها من البنوك بمبالغ الشيكات المرتجعة، حيث يتم إعادة جدولتها لفترات لاحقة".
وفي السياق، تطرق التقرير إلى ما أسماه (رصيد الشركة د)، وقال إن "عدم صحة رصيد الشركة (د)، على برنامج بيسان الحكومي، يشير إلى عدم دقة التسجيلات المحاسبية، بالإضافة على عدم صحة التقارير الصادرة عن الهيئة العامة للبترول، حيث أن رصيد الشركة على البرنامج مضخم، ولا يظهر الرصيد الفعلي"، وكشف عن "وجود فروق بمبلغ (265,592,741) شاقل بين رصيد ذمة الشركة الوارد في المصادقة المقدمة منها، والرصيد المثبت على برنامج بيسان"، وقال التقرير إنه "لم يتم تزويد الديوان بأسباب ومبررات الفروقات، ولم يتم مراجعة التسجيلات منذ عام 2011 وحتى تاريخ التدقيق، نتيجة ضعف الإجراءات الرقابية على التسجيلات في الهيئة".
وأشار إلى أن الديوان "يتحفظ على رصيد ذمتي شركتي (د) و(د.أ.ا) المثبت على برنامج بيسان).
وفي سياق آخر، قال التقرير إن الهيئة "لم تجدد رخص تشغيل محطات المحروقات منذ تاريخ منحها من قبل الهيئة، علماً أن المادة (11) من قرار مجلس الوزراء رقم (17) لعام 2008، بشأن نظام التراخيص الصادرة عن الهيئة العامة للبترول، قد تناولت إجراءات تجديد رخص التشغيل، والتي تشترط لتجديد الترخيص حصول المستفيد على براءة ذمة من الدائرة المالية في الهيئة العامة للبترول، حيث لا تتخذ الهيئة الإجراءات الكفيلة لضمان التزام المحطات الوقود والغاز بتجديد رخصها".
وفي ذات السياق، أضاف أن "الهيئة تمنح تراخيص لبعض المحطات، وتوافق على نقل بعضها، خلافاً لأحكام نظام التراخيص بشأن الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على الترخيص، من حيث قيام صاحب العلاقة بتقديم طلب خطي ودفع الرسوم المطلوبة لذلك، ودراسته من قبل اللجنة الفنية للتحقق من تناسب الموقع المقترح لإقامة المحطة مع الشروط المعتمدة، وتقديم تقرير بذلك للجنة التراخيص لاتخاذ القرار بشأن منح الموافقة الأولية لإنشاء المحطات أو رفضه"، وأكدت أن "الهيئة منحت رخص تشغيل لبعض المحطات، دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في النظام، وفرض سياسة الأمر الواقع المتمثلة بإنشاء وتشغيل بعض المحطات المخالفة".
وكشف التقرير، عن عدم تسوية ومطابقة التسجيلات على حساب وسيط (تحصيلات غزة - بترول)، رغم تخفيض ذمم بعض محطات المحروقات بشكل وهمي في الحساب الخاص بالتحصيلات، في العام 2010، وقال الديوان إنه "كشف عنها في التقرير الصادر عام 2013"، حيث تم استغلال هذا الحساب في تخفيض مبلغ 16,417,135 شاقل على بعض محطات المحروقات في الضفة، بشكل وهمي.
وختم التقرير، أن "الهيئة العامة للبترول ووزارة المالية، ردت على الملاحظات الواردة فيه، وتم الأخذ بجزء من التوصيات، وتقديم تبريرات بشأن الملاحظات".