اعتاد الفلسطينيون في الداخل، في سنوات الثمانينيات ومطلع التسعينيات، خصوصًا في المعارك الانتخابية للكنيست الإسرائيلي، على لسان الأحزاب العربية، رفض أي مفاضلة بين الحزبين الحاكمين في "إسرائيل": المعراخ (أي تحالف حزب العمل) والليكود، واختصار ذلك بمقولة "سمور أخو حمور" للدلالة على عدم وجود فارق جوهري بين الحزبين في سياستهما تجاه فلسطينيي الداخل.
ويبدو أنه هذا ما سيكون عليه الحال في حال بيّنت النتائج الرسمية الأميركية فوز الديمقراطي جو بايدن، وجرت مراسم نقل السلطة بسلاسة من دون أن تدخل الولايات المتحدة في حالة فوضى يلمح إليها الرئيس دونالد ترامب. فقد استعاد مؤيدو بايدن وحتى أنصار ترامب، في "إسرائيل"، فضائل جو بايدن على "إسرائيل" والتزامه العميق بأمنها وتفوقها العسكري، وتصويته لجانب نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة في تسعينيات القرن الماضي، كما استعادوا تصريحه المشهور بأنه لو لم تقم إسرائيل لكان على الولايات المتحدة إقامتها.
لكن هذه الاستعادات، مع تقاليد الداخل الفلسطيني في وصف الليكود والمعراخ واختصار الفرق بينهما بـ"سمور أخو حمور"، تثير قلقًا مما يبدو أنه مراهنة فلسطينية جديدة على بايدن، لدرجة نقل مصادر ومسؤولين فلسطينيين، بحسب تقارير إسرائيلية (هيئة البث العامة "كان" وناحوم برنيع في يديعوت أحرونوت) رسائل لأطراف أوروبية ومنها للولايات المتحدة، أن السلطة ستكون مستعدة في حال فوز بايدن، لإعادة التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، بل وحتى العودة لاستلام أموال المقاصة والضرائب التي تجبيها إسرائيل للسلطة حتى قبل أن تتضح معالم وتوجهات جو بايدن، ومواقفه مما كرسه ترامب لصالح دولة الاحتلال، وهل سيتراجع عنها أم سيبقي عليها.
وتعني هذه الرسائل، وهذا الميل، أن السلطة الفلسطينية جاهزة لتقديم تنازلات، حتى قبل أن تعرف المقابل، الأميركي، بما يعني عودة إلى نهج الرهان على الإدارة الأميركية الجديدة، من دون أسس واقعية، على غرار رهانها الذي لم يتوقف لليوم على ما كان يسمى باليسار الإسرائيلي، والجنرال بني غانتس حتى بعد أن أعلن تأييده وقبوله لخطة ترامب ثم انضم لحكومة بنيامين نتنياهو.
صحيح أن القيادة الفلسطينية الرسمية قطعت علاقتها بإدارة ترامب، لكنها في المقابل لم تقدم خطة حقيقة لمواجهة صفقة القرن، ولا بالتقدم بشكل فعلي في ملف المصالحة، وقد تجد نفسها غدا في رهانها على بايدن، مطالبة بتقديم "الوحدة الوطنية" كبادرة حسن نية جديدة.
المصدر: عرب 48