تحيل التقارير بشأن الحزام الصناعي الجديد الذي تعتزم دولة الاحتلال إقامته على أراضي قريتي شوفة وجبارة (قضاء طولكرم)، وربطه بأراضي مدينة الطيبة في المثلث، بشكل تلقائي إلى حزام صناعي استيطاني آخر قريب من المكان نفسه الذي تسميه دولة الاحتلال متنزه "نيتسني شالوم"، (براعم السلام)، فيما يطلق على المستوطنة الأصلية التي يتبع لها هذا المتنزه اسم "نيتسني عوز"، وتعني "براعم الشجاعة".
وتأتي الإحالة لمن يعرف الطبيعة الجغرافية للمنطقة المتاخمة للداخل المحتل من جانبيه، لتتجه أيضاً شمالاً إلى منطقة وادي عارة، حيث أقام الاحتلال بداية، في الثمانينيات، مستوطنتي "كتسير وحريش"، على جانبي الحد مع الداخل المحتل، أو ما يُسمى -الخط الأخضر-، وفق مخطط شارون المعروف بمخطط النجوم السبع، وغايته محوه كلياً وطمس معالمه ببلدات تقع على طرفيه، للدلالة على صعوبة الانسحاب منها لاحقاً.
والإحالة إلى وادي عارة من طرفنا هي للتأشير إلى منطق احتلالي جديد، يقوم على ترسيخ حزام استيطان صناعي يشرك فيه، بغير إرادتهم، سكان فلسطينيون من الداخل عبر اتباع أراضيهم المتاخمة للحدود الشرقية من "خط التماس"، بحزام استيطاني صناعي هجين، فيه أراض لفلسطينيين من الداخل، وأراض فلسطينية منهوبة لصالح المستوطنات، وقوى عاملة من الفلسطينيين في الضفة بما يخدم الاحتلال ويكرس مناطق رمادية بين ما قبل النكبة والرابع من يونيو/ حزيران وما بين ما بعد النكسة واحتلال الضفة عام 1967.
لكن الإحالة لا تقف هنا عند تشويه سرقة الأرض وطمس معالمها، إذ أقامت دولة الاحتلال 17 منطقة صناعية في الضفة تقوم على ما لا يقل عن 7000 دونم تمت مصادرتها بطرق مختلفة، لا يُستغل منها فعلياً للصناعة أكثر من 40 في المائة لكن الإعلان عنها كلها مناطق صناعية يكرس إبقاءها بأيدي دولة الاحتلال، كمحرك اقتصادي لجلب الصناعات والشركات إلى مستوطنات الضفة المحتلة، وعلى أثرها المستوطنين للسكن والعمل فيها، بعدما ذهبت الحاجة إلى شعار حكومات الاحتلال في أوائل التسعينيات، "أعمل في تل أبيب وأسكن في أريئيل".
هذا النشاط الاستيطاني يؤكد أن عقيدة "الضم"، سواء كان معلناً أم لا، إلى زوال، بل إن الأنكى من ذلك أن يروج الاحتلال لاحقاً بأن هذه "الأحزمة الاستيطانية الصناعية" هي معاقل للتعايش الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن تسرق الأرض من أصحابها وتحولهم إلى أُجراء فيها تحت رحمة الاحتلال.